نقل رئيس الأركان الروسي "فاليري غراسيموف" رسالة من رئيس بلاده "بوتين" إلى بشار الأسد، مرفقة بخرائط توضح الخطوط الذي يجب على قوات النظام الالتزام بها وعدم تجاوزها في مقابلة الجيش التركي، ضمن شمال سوريا، وهو ما يكرس حقبة جديدة من هيمنة موسكو على قرار النظام، وصولا إلى استلابه كليا.
وبحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" فقد حل المسؤول الروسي في دمشق قبل يومين، في زيارة غير معلنة سلم خلالها بشار خرائط انتشار نقاط المراقبة لقواته شمال البلاد، متضمنة نشر 10 نقاط قرب أعزاز وتل رفعت ونبل والزهراء، لتضاف إلى 7 نقاط أخرى أقيمت سابقا، على أن لا تقترب هذه النقاط من عفرين، التي قضت التفاهمات بين موسكو وأنقرة وطهران بأن تكون من حصة الجيش التركي وفصائل سورية مشاركة في عملية "غصن الزيتون".
وفي مقابل هذه النقاط، سيقيم الجيش التركي نحو 13 نقطة مراقبة في أرياف إدلب وحماة وحلب، إضافة إلى مواصلة عملية "غضن الزيتون" لربط مناطق "درع الفرات" بمناطق إدلب.
وقام مسؤول في نظام بشار بإبلاغ قائد "وحدات الحماية"، سبان حمو، بهذه التفاهمات ونقاط الانتشار، الأمر الذي فسره قياديون في المليشيا بأنه قرار واضح من النظام بالتخلي عن عفرين والشمال لصالح تركيا.
وجاء إخطار النظام بمثابة تأكيد لرسالة سابقة وصلت إلى "حمو" من موسكو فحواها أنها لن تسمح للنظام بالتعاطي سلبا و"مقاومة" العمليات التركية شمال البلاد.
وعشية انطلاق "غصن الزيتون" في 20 كانون الثاني/ يناير، حصل لقاء ثلاثي حصل في حلب ضم "حمو"، ورئيس اللجنة الأمنية في حلب "العميد مالك عليا"، وقائد "المركز الروسي للمصالحة"، حيث عرض "حمو" حينها نص التفاهم مع دمشق حول 3 بنود: "التنسيق والتعاون الميداني بين الجيش السوري والوحدات، والعمل لصد الهجوم التركي، والعمل معا لتحرير المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي وفصائل مدعومة منه شمال عفرين وقرب الحدود".
وسعى النظام لإعادة "عفرين" إلى سلطته ولو رمزيا، لكن موسكو رفضت؛ "لأن التفاهمات مع أنقرة أكبر بكثير من عفرين"، بحسب قول مسؤول روسي.
بعد ذلك عمد النظام إلى "تخريجة" تفيد بإرسال "قوات شعبية" إلى عفرين وريفها، لكن الأتراك استهدفوا تلك المليشيات وأوقعوا عشرات القتلى في صفوفها، وكان هذا ما حذر منه قائد المركز الروسي حين أبلغ "حمو" و"عليا" خلال اجتماع حلب، بأن موسكو لن تدعم الاتفاق بين الوحدات وجيش النظام، بل إن "تنفيذ هذا الاتفاق خطوة خطرة جدا".
وجاءت الرسالة العسكرية الروسية الأخيرة إلى بشار بمثابة تمهيد الأرضية من أجل إدخال "عفرين" ضمن اتفاقات "خفض التصعيد"، التي تروجها موسكو، وكذلك قبل أيام من اجتماع روسي تركي إيراني في آستانة (15 الشهر الحالي ) سيمهد لاحقا لاجتماع رؤساء الدول الثلاث خلال نيسان/أبريل.
وبموجب التفاهمات مع روسيا، ستقوم تركيا بربط مناطق "درع الفرات" التي تبلغ مساحتها أكثر من 2100 كيلومتر مربع مع مناطق عفرين التي سيطرت إلى الآن على نحو ألف كيلومتر مربع منها.
وستسعى "أنقرة" إلى توسيع منطقة نفوذها لتكون الثالثة من حيث المساحة بعد منطقة النفوذ الأميركي البالغة ثلث مساحة سوريا، وحلف النظام وروسيا وإيران الذي يسيطر على نصف مساحة البلاد.
ولا تزال أنقرة متمسكة بتوسيع العمليات إلى منبج، وهي تأمل بالتوصل إلى تفاهم مع واشنطن حولها رغم استمرار عدم الثقة.
وبينما أبلغ الجانب الأميركي بوضوح قيادات مليشيا "وحدات الحماية" أن لا علاقة له بـ"عفرين"، فقد وعد بالدفاع عنهم شرق نهر الفرات.
ويعرض الجانب التركي وجودا مشتركا في "منبج" مقابل خروج "الوحدات" إلى شرق نهر الفرات، إضافة إلى إبعاد "الوحدات" عن الحدود التركية وتسيير دوريات تركية بدلاً منها، في مقابل طروحات أميركية بتوسيع دور "مجلس منبج العسكري" الذي يوصف بـ"العربي" وتغيير دور "الوحدات" في المدينة، مع قبول وجود نقاط تفتيش تركية في المدينة، التي تضم مركزا للجيش الأميركي في قلبها وآخر للجيش الروسي في ريفها.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية