قرر اللاجئان الشابان "عدنان موسى" و"حسن عبارة" منذ أشهر فتح كشك لسندويش الفلافل في مدينة "أوسنابروك" لتأمين مصدر عيش لهما ولعائلتهما والاستغناء عن المساعدات الحكومية "جوب سنتر" التي يتلقاها الكثير من اللاجئين السوريين.
وكان هدفهما أيضاً نقل هذه الأكلة الشعبية الشرقية التي يتناولها الناس في معظم الدول العربية إلى سكان المدينة في مغامرة لم تخلُ من صعوبات، ولكنها نجحت وبات الكشك الصغير في حجمه يجتذب العشرات من الزبائن العرب والألمان والجنسيات الأخرى بشكل يومي في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 165 ألف نسمة.
في منتصف العام 2015 وصل "عدنان" إلى ألمانيا وبدأ بتعليم اللغة الألمانية بشكل مكثف، حتى أتقنها وتطوع الشاب القادم من دمشق بداية لجوئه بمنظمة "THW" التي تهدف لتقديم الدعم والمساعدة في حالات حدوث كوارث طبيعية.
واكتشف معارف وصداقات مميزة مع الوسط المحيط -كما يروي لـ"زمان الوصل"- مضيفاً أنه دأب أيضاً على المشاركة برحلات على الدراجات الهوائية للتعرف على أنحاء المدينة وتجهيز روضات الأطفال بعد موسم الشتاء، وأثناء ذلك –كما يقول- شارك مع زوجته في مشاريع طبخ مع عدد من الشبان والصبايا.
منذ حوالي التسعة أشهر بدأ موسى مواليد 1987 مع مجموعة من الشبان بالتحضير لتأسيس منظمة باسم "Minze" تهتم بمساعدة السوريين، ومن خلالها تعرف على صديقه وشريكه الحالي الفنان التشكيلي "حسن عبارة"، وبدأ معه بالتفكير بإنشاء مشروع عبارة شركة صغيرة مكونة من "Verkaufstand" أي "العربة" أو "الكشك" أطلقا عليه اسم die Laterne أي "الفانوس أو المصباح".
ويضم المشروع إضافة للعربة قسماً لتعهد أعياد الميلاد واجتماعات الشركات وحفلات الأفراح "Catering Service" ومشروع مطعم "orientalische Restaurant".
اعتاد اللاجئان "موسى" و"عبارة" على إيقاف عربتهما في شارع "die Große Straße" منتصف مدينة "أوسنابروك" (جنوب غرب ولاية ساكسونيا السفلى) في منطقة تكتظ بالزوار والعابرين ليقدما من خلالها وجبة واحدة هي الفلافل السورية بمكوناتها الأصلية.
وباتت العربة بلونيها الأخضر والأسود مركز استقطاب لأهالي المدينة الذين باتوا يستمتعون بهذه الأكلة التي يجربها بعضهم للمرة الأولى، خاصة أنها نباتية وطازجة وصحية، حسب وصفه.
وأكد "موسى" أن إقبال أهالي المدينة وحبهم للفلافل كان مفاجئاً للقائمين على المشروع لأن الألمان يحبون تجريب كل شيء وكان المشروع فرصة ليتذوقوا الفلافل ويحبوها.
وروى محدثنا الذي كان طالباً في السنة الثالثة بكلية الحقوق جامعة دمشق عام 2013 قبل لجوئه إلى ألمانيا أن موظفي مجلس البلدية في المدينة عندما رأوا نوعية الأكل الذي سيتم تقديمه وافقوا على الترخيص، لأن المادة المقدمة -حسب قوله- جديدة ولا يوجد منها في السوق المركزي وتضيف تنوعاً لما هو موجود في السوق من أطعمة.

وكشف أن البلدية المذكورة "سارعت بالترخيص وسمحت لهم بالبدء في كانون الأول ديسمبر من العام الماضي بالرغم من أن الرخصة كانت مقررة مطلع العام الحالي".
ولم يخف "موسى" وجود صعوبات وعراقيل واجهته مع شريكه بدءا من اختيار المادة التي سيبيعانها وتحضيرها ونقلها وبيعها والحصول على الرخصة، وما رافقها من معاملات ورقية طويلة، وصولاً إلى المحافظة على الجودة والتزام المعايير الصحية الصارمة في ألمانيا.
وأردف محدثنا وهو يقف خلف "الكاونتر" ويلف سندويشات الفلافل لزبائنه بكل متعة واهتمام أن التنسيق بينه وبين شريكه "حسن عبارة" لعب دوراً كبيراً في إنجاح المشروع وتجاوز العقبات.
وأثنى "موسى" على شريكه "الفنان صاحب الأفكار البناءة والحماس والإبداع"، معتبرا أن "أي مشروع استثماري يحتاج كي ينجح إلى حسابات وأرقام، ولكنه قبل ذلك بحاجة إلى الحب وحسن النية".
وحظي المشروع -حسب قوله باهتمام من الوسط الاجتماعي والإعلامي- حيث نشرت مجلة "Stadtblatt"، وكذلك جريدة المدينة الرئيسية على صفحاتها تقارير عن المشروع ومدى نجاحه.
ويعتزم اللاجئان "موسى" و"عبارة" التحضير لمطعم متنقل سيشارك في مهرجان "street food" للأكل بمدينة "كلوكنبورغ" الألمانية.
ويسعيان كما يقول لتطوير تجربة "الشتاند" وتوسيعها والاشتغال على باقي الأقسام بشكل مكثف لإثبات ذواتهم في السوق وتقديم صورة مشرقة عن فعالية السوريين ونجاحاتهم في كل المجالات أينما حلوا.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية