على الرغم من جميع النداءات الدولية لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، بريف دمشق، إلا أن قوات النظام والميليشيات الموالية له لم تتوقف حتى الآن عن شن هجماتها البرية على المنطقة، وسط تغطية جوية مركزة من قبل الطيران الحربي الروسي.
كثافة القصف ضاعفت معاناة أهل الغوطة في دفن ضحاياهم، حيث أرسل "الدفاع المدني" مؤخرا رسالة للعالم يطالب فيها بفرصة لدفن الضحايا.
وقال المهندس "إياد عبد العزيز" رئيس المجلس المحلي لمدينة "دوما" إن المقبرة الخاصة بدفن الموتى والواقعة في أطراف مدينة "دوما"، تتعرض حالياً للقصف والاستهداف المباشر من قبل قناصة النظام، وبعد التقدم الواسع لقوات النظام في المنطقة، لم يعد بإمكان العمال الوصول إلى مكان المقبرة لإتمام عمليات الدفن، ولا سيما أن القصف المتواصل يشكل خطراً على حياتهم، الأمر الذي أدّى إلى التأخير في عمليات الدفن.
وأضاف في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" "دفعنا تراكم الجثث في الأيام الأولى من الحملة العنيفة التي تشهدها الغوطة، إلى البحث عن منطقة جديدة للدفن في وسط مدينة "دوما"، وكانت أمامنا عدّة مقترحات مثل الحدائق العامة، إلا أننا وجدنا معارضة كبيرة من الأهالي الذين باتوا يخشون من القيام بأي عمليات حفر ضمن الأحياء السكنية، خوفاً من رصدها عبر طائرات الاستطلاع، ليتم استهدافها على الفور من قبل قوات النظام".
وفق "عبد العزيز" فإن أبرز الصعوبات التي تواجههم لاستكمال عمليات الدفن، تتمثل في عدم قدرتهم على الوصول إلى المقبرة الرئيسية في "دوما"، لذلك فإنهم يبحثون باستمرار عن أماكن آمنة لإتمام عمليات الدفن، كما أن النظام الأساسي المتبع في الدفن يقوم على القبور "الطابقية"، والتي تصل إلى ثمانية طوابق، لتوفير الأرض بسبب العدد الكبير من الشهداء، وفي الوقت الراهن أصبح هذا النظام ضرباً من الرفاهية لوجود المقابر الجماعية وعدم توفر مواد البناء.
وأوضح كذلك أن القائمين في مدينة "دوما" استطاعوا التغلب على بعض المصاعب، وذلك من خلال حفر حفرة بإحدى الحدائق العامة في مدينة "دوما"، إذ تمّ دفن 67 جثة فيها بشكلٍ جماعي، والعملية موثقة بالمكان والزمان والأسماء، حتى لا يتخذها النظام ذريعة في يومٍ من الأيام ضد "المقاومة" في المنطقة.
من جانب آخر، قال "رشيد غزال" مدير مكتب مقبرة "دوما"، تقوم سيارات الإسعاف والفرق الطبية بعمليات الإجلاء للشهداء والجرحى، فيما يعتبر الدفاع المدني في مدينة "دوما"، هو المسؤول عن نقل وتكفين الجثث وتسليمها بعد ذلك إلى المقبرة، ليتولى بعدها عمال الأخيرة القيام بأعمال الدفن.
وأضاف في حديثه لـ"زمان الوصل" قائلا إن مراسم الدفن والجنازة والعزاء أصبحت من الأمور المنسية، لأن الأهالي لا يستطيعون ضمن هذه الظروف إقامة أي شكل من أشكال مراسم الدفن، أو حتى الذهاب لعزاء أقاربه أو أصدقائه في ظل القصف المتواصل الذي تتعرض له المنطقة.
أشار "غزال" إلى مثال يجسد هذه المأساة بالقول: "في اليوم الذي دفنا فيه 67 شهيدا، كان معظمهم من عائلة واحدة، حيث كانت هناك عائلة مؤلفة من 14 فرداً دفنوا جميعاً، ولم يتبقَّ منهم أحد، وحتى العائلات التي تبقى استشهد منها اثنان أو ثلاثة فإن بقية أفرادها يكونون في الاستشفاء أو العمليات أو غائبة عن الوعي".
ووفقاً لإحصائيات صادرة عن "منظمة أطباء بلا حدود"، فإن الغارات الجوية والقصف المدفعي العنيف الذي تشنه قوات النظام السوري، منذ منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي، على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، قد أدّت إلى وفاة أكثر من ألف شخص.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية