أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حلب.. الشباب القابض على ثورة لن تموت

حلب عام 2014 - جيتي

يودع السوريون -أو من بقي منهم على قيد الحياة- السبع العجاف من عمر ثورتهم اليتيمة وفي نفوسهم الكثير من الألم على ما تجرّعوا طول تلك السنوات من ظلم وطغيان ومجازر وتهجير، وقليل من الأمل بغد أفضل.

تمر ذكرى الثورة السورية للعام الثاني على الحلبيين وهم مُهجرون من مدينتهم التي نالت حصة الأسد من التدمير والمجازر التي ارتكبها النظام وحلفاؤه طول السنوات السبع الماضية، ويعيش أبناء المدنية اليوم غرباء في منفاهم بعد تهجير قاسٍ ترك في نفوسهم صوراً يقولون إنها لن تُمحى مهما بلغوا من العمر.

*كانت حلب
"حنين" فتاة حلبية حالفها الحظ نظرياً بأنها ظلت في حلب بعد تهجير رفاقها حين غامرت في سبيل بقاء روحها في جسدها كما قالت، حيث كانت تعمل في أحد المراكز التعليمية كإدارية أثناء الثورة وطوال ٤ سنوات في الأحياء الشرقية باسم مستعار، ونجحت طوال تلك الفترة بإخفاء اسمها الحقيقي، وساعدها ذلك بالإفلات من قبضة الأسد وشبيحته الذين اعتقلوا وقتلوا كل من كان له دور في الثورة الحلبية.

تروي "حنين" لـ"زمان الوصل" المشهد الحلبي اليوم بعد أن احتلها الروس والميليشيات الشيعية التي تسلطت على الأهالي وأصبحت تمارس بحقهم أسوأ أساليب الإذلال والقهر، فصادرت الممتلكات التي تركها أبناء المدينة ومنحوها لمنتسبي ميليشياتهم بالقوة، وأجبروا الشبان الصغار والكبار على حمل السلاح والالتحاق بهم تحت تهديد سحبهم لـ"خدمة العلم" وإرسالهم إلى جبهات مدن ومحافظات أخرى، وترغيبهم تارة بالمال والسلطة وتارة ببقائهم في مدينتهم في حال التحاقهم بصفوف تلك الميليشيات.

تقول "حنين" إنها أصبحت نادمة على مغامرتها بالبقاء في حلب، فحلب حسب تعبيرها لم تعد حلب التي ولدت وعاشت فيها ودرست في جامعتها، وشبهتها بالغابة التي يحكمها وحوش، ويعيش سكانها منذ احتلالها قلقا مستمرا وخوفا من خطف بناتهم، واغتصاب ممتلكاتهم، ورغم أن رفاقها يحسدونها على حلب، إلا أنها تبادلهم ذات الشعور، وترد عليها .. "كانت حلب".

*الحاجة إلى دماء جديدة
أما "حذيفة" الذي يعيش على بعد كيلومترات قليلة عن حلب، يقول إنه لم يندم على المشاركة بالثورة رغم كافة الضغوطات التي تعرض لها والفاتورة الكبيرة التي دفعها حين فقد شقيقه والكثير من رفاقه الذين قضوا على يد النظام أو حتى اولئك الذين قتلهم تنظيم "الدولة".
يتحدث "حذيفة" بفخر عن الثورة، رغم إقراره بأن النظام انتصر على الشعب السوري حسب تعبيره، لكنه يصر على أن مشاركته بالثورة منذ بدايتها وبقاءه في حلب حتى آخر حافلة كان شرفاً له ولن يندم على مشاركته يوماً، معتبراً أن من يجب عليه أن يندم هم الرماديون.
وأكد "حذيفة" الذي يعيش اليوم غرب حلب، استمراره في المشاركة بالنشاطات الثورية وحملات المناصرة، ليكون سفيراً لمدينته التي هُجر منها، معتبراً أن الثورة لن تموت بخسارة حلب وحتى بخسارة كافة المناطق المحررة، وأن الثورة السورية بحاجة لدماء جديدة تحمل مبادئها وتدافع عنها أينما وجدت.

*سقوط النظام غير كاف
بدوره يرى "حليم" أن النظام لم ينتصر على الثورة السورية، وإنما انتصر على الخيار العسكري للثورة معتبراً أن قيم الثورة لا يمكن أن تموت وستنتقل من جيل إلى جيل آخر حتى تنتصر.

ويؤكد "حليم" الذي خرج من حلب خلال عملية التهجير أواخر 2016 على عدم ندمه للمشاركة بالثورة السورية منذ بدايتها، ويرى أن خيار المشاركة بالثورة كان ومازال خياراً أخلاقياً وأنه لم يكن لديه أي تردد للمشاركة به والانخراط بالحراك الثوري الشعبي، وأنه إن كان يندم على شيء، فهو يندم على تقصيره خلال تلك الفترة، أنه كان يمكن أن يقدم أكثر على المستوى الشخصي والجماعي، الأمر الذي قد يغير من النتائج التي حصدتها الثورة الحلبية اليوم.

وبرأي "حليم" فإن انتصار الثورة لازال ممكناً لكنه يحتاج وقتاً طويلاً، وأن الخطوة الأولى والأهم حالياً هي إيقاف القتل وإسقاط النظام الأسدي وإسقاط المنظومة الأمنية والعسكرية الحاكمة لسوريا ثم تأتي مرحلة محاكمة مجرمي الحرب وكل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري، ليتمكن السوريون من الانتقال للمرحلة الثالثة والأصعب برأيه وهي العمل على بناء دولة حرة ديمقراطية مدنية تعددية.

ومن وجهة نظر "حليم"، فإن سقوط النظام شرط لازم، لكنه غير كاف لنجاح الثورة وأكبر دليل ما حصل بمصر على سبيل المثال.

ورأى أن الثورة السورية اليوم تحتاج لجهود ملايين السوريين في دول الشتات وجهود مضاعفة للعمل من أجل سوريا وحماية المدنيين بسوريا والتعريف بتاريخ الثورة السورية خلال السنوات الماضية لشعوب العالم، وخصوصاً أن السوريين انتشروا بكل دول العالم وهم قادرون على أن يناصروا قضيتهم بعد تنظيم الجهود وتوجيها للمكان الصحيح.

زمان الوصل - خاص
(79)    هل أعجبتك المقالة (72)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي