لشهور خلت وقبل تردد الاهتزازات التي أحدثها زلزال الأزمة المالية العالمية في مركزها الأمريكي، تصرفت الإدارة الأمريكية على أساس أنها الوريث المنتصر لحقبة الحرب الباردة يحق لها تزعم النظام الدولي بوصفها القطب المهيمن، وساعدها في محاولة تكريس الهيمنة قدرتها على التحرك المنفرد إستناداً إلى فائض قوتها العسكرية والتقنية المتفوقة، واستثماراً لموقعها المؤثر في شبكة النظام المالي والاقتصادي العالمي، وترسيخها لقناعة ـ كانت إلى حين لا تقبل الشك- لدى حلفائها وخصومها معاً، بأن نموذجها الاقتصادي الرأسمالي ليس ناجحاً فحسب بل يتوجب على الآخرين اتباعه أو استنساخه.
قدمت أمريكا نفسها بوصفها القلعة الإقتصادية الآمنة والمغرية لجذب الاستثمارات والودائع، والقادرة على امتصاص الهزات الاقتصادية من حين لآخر، قبل شبه الإنهيار التام الذي نشهده حالياً بعد انفجار الفقاعات/ الالغام الكامنة في قطاعات العقارات والائتمان وسوق الاوراق المالية. ساعد في خلق هذا الإنطباع بأمن اقتصادي مزعوم، قدرتها على المعالجات المسكنة أو المؤقتة لأزمات الإفلاس والتراجع الموسمي لكبريات الشركات المالية والاستشارية والحسابية المتعددة في العقدين المنصرمين.وإستحضارالمقولة الجاهزة للتبرير بأن النظام الرأسمالي يختزن القدرة على التصحيح التلقائي.
وشكل غياب الاتحاد السوفييتي السابق وعدم توفر قوة أخرى أو تكتل دولي قوي ينافس الولايات المتحدة على إدارة النظام الدولي، إغراء لصياغة رؤية أستراتيجية مفرطة في تفاؤلها، وفعالية قدرتها على رسم خريطة عالمية جديدة، تكرس القبضة الأمريكية على ما تم وصفه بالقرن الأمريكي الجديد، وشكلت استراتيجية الأمن القومي المعلنة في عام 2002 والمعدلة في عام 2006، المحطة المفصلية في إطلاق هذه الرؤية، حينما دعت إلى ضرورة احتفاظ الولايات المتحدة بقوات مسلحة متفوقة على أي قوات مسلحة أخرى مع تميزها بقدرات قتالية تعتمد على سرعة الحركة والمناورة على امتداد الكرة الارضية، والاحتفاظ بدرجة عالية من الاستعداد للرد السريع في مجابهة أي طارئ، والأخذ بالضربات الاستباقية ضد أي عدو يحتمل أن يشكل خطراً على الولايات المتحدة، وحتى لو لم يكن هذا الطرف قد أظهر نية عداء أو مارس فعلاً ما يهدد المصالح الأمريكية.
من هنا يتوجب فهم الطابع الهجومي لسياسة إدارة بوش على المسرح الدولي، وشنه للحروب على كل من أفغانستان والعراق ، والتدخلات العسكرية الأخرى واستخدامه لهجمات الحادي عشر من ايلول(سبتمبر) كذريعة ساهمت في تسريع الإنتقال الهجومي الذي كان ينتظر الإنضاج. كذلك يمكننا فهم سعي واشنطن لتوسيع حلف الناتو إلى التخوم الروسية والصينية والتحرر من بعض الالتزامات والاتفاقيات الدولية السابقة المبرمة مع الاتحاد السوفييتي في السابق.
بالطبع اختارت إدارة بوش المسرح العربي ـ الاسلامي كونه البطن الرخو المسلوب الارادة السياسية المستقلة، والحاضن لأهم مخزونات الطاقة، ميدانا لتثبيت هذه الاستراتيجية التي لم تكن لتتوقف عند حدود أفغانستان والعراق، لولا نجاح قوى المقاومة في ردعها وعرقلة هجومها الاستراتيجي لإعادة تشكيل المنطقة. وفي المحصلة نقف الآن أمام مشهد لم تتحقق الهزيمة الكاملة بعد لمشروع الهيمنة الأمريكي وأدواته الصهيونة والعربية معاً في منطقتنا، ولكن بالتأكيد تمكنت القوى المجابهة له من إدخاله في حرب استنزاف مكلفة، عرقلت قدرته على التمدد واربكت أدواته الاقليمية التي لا تزال تتحين الفرص لاستغلال وجوده العسكري المباشر لتعديل البيئة الاقليمية بما يكفل الاحتفاظ بمواقعها وضمان أمنها.
مدارس التفكير الاستراتيجي الأمريكي
رغم ان جذور التفكير الاستراتيجي الأمريكي المعاصر لا تزال متأثرة بنتائج الحرب العالمية الثانية، والتي ضمنت موقفاً مميزاً ومتفوقاً للولايات المتحدة حينما كانت تساهم في حوالي 57' من الانتاج العالمي إلا أن مع انتهاء الحرب الباردة والادعاء بانتصار حاسم تجد نفسها الآن لا تساهم بأكثر من 23'من الإنتاج العالمي، وشهدت العقود الأخيرة ما يمكن وصفه بثلاث مدارس أو مقاربات من التفكير الاستراتيجي الأمريكي، يمكن استخلاصها من متابعة عينات من الإنتاج الفكري والبحثي الذي صدر في العقدين الاخيرين عن أبرز مفكريها، ونستطيع من خلال تفحصها ولو بلمحة سريعة توقع المسار الأكثر ترجيحاً في توجه الإدارة الجديدة، أما المدارس الثلاثة فيمكن حصرها على النحو التالي:
Traditional Conservatives - المدرسة التقليدية المحافظة،
- المدرسة التدخلية الحازمة (الاحادية) Aertive Interventionalists ،
-Progreive Mulitlateralists المدرسة التدخلية المتدرجة (الإنتقائية) بالشراكة.
وتجدر الملاحظة إلى إمكانية إعتبار المدرسة التدخلية الإنتقائية والمدرسة الواقعية مساراً واحداً في حقل الممارسة. وأبرز مفكري المدرسة الأولى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كيسينجر ويمكن مطالعة آرائه بالعودة إلى كتابين له: الدبلوماسية (1994)، وهل تحتاج أمريكا سياسة خارجية؟ نحو دبلوماسية القرن الواحد والعشرين (2001). والمفكر الآخر ريتشارد هاس الذي كان يتولى في آخر منصب رسمي له مسؤولية التخطيط السياسي في الخارجية الأمريكية ويمكن العودة إلى كتابه : الفرصة: لحظة أمريكية لتعديل مسار التاريخ (2005).
والجدير بالذكر أن كتابات هاس في السنوات الاخيرة تلقى صدى واسعاً وهو يشغل حاليا منصب رئيس المركز البحثي- السياسي مجلس العلاقات الخارجية وصاحب مقولة 'عالم بلا أقطاب'. رغم التفاوت النسبي في مقاربات كل من كيسينجر وهاس لما يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أنهما يشتركان في نظرة أكثر واقعية، مفادها أن الخطر الأساسي الذي يواجه أمريكا هو عدم استقرار وتوازن العلاقات بين القوى الرئيسية في العالم، ويعتبران أن دور التحالفات والشراكة أساسي بينها، ويركز هاس على ضرورة تطوير شراكة عالمية بين أمريكا، أوروبا، الصين، اليابان، والهند بصورة أساسية. كما يتوجب على واشنطن اعتماد القوة العسكرية والدبلوماسية معاً والسعي لإقامة توزان دولي مستقر. فيما يتعلق بالشرق الأوسط لا يبديان حماساً لدعم إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع رغم قبولهما لهذا التوجه كوسيلة من وسائل إدارة أفضل للصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وأبرز مفكري المدرسة التدخلية الحازمة ينتمون عموماً إلى ما اتفق على تسميته بالمحافظين الجدد الذين وقعوا على وثيقة القرن الأمريكي الجديد ولكن ليس كل الاسماء التي لمعت في الإعلام الأمريكي مثل بيرل، وولفويتز، فيث، وورمزر كاغان، وولسي، كروثهامر، كريستول وليدين .....الخ ينسب إليهم تقديم وجهات نظر متماسكة ومعبرة مثلما قدم كل من والتر راسل ميد في كتابه: القوة، الارهاب، السلام، والحرب: خطر محدق باستراتيجية أمريكا في العالم
(2004)، أو نيال فرغوسون في كتابه: ثمن الأمبراطورية الأمريكية (2004) ،أو روبرت ليبير ـ العصر الأمريكي : القوة الاستراتيجية في القرن الواحد والعشرين (2005). ويتقاطع هؤلاء في نظرتهم إلى أن التهديد الأخطر الذي يواجه الولايات المتحدة هو ما يمكن تسميته بحزام الفوضى الجنوبي من الكرة الارضية والارهاب، ولا يعلقون أهمية كبرى على دور التحالفات والشراكات، ويؤمنون بأحقية التدخل العسكري المنفرد للولايات المتحدة حسب رغبتها ، ولايقيمون وزناً فعلياً لدور الامم المتحدة أو حتى لحلف الناتو اذا لم يتفقا مع ما يعتبرونه المصلحة الأمريكية الخاصة. ويعتبرون أن استخدام القوة العسكرية الأمريكية والعقوبات الاقتصادية وسائل مشروعة دائماً للاستخدام بصورة منفردة، وبهدف القضاء على التهديدات وترويج الأفكار والنماذج الديمقراطية، ويدعون الولايات المتحدة للعب دور قيادي مع حلف الراغبين وبصورة انتقائية حسب الطلب في مواجهة كل حالة معينة، لا يكترثون بمن يعتقد بحدود أو ضوابط للقوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية .. ويمكن وصفهم فعلاً في ضوء التجربة الميدانية خلال عهد بوش الابن -الذي نفذ رؤيتهم- عملياً بحلف المكابرين.
أما المدرسة الثالثة التي يمكن وصفها أيضا بالمدرسة الليبيرالية المثالية فيعد أبرز مفكريها بريجنيسكي الذي نجد أفكارها في كتابين من كتبه العديدة وهما: رقعة الشطرنج الكبرى: تفوق أمريكا ومسلتزماتها الجيوستراتيجية (1997) وكتاب: الاختيار: هيمنة عالمية أم قيادة. وجوزف ناي في كتابه: القوة الناعمة: وسائل الفوز في عالم السياسة. تتقاطع نظرة هذه المدرسة مع مدرسة المحافظين الجدد في تحديد الخطر المهدد للولايات المتحدة باعتباره قوس الأزمات أو الفوضى الجنوبي، بالاضافة إلى الارهاب ولكن تختلف في سبل المواجهة .... إذ تعول كثيراً على أهمية التحالفات والشراكة الدولية وعلى استخدام القوة الناعمة والدبلوماسية في السياسة الخارجية الأمريكية، لبناء إجماع استراتيجي وتحالفات ضرورية والنظر إلى أن قيادة أمريكا للتحالفات الدولية يجب أن تكون مستندة إلى قناعة الآخرين الطوعية بها، ويعترف أصحاب هذه المدرسة بمحدودية القوة الأمريكية.
ويركز بريجنيسكي على منطقة أوراسيا كميدان رئيسي لتوجه أمريكا الجيوستراتيجي ويفرق بين التأثير على تلك المنطقة أو السيطرة عليها ويعتبر أن سياسة إدارة بوش قاصرة عن تحقيق ذلك وأنها ستكون المسرح الفعلي لمستقبل التوجه السياسي العالمي، ويحذر من أن عدم الحكمة في إدارة المسرح سيؤدي إلى أن تتحول أوروبا تدريجياً عن الولايات المتحدة وتدخل في نزاع سياسي مع روسيا. ويدعو إلى تشجيع التوسع لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي شرقاً لضم أوكرانيا وبقية دول البلقان. مع إتباع سياسة توازن بين الحزم والتعاون مع روسيا. ويخشى من تنامي منافسة قطبية تستند إلى تعزيز الصين لدورها الأقليمي والعالمي مقابل تنامي المخاوف اليابانية في محيطها الحيوي. ويعتبر أنه من الحكمة اعتماد استراتيجية تأخذ في الاعتبار مصالح الصين المشروعة وتخفيف أية اندفاعات محتملة لها نحو طموحات أمبريالية.
وينتقد البعض تركيز بريجنيسكي المفرط على أوراسيا أكثر من الشرق الأوسط وعلى دعوته الصريحة للتساهل مع كل من الصين، وفرنسا وألمانيا مقابل تصميمه على إحتواء وضم الدول التي انسلخت عن الامبراطورية السوفييتية سابقاً. يحذر بريجنيسكي من التركيز أو التضخيم لخطر ما يسمى بالارهاب أو اعتماد المقاربة العسكرية الأحادية للتعامل معه لانه سيقود في نهاية المطاف إلى عزلة أمريكا، ويدعو إلى التمييز بين التدخل الاستباقي والتدخل الوقائي المدعوم بالشراكة والتحالف. يطالب بريجنيسكي بأن تلعب أوروبا دوراً أكبر وتتحمل مسؤولية إضافية في إحتواء أو إدارة الأزمات الأمنية العالمية ويدعو إلى مقاربة جامعة وشاملة لحل المشكلات المعقدة في الشرق الأوسط وأوراسيا والبلقان لتحقيق الاستقرار.
وتستنتج مقاربة جوزف ناي إلى أن امريكا اعتمدت صورة مفرطة على القوة العسكرية ويتوجب عليها اعتماد القوة الناعمة إلى جانبها ويعتبر أن عولمة الاقتصاد والافراط في استخدام القوة الخشنة احدثت ردات فعل سياسية واجتماعية تحمل الولايات المتحدة المسؤولية وتشكل أحد أهم أسباب الغضب والعداء على مستوى عالمي ضد الولايات المتحدة. وتقتضي النظرة الشاملة لمساهمات التفكير الاستراتيجي الأمريكي إلى عدم تجاهل الأصوات التي تصدر من حين لآخر والتي تتقاطع مع بعض جوانب في تفكير المدرستين الليبيرالية المثالية والمحافظة والتي تدعو إلى عزلة جديدة لأمريكا والتحول إلى الداخل والسعي لإقامة توازنات اقليمية تخفف من حاجة الولايات المتحدة للتدخل الخارجي المكلف.
مدرسة الإدارة الجديدة
بعد تقديم هذه اللوحة المختصرة لحقل التفكير الاستراتيجي الأمريكي الذي طبع السجال الأمريكي الداخلي، سأحاول إلقاء الضوء على ما يمكن أن نتوقعه من رؤية محتملة للإدارة الجديدة تشكل قاعدة لرسم أستراتيجيتها الجديدة ،والإجابة على سؤال هل سترسم الإدارة مدرسة فكرية خاصة بها أم ستعتمد على مدرسة من المدارس السابقة الذكر؟ في تقديري أن إدارة أوباما ستكون أقرب من صياغتها لاستراتيجيتها القادمة إلى المدرسة الليبيرالية المثالية، مع تطوير انتقائي لها، وسيكون مضطراً إلى اعتماد استراتيجية تمزج بين جوانب من المدرسة الواقعية المحافظة والمدرسة الليبيرالية المثالية ، بواقع الاضطرار وليس الرغبة.
من السهل توقع رؤية الإدارة الديمقراطية القادمة إستناداً إلى طبيعة المستشارين المتحلقين حول أوباما إبان حملته الإنتخابية وكان أبرزهم - ولو عن بعد - بريجنيسكي وجوزف ناي بالإضافة إلى مسؤولين سابقين حفلت بهم إدارة الرئيس كلينتون، وينتظر أن يعتمد أوباما على فريق الأمن القومي الخاص به من مسؤولين سابقين في الحزب الديمقراطي، يتوزعون الآن على مراكز أبحاث ومؤسسات محسوبة على الحزب، ولابد من الأخذ في الاعتبار أيضا أن تأييد شخصيات بارزة محسوبة على الحزب الجمهوري مثل الجنرال باول (وهو من المدرسة الواقعية المحافظة) رغم خدمته في المرحلة الأولى من عهد بوش الابن يؤشر إلى أمكانية لجوئه إلى ضم بعض الجمهوريين من الذين ساهموا في صدور تقرير بيكر ـ هاملتون الشهير (مجموعة عمل العراقIraq Study Group) حول العراق والسياسية الخارجية الذي صدر في عهد بوش الابن الثاني والذي استغله سياسياً وانتخابياً ووضعه على الرف من الناحية العملية، ومن المنتظر أن ينفض أوباما الغبار عنه ليوحي بأنه حريص على إتباع إستراتيجية إجماع وطني داخلي رغم أنه سيجري عليه دون شك تعديلات، فالتقرير تضمن 97 توصية كانت يفترض ان تتحقق منذ صدوره في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) 2006. إن أي مراجعة لهذه التوصيات تبين أن معظمها لم يتحقق وأن القليل الذي تحقق جاء متأخراً جداً وأن بعضها قد تجاوزه الزمن، وأعتقد أنه يوجد فائدة من مراجعة التوصيات التي صدرت عن التقرير لانها قد تعطي مؤشرات على سياستة المحتملة تجاه العراق، خاصة وأنه أعلن خلال حملته الإنتخابية بأنه يرغب في سحب القوات الأمريكية من العراق خلال العامين الأولين من عهده، وعلى مراحل ولن يبقى إلا على قوات ضرورية لتدريب القوات العراقية ولحماية الدبلوماسيين مع إبقاء قوات تتمركز في دول الجوار للتدخل السريع عند الحاجة.
اهمية تقرير بيكر هاملتون أنه يحظى بإجماع الواقعيين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي ولم يقتصر على وضع تصورات محددة تتعلق بالعراق بل ربطها بمجمل أوضاع المنطقة وقدم تفصيلات لكيفية التعاطي مع دول المنطقة والصراع العربي ـ الإسرائيلي وأفرد أبوابا خاصة لكيفية التعامل مع كل من سورية وإيران وركز على ضرورة المبادرة بما أطلق عليه الهجوم الدبلوماسي الشامل نحو قضايا المنطقة.
مؤشرات على انعطاف قادم
مع اقتراب موعد نهاية عهد الرئيس بوش الابن في دورته الثانية شهدنا اندحار وتساقط العديد من رموز المدرسة التدخلية للمحافظين الجدد كما تتساقط أوراق الشجر اليابسة في الخريف، وبدا الامر ملفتاً عندما اغلقت مؤسسة القرن الأمريكي الجديد أبوابها بعد أن كانت مرتعا ًلشلة المحافظين الجدد. وطالت عملية الإنكفاء والتراجع معظم المراكز البحثية المحافظة بعد سيطرة شبه مطلقة على الخطاب الفكري والسياسي والإعلامي في الساحة الأمريكية، وانطلقت بعض المبادرات الرافضة لهذه السيطرة والساعية للمواجهة والتحدي حتى قبل الإنتخابات النصفية في عام 2004 ... حيث انطلقت مجموعة وازنة في موقفها الاكاديمي والخبرة السياسية من المحسوبين على التيار الوسطي المحافظ المتمثل بمعهد كاتو والليبراليين من الحزبين من سبق لهم الخدمة في إدارات جمهورية وديمقراطية سابقة، أطلقوا على أنفسهم اسم 'تحالف من أجل سياسة خارجية واقعية'، واصدروا بيانين متلاحقين في الشهور الاخيرة من عام 2003 وقع عليهما أكثر من 50 شخصية أكاديمية وسياسية مرموقة، تحت عنوانين بارزين الاول مخاطر الامبراطورية، والثاني مخاطر الاحتلال، وتلاحقت المبادرات الأخرى بتشكيل مراكز بحثية ومؤسسات استشارية تعبر عن التوجه الديمقراطي، وخاصة الجناح 'اليساري' بالمعيار الأمريكي طبعاً داخل الحزب، مثل مركز التقدم الأمريكي 'Center of American Progre '، ومركز الأمن الأمريكي الجديد
Center for New American Security'' وسرت حالة من الحيوية والإنتعاش في أوصال بعض المراكز البحثية المحسوبة على الحزب الديمقراطي، وارتفعت وتيرة الإنتقاد لسياسة الرئيس بوش ومخاطرها في وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة.
وسارعت بعض المراكز البحثية إلى تشكيل فرق عمل مشتركة من مفكرين استراتيجيين ومسؤولين سابقين من الحزبين، لتقديم رؤى ودراسات وبرامج جديدة تعالج مختلف الجوانب السياسية والاستراتيجية، ومن أبرز الدراسات التي صدرت مؤخراً عن مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية CSIS تحت عنوان A smarter more secure America' أمريكا أذكى وأكثر أماناً'، أو بعبارة مختصرة: القوة الذكية. وشكلت الدراسة عملياً إدانة صارخة لنهج وسياسة الرئيس بوش وهي إن تجنبت اتهامه صراحة باستخدام 'القوة الغبية' إلا أن الكتابة كانت على الجدران كما يقول المثل. وتشكل الدراسة تطويراً لمقولة 'القوة الناعمة' التي أطلقها جوزف ناي، وهو من الذين شاركوا في صياغة الدراسة بالاضافة إلى بريجينسكي وريتشارد أرمتياج وغيرهم. ملخص هذه المقولة تشير إلى أنه يتوجب على أمريكا أن تعيد إحياء قدرتها على 'زرع الأمل والاقناع' حول العالم ، بدلا من الاعتماد على قوتها العسكرية وحدها. فبالرغم من هيمنتها وتفوقها في امتلاك القوة القاسية (Hard Power) فهي محدودة القدرة في مواجهة تحديات السياسة الخارجية، فمركز وهيبة أمريكا في العالم في تلاشِ متسارع، وتجاهلت إلى حد كبير استخدام الوسائل التقليدية للقوة الناعمة (Soft Power)، ولا تزال تفتقد إلى رؤية استراتيجية تمكنها من مزج القوتين 'الناعمة والقاسية'، وتحويلها إلى 'قوة ذكية' لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، ويتوجب عليها اغتنام الفرصة السانحة للانخراط في حوار وطني شامل داخلي حول أفضل السبل لاجتذاب دعم اصدقائها وحلفائها في خدمة وضمان مصالحها للأمن القومي. وباشر مركز الدارسات الدولية والاستراتيجية CSIS منذ صدور هذه الدراسة في عام 2007 إلى عقد سلسلة من المحاضرات الدورية تحت هذا العنوان 'القوة الذكية' وكان ملفتاً أيضاً أن يصدر في صيف عام 2008 كتاباً جديداً لتيد غيلن كاربنتر، أحد أبرز خبراء ومحللي شؤون الأمن القومي في معهد كاتو تحت نفس المسمى:'القوة الذكية: نحو سياسة خارجية حكيمة لأمريكا'. ويتناول فيه بصورة أساسية مخاطر وثغرات الاعتماد الأمريكي المفرط على القوة العسكرية، ويدعو إلى ضرورة إعادة النظر بالإنتشار العسكري المكلف للولايات المتحدة، ويطالب بضرورة تقليص الميزانية التي تنفقها الولايات المتحدة على الشؤون العسكرية والأمنية.
ولاستكمال لوحة التفكير الاستراتيجي الذي ساد الأوساط الأمريكية في السنوات الأخيرة- مع الاعتراف بأنني قدمت هنا عينة مختصرة وغير وافية (لكل ما صدر حول الموضوع)- يتوجب تسليط الضوء على 'مشروع لاصلاح الأمن القومي' Project on National Security Reform الذي صدر التقرير الأولي عنه في تموز (يوليو) 2008، ويشكل أهم مراجعة حول استراتيجية وهيكلية الأمن القومي الأمريكي منذ عام 1947 . وتحول المشروع عملياً إلى مؤسسة دائمة تمول من الكونغرس ومن مؤسسات أهلية مستقلة وتحظى بتأييد ومساندة الحزبين ويشارك في إعداد الدراسة عشرات الخبراء والباحثين من الحزبين أيضاً وبالتعاون مع مركز دراسة الرئاسة الأمريكية 'The Center for the Study of the President' .
كما أسلفنا صدر التقرير باستنتاجات أولية في تموز (يوليو) من هذا العام، وتحوي قائمة المراجعين العديد من الشخصيات التي سبق ذكرها من الحزبين في مشاريع الدراسات الأخرى المعنية بطرح مفهوم 'القوة الذكية' ... وتم وضع عنوان فرعي لهذه الدراسة المراجعة: 'ضمان الأمن في عالم مضطرب : الحاجة الملحة لاصلاح الأمن القومي'
Ensuring Security in an Unpredictable World: The urgent need for National Security reform
يهدف هذا المشروع التاريخي وغير المسبوق إلى تقديم توصيات تتحول إلى مشاريع قوانين في الكونغرس، للمصادقة على تعديلات جوهرية في طرق عمل وتنظيم هيكلية الأمن القومي الأمريكي بانعكاساتها الخارجية والداخلية. ينطلق أصحاب المشروع من تصور أن المناخ الدولي المعقد والتطورات المتسارعة في مطلع القرن الواحد والعشرين قد كشفت عن تقادم نظام الأمن القومي الأمريكي وتخلف هيكليته التنظيمية، فالفجوة بين قدرة النظام والمهمات الملقاة على عاتقه اضحت أكثر اتساعاً وما هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) وتعقيدات عمليات بناء الدول بعد احتلالها في كل من العراق وافغانستان، مضافة إلى العجز الفاضح عن مواجهة تداعيات اعصار كاترينا، سوى محطات أخيرة في مسلسل من الفشل والتراجع في العمليات والاداء المشترك للأجهزة الحكومية الأمريكية، ولم تنفع كثيراً الجهود المضنية للقائمين على الأجهزة الحكومية المعنية في منع هذه الاخفاقات والنواقص، لانها تضيع هباء بسبب الاختلال الوظيفي للنظام نفسه. وتهدف هذه المراجعة الشاملة إلى تحديد مكامن القصور والضعف وتقديم البدائل لنظام الأمن القومي باسقاطاته على الصعيدين الخارجي والداخلي، ويعلن أصحاب المشروع 'هدفنا المركزي أن يتم تبنى النظام الجديد للأمن القومي في مرحلة مبكرة من عهد الإدارة الجديدة'. وستطال التعديلات المقترحة مجالات الأوامر التنفيذية الصادرة عادة عن الرئيس، قانون جديد للأمن القومي، وقواعد عمل ورقابة مجلس النواب والشيوخ.
تجدر الإشارة إلى أن المشروع انطلق في شهر ايلول (سبتمبر) عام 2006 وشارك في اعداده أكثر من 300 خبير في شؤون الأمن القومي من مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ومن القطاع الخاص (مراكز أبحاث، جامعات ....الخ)، وتوزع العمل على 13 مجموعة عمل مختلفة فحصت بالتفصيل أكثر من مائة حالة سابقة ومتنوعة تعاملت معها أجهزة الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1947، وقيمت أداءها المشترك، كما قامت بتحليل أكثر من 20 قضية دستورية وقانونية رئيسية، ووقفت أمام المشاكل التي واجهتها وأسبابها والنتائج المترتبة عليها. وجدير بالذكر أنه تم تقديم مخلص عن التقرير والتوصيات في مؤتمر خاص عقد الشهر الماضي (22 تشرين الأول/أكتوبر 2008) في معهد هدسون في العاصمة الأمريكية.
العهد الجديد والكوابح ...والألغام
تفيدنا الامثلة التي تم عرضها حتى الآن على أنه بالرغم من المكابرة التي تميزت بها إدارة بوش الابن في تجاهل حقائق الفشل والتعثر في سياستها الداخلية والخارجية ... هناك حالة من القلق الشديد وخيبة الأمل تعتمل في الداخل الأمريكي، ورغبة أشد في إجراء مراجعة شاملة لكيفية عمل الاجهزة الأمريكية وإحداث تغيير في طبيعة عملها تطال السلطتين التنفيذية والتشريعية، وليس صدفة أن يتمكن المرشح الديمقراطي أوباما من البروز والتقدم في صفوف حزبه وعلى المستوى الوطني رغم الحواجز والعقبات الكبيرة التي أعترضته، فهناك توق حقيقي وحاجة ملحة لدى الشعب الأمريكي نحو التغيير. هذا الشعار الرئيسي الذي عنون فيه أوباما حملته الإنتخابية. بالطبع الشعب الأمريكي ينشد التغيير لشعوره بالاحباط والفشل مما هو قائم ولكنه لا يجمع على طبيعة حجم التغيير ومداه ..... فحتى ماكين حاول في الأسابيع الأخيرة لحملته الإنتخابية أن يركب الموجة ويتحدث عن كونه مرشح التغيير أيضا واضعا مسافة فاصلة بينه وبين الرئيس الجمهوري الحاكم من حزبه. حتماً أمريكا مقبلة على تغيير يشكل انعطافة في توجه أمريكا الاستراتيجي بقطع النظر عمن يحتل البيت الأبيض، والفرق بين رئيس ديمقراطي ورئيس جمهوري هو الوتيرة وفي درجة الاستعداد للاعتراف بالحقائق المرة التي تواجه أمريكا وتقديم خيارات ملائمة لحل معضلاتها، فالرئيس أوباما سيكون أكثر قدرة على الحركة من الجمهوري الذي ستثقله تركة الرئيس بوش الابن، وتجعله أكثر حذراً وبطئاً في التعامل مع تداعياتها. لكن تركة بوش الابن هي حفنة من المشاكل المستعصية التي سيرثها الرئيس الديمقراطي أيضا، وينتظر منه الشعب الأمريكي أن يقدم حلولاً منطقية لها تساعد في استعادة ثقته شبه المفقودة بمجمل المؤسسة الحاكمة بجناحيها في واشنطن.
الرئيس الجديد رغم الآمال الكبيرة المعقودة عليه داخلياً وخارجياً لا يملك عصا سحرية تمكنه من تجاوز وفك الألغام التي زرعتها إدارة بوش في طريقه على الصعيدين الداخلي والخارجي. فبعد أن تتوقف احتفالات النصر التاريخي الذي أحرزه الرئيس الجديد، ويخلد إلى المكتب البيضاوي سيشعر بثقل المسؤولية وتنوع الملفات العاجلة التي يتوجب عليه معالجتها. وفي تقديري أبرز المعوقات التي تواجه ساكن البيت الأبيض الجديد هي درجة التفاؤل المفرط السائدة بين مؤيديه ومريديه داخلياً وخارجياً، فحتى الذين يشككون بقدرته أو استعداده لاتخاذ القرارات الصعبة يعتقدون بأنه سيجترح المعجزات إستناداً إلى شبه المعجزة التي حققها بفوزه اصلاً. ولكن النظرة الواقعية للمشهد الأمريكي تدفعنا إلى توخي الحذر و عدم الوقوع في التفاؤل المفرط لأن الاحباط والخيبة سينتظرنا على المفرق القادم.
هناك كوابح بنيوية وموضوعية ستحول دون قدرته على إحداث تغييرات جوهرية وسريعة في المسار الاستراتيجي الأمريكي القائم .. لاشك أنه سيحاول تعديل المسار من حيث الأسلوب والاولويات في تحقيق نفس الأهداف، ولكن ذلك ليس كافياً لفتح مسار جديد أو إحداث قطيعة تامة مع الذهنية الموروثة لمؤسسة حاكمة، تتناسل جيلا بعد جيل نخبة تؤمن بثقافة التفوق والسيطرة الكونية المنفردة وبتعبئة مشحونة بكراهية الخصوم المحتملين، والسعي لاخضاعهم بكافة الوسائل بما فيها القوة، والخصوم هم تحديداً المسلمون والروس والصينيين، وفي الدرجة الثانية باقي شعوب القارات الثلاث وبدرجات تتفاوت حسب فهم الأمريكيين لحجم المصالح والتهديدات التي تعنيهم.
أمريكا لمن لديه بصيرة داخلها وخارجها تعيش مخاض انكشاف عجزها وتعثر مشروعها الامبراطوري للهيمنة، ولكن هل تولدت قناعة أو رغبة لدى النخبة الحاكمة؟ بما فيها من ينتقد سياسة ونهج إدارة بوش الابن بالتسليم بالأمر الواقع، والمباشرة في إدارة انحسار الامبراطورية وتنازلها عن العرش المنفرد للنظام الدولي؟ لا توجد خبرة أمريكية سابقة ولا حتى خبرة عالمية مماثلة أعلنت فيها قيادة المشروع الامبراطوري اعترافها بالفشل، واستعدادها لتنظيم عملية التراجع والإنتقال من الدور المنفرد إلى دور الشريك الأساسي ولكن مع آخرين في إدارة النظام الدولي. بالطبع هناك قاعدة المخاطرة مقابل المردود التي قد تساهم في تكوين هذه القناعة الجديدة بأن كلفة التمدد والإنتشار الأمريكي أضحت أعلى بكثير من مردودها المادي والمعنوي، ولكن الذهنية السائدة لا تزال تعبر عن اختيار وضعية التكيف والتراجع التكتيكي احيانا بواقع الاضطرار وتحت ضغط التعثر الميداني أو الأزمات المالية المتفجرة. ولو دققنا بالمراجعات التي سبق ذكرها والتي تضمنت الترويج لمفهوم القوة الذكية أو اصلاح شامل هيكلي في نظام الأمن القومي، ولو سلمنا باعتمادها من قبل الإدارة الجديدة لوجدنا أن التفكير الاستراتيجي لا يزال يتحرك في دائرة التعديل والضبط وسد الثغرات والنواقص واختلالات التنسيق .... وليس دائرة التفكير الاستراتيجي نحو تحولات جذرية. فالذهنية السائدة لدى المؤسسة الحاكمة والجهاز البيروقراطي الراسخ الاقدام في بنية النظام وطرق عمله، اعتادت على خدمة القوى والمصالح النافذة في المسرح الأمريكي ممثلة بالمجمعات الصناعية العسكرية والاستشارات والمال والنفط، ولن يكون الرئيس الجديد مهما بلغت شعبيته أو ذكاءه أو نزعته الفطرية نحو التغيير قادراً على الافلات من القبضة الحديدية لهذه المصالح... قد يتمكن من فتح كوة في الجدار مشحونة بالأمل والتمنيات ولكنه سيبقى أسيراً للمرحلة التحضيرية لافول نجم المشروع الامبراطوري وليس نهايته.
وفي تقديري أن المسرح الدولي الراهن يوفر فرصة غير عادية للقوى والتكتلات الرئيسية والدول الاقليمية الوازنة شعبياً واقتصادياً لتقصير هذه الفترة التحضيرية، وإرغام الرئيس الأمريكي الجديد على التسليم بقدوم عالم جديد أكثر توازناً ويحقق شراكة نشطة في مواجهة التحديات العالمية الرئيسية كالفقر والبطالة والمرض وتدمير البيئة والنزاعات الاقليمية . على أية حال لو عجزت الدول والتكتلات المنافسة أو مناطق الاستنزاف العسكري والمادي لأمريكا عن ارغام القيادة الأمريكية بانتهاج طريق جديد، فالاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية الأمريكية ستسهم عاجلاً قبل آجلاً في فرض ثقلها ومستلزماتها بتحقيق الإنعطاف القادم ...كيف يمكن لأمريكا أن تستمر بمعالجة الأزمة المالية الطاحنة التي تولدت عن اقتصاد الاستهلاك والخدمات والمضاربات والمشتقات المالية بمسكنات مؤقتة؟ وهي تنوء بثقل دين يتجاوز 12 تريليون دولار وعجز في الميزان التجاري يتجاوز فعلياً 700 مليار دولار سنوياً، وميزانية أمن قومي تتجاوز تريليون دولار سنوياً، وإفلاس قائم فعليا لصندوق الضمانات الاجتماعية والصحية العاجز عملياً الآن عن توفير 50' من الأموال اللازمة المتوجبة لجيل المتقاعدين، كيف ستحل أمريكا مشكلة تقادم بنيتها التحتية التي كشفتها الكوارث الطبيعية مثل أعصار كاترينا؟ وكيف ستعيد التوازن للقوات المسلحة التي تمددت في مهمات أكبر من حجمها وقدرتها لا يمكن أن تسده بشرياً إلا بالتجنيد الاجباري، ولا يمكن أن تجدد معداتها العسكرية المتقادمة إلا بانفاق جديد يصل الى أرقام فلكية!
كيف ستتعامل أمريكا مع مشكلاتها الاجتماعية؟ في ظل شبح الكساد الأعظم المهدد والذي سيجعل من مدنها وتجمعاتها البشرية الرئيسية عرضة لنشوب إضطرابات وأعمال عنف في شوارعها، لتنامي بؤرالفقر والبطالة، تشحن فيها بطاريات الكراهية والعداء والعنصرية على أساس ديني وعرقي، وتعبئة غير مسبوقة ضد الأجانب تحت ستار الدعوة لمعالجات جذرية لمسألة ملايين المهاجرين غير الشرعيين! ألم تكشف حملة ماكين الإنتخابية عن مدى الشحن للتزمت الديني والعداء العنصري الكريه الكامن تحت السطح البراق لمجتمع 'الحرية والعدالة وسلطة القانون وفصل الدين عن الدولة والتنوع الإثني والثقافي'!
أمريكا لم تعد بمأمن من تفجر أزمات داخلية تفرض على سيد البيت الأبيض إلتفاتاً أكبر نحو الداخل على حساب الإستمرار في رعاية مشروع إمبراطوري يترنح في الخارج.
' مدير مركز الدراسات الأمريكية والعربية ـ واشنطن
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية