أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حكايات غوطانية في يوم الرحيل

من غوطة دمشق - جيتي

طيلة خمس سنوات من الحصار كانت السيدة "فاطمة" فخورة بشجاعة أبناء غوطة دمشق الشرقية في قتال قوات بشار الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، فبعد صمود وثبات لا يوصف – حسب تعبيرها- جاء يوم الرحيل وهو يوم قهر سيعمل عمله في القلوب إلى حين.

قبيل خروجها من مدينة "حرستا" ودعت "فاطمة" عائلتها قبور والديها وشقيقها وجدي أطفالها لأبيهم، ثم جمعت بعض الأمتعة من منزلها وسط شعور بـ"غصة" تكاد تخنقها قبل المغادرة.

هذه السيدة "ابنة حرستا" تقول لـ"زمان الوصل" إنها أكلت وأطفالها الخبز اليابس، حين لم يكن باستطاعتهم شراء ما يحتاجون من الغذاء نظراً لغلاء الأسعار وندرة السلع في الأسواق وتحكم التجار بها، لكنها لم تحد وزوجها عن درب "الثورة ضد النظام"، كما تقول.

يروي الحاج "أبو عبدو"، الرجل الخمسيني قصة الخروج من "حرستا" ودموعة تسيل على وجنتين تجعدتا خلال سنوات من الحصار، فيقول: "خرجنا مرغمين، أردنا حقن دماء أطفال ونساء، تهددها قذائف قوات النظام، التي استخدمت أنواع الأسلحة كافة بما فيها تلك المحرمة دولياً".

يتابع الرجل حديثه: "صمدنا طيلة سنوات الحصار وضحينا بفلذات أكبادنا لأجل منع قوات النظام من دخولها مهما كانت الثمن، لكننا خذلنا، "لا سامح الله من خذلنا".

الطبيب "مروان"، تحدث عن انتشار سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة والأمهات الحوامل والمرضعات بسبب حصار كان يفرضه النظام على الغوطة الشرقية، ما دفع الأطباء للعمل على إنشاء مركز لعلاج تلك الحالات وسط إمكانات شحيحة جداً.

يقول الطبيب لـ"زمان الوصل" إنهم كانوا يختارون الطفل الأكثر حاجة لإعطائه الحليب الصناعي، فيعطى الحليب للطفل عند وفاة الأم أو إصابتها بمرض يجعلها عاجزة عن الإرضاع.

يؤكد "مروان" أن المتضرر الأكبر من شح المواد الغذائية والمستلزمات الطبية هم الأطفال الرضع، فلم تكن هناك حاضنات لحديثي الولادة ولا حليب أطفال.

الشابة "نسرين" (21 عاما) تقول بصوت مرتعش: سنرجع إلى الغوطة ولا نقبل بالعودة بوجود نظام الأسد، لذا سنحاربه ما دام هناك شبر واحد من أرض محررة، سنجلس فيها ونتابع ثورتنا ضد بشار الأسد.

نزلت دموع "نسرين" عندما تحدثت عن "صعودها إلى حافلة التهجير متوجهة إلى إدلب، معلنة رفض مصالحة من تصفهم بـ"بمجرمي النظام"، رغم تخاذل الفصائل العسكرية بشمال البلاد وجنوبها عن نصرة الغوطة.

لفتت "نسرين" إلى أنها طلبت من والدها بارودة لتقاتل بها ضد "المليشيات الطائفية وقوات النظام والمرتزقة الأجانب"، لأن الثورة بالنسبة لها هي الحياة والأمل بمستقل أفضل لسوريا.

مغادرة "حرستا" بالنسبة للمهندس مهند، هو انتصار على النظام، الذي انتصر بدوره على البيوت المدمرة فقط، أما الإنسان فقد خرج بعزة وكرامة ولم يرضَ بالبقاء ذليلاً تحت حكم الأسد.

يؤكد المهندس أنه لا بديل عن العود إلى الديار، فالثورة السورية تستحق التضحية، وقد ضحى أبناء الغوطة بكل ما يملكون لأجلها، فسقط آلاف الشهداء من أهلها سابقا وهاهم يدفعون ثمن تخاذل الجميع تهجيرا عن ديارهم، لكنهم لم يهزموا وسيأتي يوم ينتصرون فيه على قوات الأسد والميليشيات الإيرانية المدعومة من قبل قوات الاحتلال الروسي، وهو الأكثر إجراما بينهم.

زمان الوصل
(113)    هل أعجبتك المقالة (122)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي