أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثورة 8 أستانة 9.. عجلتنا التي لن توقفها كل عصي "الرعاة"

مرت النسخ الثمانية الماضية من أستانة دون أن تحقق "المعارضة" المشاركة فيها شيئا يذكر - أرشيف

بالتزامن مع مذابح الغوطة وحلول الذكرى الثامنة للثورة التي تصدت لها روسيا وإيران بكل قوتهما، وقتلت وهجرت الملايين ممن شاركوا فيها واحتضنوها، ودمرت مناطقهم تارة بسياسة الأرض المحروقة وأخرى بسياسة الأرض المنهوبة.. بالتزامن مع هذه الظروف انطلقت محادثات "أستانة" في نسختها التاسعة، برعاية الثلاثي "الضامن": روسيا، إيران، وتركيا.

وتركز هذه الجولة الجديدة على دراسة مناطق "خفض التوتر"، وهو المصطلح التخديري الذي اعتمده الاحتلال الروسي ريثما يكمل مع النظام خطته لبسط السيطرة على المناطق المحررة واحدة تلو الأخرى.

وقد مرت النسخ الثمانية الماضية من أستانة دون أن تحقق "المعارضة" المشاركة فيها شيئا يذكر، ودون أن تحصد سوى مزيد من الوعود المسوفة، ومزيدا من رسم مناطق "خفض توتر" على الورق، ما يلبث أن يتضح لاحقا أنها أعدت لتكون مناطق حرب ومعارك ومجازر، تفوق تلك التي كانت قبل أن يخرج الروس على العالم بهذا المصطلح، صيف العام الماضي.

وفيما يتابع النظام بمساعدة الاحتلال الروسي قضم ما تبقى من مساحات ملونة بالأخضر، ما زال البعض مصرا على تولية وجهه شطر "أستانة"؛ وكأنها باتت في نظر هؤلاء "كعبة" يلزم "الحج" إليها كل حين، وفرضا لا يتركه إلا "آثم".

وإنه من المثير للشفقة والسخرية معا أن يبادر "مصدر مشارك" في أستانة التاسعة للقول بإنهم سيناقشون البيان الختامي للجولة الماضية، ويقيّمون ما طرأ خلال الفترة السابقة على مناطق "خفض التوتر"، وخاصة في إدلب الغوطة الشرقية.. إدلب التي قضم النظام والاحتلالين الروسي والإيراني قبل فترة معظم ريفها الجنوبي الشرقي، ومازال طيرانهم يلقي فوقها براميله وصواريخه، والغوطة التي تشهد عدوانا واجتياحا غير مسبوق، حامله العسكري طيران موسكو الحربي، والسياسي غطاء "الفيتو" الموجود أبدا على طاولة "مجلس الأمن".. وكل ذلك تحت غطاء "خفض التوتر"، وتحت سمع ونظر الموقعين عليه والمروجين له.

والمثير للاستهجان أكثر أن "أستانة" احتاجت إلى 8 جولات بتمامها من أجل إعطاء الضوء الأخضر لانطلاق الاجتماع الأول لـ"مجموعة العمل" الخاصة بالمعتقلين والمختطفين، وهو اجتماع يبدو أنه لن يكون سوى صافرة البداية لمباراة ماراثونية، يعلم الاحتلال الروسي والنظام كيف يديرونها ويغرقونها في التفاصيل ليفرغوها من مضمونها.

وإذا كان ملف رئيس وملح مثل ملف المعتقلين تطلب ثمانية أستانات حتى يُفتح (يفتح وليس يطوى)، فكم ستستغرقه مسألة الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية لتأمين "انتقال سياسي"، يفترض أن ينهي بشكل أو بآخر حقبة تفرد الأسد بالبلد؟!

وبينما يتابع النظام "إصلاحاته" على الطريقة التي عهدها السوريون، ينبري الرعاة والمشاركون في "أستانة" للتأكيد على أن الجولة الحالية (التاسعة) ستناقش -فيما ستناقش- قضية "الإصلاح الدستوري" في سوريا.

هكذا إذن يؤقت الاجتماع ساعة جولته التاسعة على الذكرى الثامنة للثورة، ما يشي بأن في جعبة "أصحاب أستانة" مزيد من الآمال والمخططات لتعميم نموذج "الواقعية السياسية" في نسختها الانهزامية، رجاء أن يتحول جميع من ثاروا إلى "أستانيين صالحين".. ولكن عصا "الرعاة" قد تفلح في إيقاف كل أنواع العجلات، إلا عجلة الزمن، والثورة باتت زمن السوريين منذ آذار 2011.

إيثار عبد الحق - زمان الوصل
(88)    هل أعجبتك المقالة (84)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي