أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سوريون يستسهلون "أبغض الحلال" في دول اللجوء

أرشيف

في أوروبا تكثر أسئلة اللاجئين السوريين على مجموعات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، بهدف الاستفسار عن الطرق الأسهل للانفصال عن شركاء حياتهم، وعن السبل التي يجب عليهم أن يسلكوها لينالوا "حريتهم" سريعا، كما يستمر نشر القصص التي تروي حالات الطلاق الغريبة والمتنوعة في كل حين، كطلب الطلاق في لحظات الوصول الأولى إلى أرض المطار، ووجود علاقات كانت في السابق حلما، أصبحت اليوم على أبواب التحقيق.

ويرجح البعض أسباب انتشار هذه الظاهرة لغياب العادات والتقاليد التي كانت ضابطة لجميع العلاقات الاجتماعية من قبل، في حين يرى البعض الآخر أن فقدان الحب وتغير المشاعر شجع على حدوث هذا الفعل.

ويؤكد "أمين العاسمي" الذي يعمل مرشدا اجتماعيا وتربويا في فرنسا، على أن ظاهرة الطلاق بين اللاجئين السوريين تحتل الرقم الأول في المشاكل الملحوظة بمراكز الإيواء والمساعدة الاجتماعية بأوروبا، وقال: "إن كثرة أعداد هذه الظاهرة صعب من عملية إحصائها".

وأشار إلى أن الكثير من حالات الطلاق تتم فور وصول اللاجئين إلى مراكز الاستقبال، وغالبية الحالات يتم فيها الطلب من النساء، لافتا إلى أن الكثير من الحالات أثرت على الأطفال، إذ فرض عليهم العيش ضمن أوضاع نفسية معقدة، نتيجة بعد الوالدين.

وطالب العائلات السورية القادمة حديثا إلى أوروبا التحلي بالصبر، وحل الخلافات داخل نطاق الأسرة الواحدة، بعد وضع مستقبل الأولاد في كل الحسابات.

من جهتها، كشفت القاضية "رشا رجب" أن معدلات الطلاق في المجتمع السوري ارتفعت بشكل كبير في السنوات العشر التي سبقت الثورة، مشيرة إلى أن إحدى الإحصائيات التي أجريت بإشرافها قبل الثورة بسنين بينت أن كل 20 معاملة زواج كان يقابلها 7 معاملات للطلاق. 

واعتبرت رجب في تصريح لـ"زمان الوصل" أن ظروف الحرب والعوامل النفسية الناتجة عنها ضاعفت أيضا من عوامل ارتفاع معدلات الطلاق، مشيرة إلى أن مشاهد القتل والتهجير جعلت السوري يفقد ميزة الطاقة على التحمل، فـ"الجميع أصبح يرفض العيش في حالة متردية".
وأكدت على أن الحالة النفسية تغيرت عند كل السوريين، فأقل ما يقوله الشخص (لقد خرجت من الموت وأريد أن أعيش حياتي من دون ضغوط)، مشددة على أنه "لا ينبغي علينا توجيه اللوم لشخص كان يعيش في وضع متردٍّ وغير سوي".

وبحسب القاضية السورية التي عملت لسنوات في القصر العدلي بدمشق، فإن المجتمع السوري أصبح متفككا سواء للذين خارج البلد أو بداخله، فالعلاقات الاجتماعية خربتها الحرب والنفوس متعبة، معربة عن "يأسها من عودة المجتمع السوري كما كان".

وقالت رجب: "إن القانون الأوروبي لم يسهل تفشي هذه الظاهرة. أنا على تواصل دائم مع زملاء قضاة في دول أوروبية متعددة، أعربوا عن صدمتهم تجاه الوضع السوري، وحيرتهم في كيفية التعامل مع الحالات المختلفة كالطلاق وزواج القاصرات"، مضيفة أنها تمنت على زملائها القضاة تطبيق القانون الأوروبي على كل الحالات لأنه يضمن حقوق الجميع ولا يترك ثغرات تضيع من حقوق المرأة أو الرجل.

وأوضحت رجب "إن النساء اللواتي داخل سوريا وخارجها، كلاهما خرج من حالات الكبت والعادات والتقاليد التي تأمر بالصبر والتحمل لأن كلمة الطلاق لم تكن مقبولة من قبل شرائح المجتمع"، لافتة إلى أن من أسباب ارتفاع حالات الطلاق انتشار الخيانات الزوجية والإنترنت. 

وختمت رجب تصريحها بالقول: "إن الطلاق في بعض الأحيان هو أفضل الحلول، خصوصا إذا كان سيؤدي الوضع إلى مشادات قد تؤدي للقتل، ولا ينبغي القول علينا الصبر من أجل الأولاد، فكثير من الحالات كانت نتائجها كارثية على الأولاد والزوجين، بينما لم يحدث في حالات أخرى كان نتيجتها التسريح بإحسان وإكمال العيش بهناء".

*فهم الحرية بشكل خاطئ
أستاذة علم النفس الدكتورة "ليندا النفوري" اعتبرت أن "الطلاق في سوريا كان له أثر اجتماعي بالغ وتبعات كبيرة، ولقد كان آخر الحلول، ولا يتم إلا بعد اجتماع العائلتين وأصحاب الرأي والمشورة من المعارف، وبعد إعطاء الفرص تلو الفرص، أما في أوروبا فلقد أصبح الحل الأسهل والأول والأسرع، لكي يحصل الشخص على طريقة العيش التي يريدها والتي تناسبه".

وأوضحت "النفوري" أن "دراسة بعض حالات الطلاق في أوروبا أكدت على أن الزوجين كانا يتحملان بعض خوفا من الأهل والمجتمع والعادات والتقاليد، أما هنا فلقد طفت الخلافات سريعا على السطح، لأن كلا منهما أصبح قادرا على العيش بعيدا عن الآخر بسبب ما يسمى بالانفتاح والحرية".

وشددت على أن المرأة في أوروبا محمية بالقانون وهي أكثر جرأة على أخذ هذا القرار دون أن النظر إلى تبعاته ونتائجه، فالقانون الأوروبي يوفر لها الحماية والاحتياجات وكماليات الحياة، والتي كانت مفقودة في سوريا، إلا عن طريق الزوج الذي كان مصدرا للأمان والحماية، أما هنا فـ"المجتمع يوفر كل شيء بدءا من الأمان والحماية والدخل المادي".

وبينت "النفوري" أن الدوافع التي تكمن وراء هذا الفعل هي الضغط النفسي الناتج عن المشاكل الاقتصادية والمادية، ومحاولة الزوجين التهرب من المسؤولية، والتخلص من أعباء العائلة، واللامبالاة في بناء العائلة، وعدم الاستقرار، وسهولة اتخاذ القرار لعدم وجود ترتيبات مادية على الزوج خصوصا مثل ترتيبات المؤخر والمقدم.

وأكدت "النفوري" لـ"زمان الوصل" على أن وجود الزواج سيقابله حالات طلاق، لكنها أشارت إلى أن الطرق تغيرت واختلفت عما كانت عليه في السابق، خصوصا بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، حيث كانت حالات الطلاق قبل هذا العام، بحدود 5% من حالات الزواج. 

وأوضحت أن حالات الطلاق داخل سوريا تعدت الآن 35% بحسب إحصائيات القصر العدلي بدمشق، مشيرة إلى أن محاكم دمشق تشهد بشكل يومي سبع حالات طلاق، في حين أن الإحصائيات في أوروبا معدومة لصعوبة إجرائها وكثرة انتشارها بطريقة غير معلنة.

وترى المتخصصة في مجال علم النفس، أن "المجتمع السوري كأي مجتمع آخر يمر أثناء الحرب بمرحلة فوضى وهي التي تجر ورائها تبعات مثل تدهور وهدم القيم الأخلاقية، وما ينتج عنها لاحقا من مشاكل بين الأفراد، ومشاكل أسرية بين الزوج والزوجة"، مشيرة إلى أن انتقال العائلة للعيش من مجتمع إلى مجتمع آخر مختلف في العادات والتقاليد، سبب لها صعوبة في التكيف والتأقلم وسبل الحياة بشكل عام. 

وقالت: "حالات طلاق السوريين في المجتمع الأوروبي معقدة نوعا ما، حتى أسبابها طارئة على الثقافة السورية، فبعض الأسباب التي كنت على اطلاع عليها، كان غالبيتها للأسر التي تقوم بعملية (لم الشمل) فعندما يسبق أحد الزوجين الآخر إلى أوروبا، تحدث فترة انقطاع على الأقل سنتين وهي مرحلة استكمال الأوراق. في هذه الفترة يمر الشخص في مرحلة جديدة ضمن مجتمع مختلف، وتحتاج لمساعدة الآخرين من أجل إجراءات الأوراق، هنا يتم تغييب دور الزوج الآخر، وتسهل عمليات التعارف وبناء علاقات جديدة قد تكون سببا في العلاقة الزوجية".

وختمت "النفوري" بالقول: "إن السوريين تعرضوا لكثير من الضغط النفسي، والحرب هي السبب الرئيسي لهذه الضغوط، ولن تزول هذه الآثار إلا بانتهاء الحرب، وبنشاط منظمات مجتمع مدني لتقديم المساعدة والدعم النفسي والتربوي، متمنية من المجتمعات الأوربية العمل على إنشاء مثل هذه الجمعيات لتقديم التأهيل والخدمة المناسبة، لكل من فقد أهله وتهجر وعايش الحرب وويلاتها.

محمد الحمادي - زمان الوصل
(106)    هل أعجبتك المقالة (106)

الناس على دين ملوكهم

2018-03-27

الفكرة انو الناس دخلت مجتمعات نسبة الطلاق فيها مرتفعة . بسبب طبيعة حياتهم و عملهم و بالتالي الناس هلي دخلت هي المجتمعات تأثرت..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي