توفي في مثل هذا اليوم.. "عبود" الذي يعتقد العلويون أن موته آذن بخراب سوريا

من الصعب جدا أن تجد علوياً يتاخر عن ترديد عبارة "قدس الله روحه"، عندما يذكر أمامه "الشيخ حيدر عبود"، مجسدا (أي العلوي) عبر عبارته ما يعتقده في هذا "الشيخ" وغيره من عشرات المجايلين والمعاصرين له من رجال دين علويين، أمثال: حسن سعود، خضر السليمان، عبد الكريم سلامة، عبدالهادي حيدر، عبداللطيف إبراهيم، منصور معروف، محمد يوسف وقاف، خضر الحميري، علي عمران، صالح معروف....
ولكن لـ"الشيخ حيدر عبود" لدى العلويين "ميزة" تجعل اعتقادهم فيه يذهب أبعد من اعتقادهم بأي رجل أحلوه منزلة "القديس" و"الشفيع"، وهي "ميزة" ترتبط بتاريخ وفاته الذي صادف يوم 16 آذار/مارس 2011.
*لا سبيل
يخلع عموم العلويين على رجال دينهم هالات من القداسة، تجعل هؤلاء الرجال في نظرهم أهلا للشفاعة والتوسل وقضاء الحاجات، وتجعل من قبورهم (مقاماتهم) مقصدا للتبرك والدعاء، فـ"رضا" رجال الدين مطلوب سواء كانوا أحياء أو أمواتا، ومن هنا لايستغرب أن يسارع العلوي عند ذكر أحد رجال الدين لإلحاق عبارة "قدسه الله" أو "قدس روحه"، بعبارة "رزقنا الله رضاه".
ويتحفظ العلويون على البوح بتاريخ و"مآثر" رجال دينهم، لأن هذا في نظرهم يعد من باب "الإفشاء" الذي قد يصل بفاعله حد الخيانة، بل إن البعض يرى أن مجرد كتابة أسماء هؤلاء "المشايخ" ونشرها للعامة يدخل في باب "الحرام"، ويعد انتهاكا لـ"قدسية" أشخاص فوق مرتبة البشر؛ ما يعرض ناشر أخبارهم وصورهم للغضب والخسران.
وكأي "ولي" في نظرهم، يتجه العلويون لـ"الشيخ حيدر عبود" حتى بعد موته بمختلف الدعوات والأمنيات التي يرجون تحقيقها، بدءا من شفاء مريض، أو التوفيق لشخص ما وفتح أبواب الرزق له، وانتهاء بقضية من عيار "تحمي بلدنا"، "تنصر جيشنا"!
ومع شطط هذا المعتقد في حد ذاته، فإنه يبدو هيناً مقارنة مع ما يذهب إليه بعض العلويين من أن "الشيخ حيدر عبود" كان السد المنيع أمام تدفق الفتن والخراب الذي حل بسوريا، وأن موته إذن بانهيار هذا السد فغرقت سوريا في الدماء والدمار.
ويردد علويون بصراحة ووضوح كلمات تشير إلى اعتقادهم هذا، معتبرين أن "انتقاله" (لفظة بديلة لموته) كان التاريخ الفارق، الذي فُقدت فيه "البركة" من البلاد، وبدأت فيه "رحى الفواجع" تطحن الناس، واشتعلت نار حرب لا سبيل لإطفائها.
وكما تبدو حرب سوريا "لا سبيل لإطفائها"، يبدو أن لا سبيل لمعرفة سبب هذا الاعتقاد العلوي في شخص "عبود" بالذات، وهل هو بالفعل نابع عن شيء مسطور في كتب وتعاليم هذا الطائفة، أم أنه ربط "تلقائي" قام به "العقل الجمعي" للناس، متكئا على تزامن موت "عبود" مع اندلاع شرارة ثورة أصر النظام على قمعها بشراسة منذ البداية؛ تمهيدا لإغراق البلاد في مستنقع كبير من الصراعات وحروب الأصالة والوكالة.
*من هو؟
ولد "حيدر بن عبدالله بن حسن رمضان بن محمود" المعروف بـ"حيدر عبود" عام 1921 في قرية صغيرة من منطقة مصياف تدعى "الزاوي"، وهي تجاور قرية أشهر منها تسمى "اللقبة" ويتحدر منها "اللواء محمد ناصيف خير بك"، أحد أشهر الضابط المقربين من حافظ والذين سهروا على تربية وتوريث بشار، ثم ساعدو الأخير بكل إمكاناتهم في قمع الثورة السورية (مات ناصيف عام 2015).
في 16 آذار من عام 2011، مات "عبود" عن عمر يناهز 90 سنة، وحضرت تشييعه جموع غفيرة تدافعت في جنازته لحمل نعشه.
دفن "عبود" في قريته "الزاوي" ضمن ضريح تعلوه قبة ذهبية اللون، ويؤمه العلويون للتبرك والدعاء، حاله كحال مئات "المقامات" المنتشرة في ضيعهم وجبالهم.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية