"أحمد شكري" فنان سوري نال شهرة كبيرة في سوريا والوطن العربي لما تمتع به من مؤهلات موسيقية عالية وخامة صوتية مميزة.
وقدم الكثير من الأعمال الموسيقية الغنائية كالـ"النوبات الأندلسية" و"الموشحات" و"القدود الحلبية" و"المدائح المولوية".
وغنى جميع القوالب الموسيقية قبل أن تضطره الحرب للجوء إلى تركيا، حيث تابع تجربته الفنية، وشارك في الكثير من الحفلات في العديد من المدن التركية.
نشأ "أحمد شكري" في حلب وتعلّم فيها منذ الصغر أصول الموسيقى والغناء، حيث كان والده يصطحبه –كما يروي لـ"زمان الوصل" إلى حفلات الفنان الحلبي المعروف "محمد خيري" الذي تأثر به كثيراً وأخذ منه فن الموال، كما تأثر بفناني الرعيل الأول كالفنان "محمد أديب الدايخ" الذي أخذ منه فن القصيدة، وفن المديح (الموشح الديني) من الفنان "صبري مدلل"، ومن الفنان الشيخ "عبد القادر حجار" "الموشح الدنيوي".
وكان -كما يقول– يسمع كثيرا لصباح فخري وأبو سلمو ومصطفى طراب، ولكنه تمكن -كما يؤكد- من أن يختط لنفسه طريقاً خاصاً به وشخصية فنية مختلفة عمن قبله، وأخذ أفضل ما عندهم ليقف على أرض راسخة وتعلم فيما بعد أصول الغناء والتلحين، فالغناء –كما يبين– ليس مجرد صوت فحسب بل هو مقومات.
ويجب أن يبني الفنان عليها بشكل علمي ومدروس في مجال المقامات والقوالب الموسيقية.
مع بداية الأحداث انشق الفنان الحلبي عن نقابة الفنانين، والتحق بالثورة السورية حيث غني في المظاهرات التي شهدتها حلب آنذاك، وغنى ثلاث أغنيات وهي "غربونا" و"يا جامع الكبير" و"يا أطفال العالم شوفوا أطفال بلادي".
وتعرّض جّراء ذلك للكثير من المضايقات والشتائم والسباب، وتلقى العديد من رسائل التهديد على خلفية تعاطفه مع الثورة حتى أنه -كما يؤكد- تعرض لمحاولتي اغتيال ومنع من الحصول على جواز سفر مما اضطره -كما يقول- لترك البلاد والدخول إلى تركيا تهريباً.
وأشار محدثنا إلى أن الحرب الضروس التي فرضت على سوريا، وما حدث فيها من دمار وقتل وتهجير وتشريد وهدم للمساجد وجميع أصناف الحرب القذرة على السوريين فرضت عليه كأي إنسان سوي أن يتخذ موقفاً يليق به كفنان وإنسان تجاه إنسانيته وشعبه وأهله.
وكان عليه أن يخرج من سوريا ليستطيع تقديم شيء لهذه الثورة وللشعب المظلوم من خلال فنه وبعد انتقاله إلى تركيا وإتقانه للغة التركية قدم العديد من الأغاني ومنها أغنية "شكراً تركيا" من كلماته وألحانه وأهداها -كما يقول- عربون وفاء للشعب التركي الذي استضاف السوريين واحتضنهم، مشيراً إلى أن الأغنية التي غناها في ساحة الديموقراطية المعروفة وحضرها آلاف السوريين والأتراك لاقت استحساناً وتشجيعاً كبيراً.
"شكري"، الذي غنى 16 أغنية خاصة من كلماته وألحانه، أشار إلى أن المسؤولين الأتراك قدموا له مكاناً لتأسيس معهد أطلق عليه اسم "دار الفنون للغناء والموسيقى" في مدينة "عينتاب" للأخذ بيد الفنانين المبتدئين وتعليمهم أصول الغناء والموسيقى وتشجيعهم على الحفاظ على تراث بلدهم وأصالتهم.
وأردف الفنان أن "الفن ليس وسيلة لتضييع الوقت أو جمع المال بل هو ضرورة لإسعاد الناس وإمتاعهم"، وعلى الفنان -كما يقول- أن يكون ذكياً وواعياً ليترك بصمة في نفوس ووجدان الناس.
ومن الأغاني الجديدة التي أنجزها الفنان الحلبي أغنية بعنوان "يا بلاد طالت عتمتا"، وهي قصيدة طويلة تم إنجازها في سياق حملة "لستم وحدكم"، وتهدف لشد أزر المهجرين واللاجئين وأصحاب الفاقة والعوز، وهذا –حسب قوله- أقل ما يمكن تقديمه لهؤلاء الناس.
ولديه أيضاً أغنية بعنوان "يا مجتمع يكفي ألم يكفي وجع" تخاطب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ولم يستطع تسجيلها -كما يقول– بسبب عدم وجود ممول لها.
وحول انحياز أغلب الفنانين السوريين الذين قدموا التراث إلى صف النظام والتزام بعضهم الصمت أشار محدثنا إلى أن الكثير من الفنانين السوريين كانوا بطبيعتهم منحازين للنظام وطغمته من أجل اقتناص الفرص من شهرة وظهور على قنواته أو تأمين حفلات لهم قبل الثورة، وكان من الواجب الأخلاقي –كما يقول- أن يُجري هؤلاء الفنانين محاسبة لأنفسهم ومراجعة لمواقفهم مما جرى في سوريا على يد هذا النظام، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث بل أصروا على مواقفهم التي أفقدتهم الكثير من جمهورهم وشعبيتهم.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية