أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لم أستطع منع أطفالي من البصق على وجوهكم ... د. عوض السليمان

دكتوراه في الإعلام - فرنسا


صرخ السيد عمرو موسى بأعلى صوته، اذهب يا سيادة الرئيس عباس إلى مجلس الأمن، وطالب بوقف فوري لقصف غزة وكلنا معك. ثم استدرك قائلاً بل خلفك.


عمرو موسى بالذات، يعرف أن مجلس الأمن يعمل في خدمة الصهيونية حاله كحال الأمم المتحدة أو الجامعة العربية نفسها. وعمرو موسى وبأم عينيه رأى كيف أن مجلس الأمن برر احتلال فلسطين وسلبها ونهب خيراتها، وقد رأى، إن كان يرى، أن المجلس الموقر صمت عن تدمير العراق واغتيال رئيسه الشهيد صدام حسين.

ينصب علمه وسط الركام في غزّة (خليل حمرا ـــ أ ب)

وأن مجلس الأمن ارتضى احتلال الجولان وتدمير لبنان، ومنع أبسط القرارات التي قد تخدش الصهاينة، ومن ذلك منعه لاستصدار قرار إدانة في جريمة مقتل الشهيد أحمد ياسين.


عمرو موسى يعرف كل ذلك، ولكنه طالب بأعلى صوته أن يذهب العرب إلى مجلس الأمن، ليتسولوا شفقة صهيونية.


غريب هذا الرجل المسمى أمين جامعة، إذ حري به أن يكون في أقصى التطرف للمصالح العربية، فهو حسب المنطق ممثل الشعب العربي وممثل الشهداء الذين سقطوا في غزة، بلغة أخرى هو أحد آبائهم أو إخوتهم، وهل يطالب الأب والأخ أن نذهب إلى مجلس الأمن لنسترد حقوقنا.

 وعلى فرض أن الذهاب إلى المجلس فيه خير، فلماذا ينتظر موسى خمسة أيام من القصف والتنكيل ليصرخ هذه الصرخة؟ أم أن الأوامر وصلت متأخرة، أم أنه يظن أن الصهاينة يريدون وقف القصف بالقريب العاجل.

ينتحبن أحد شهداء الغارات المستمرّة (صهيب سالم ـــ رويترز)            أثناء اقتحام مبنى السفارة البريطانية في طهران أول من أمس (أ ف ب)

  

لقد تطلع الناس إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب، علّ وزيراً منهم، أو أمينهم، يطالب برد فوري على العدوان على غزة، أو بتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، لكنهم، أي الوزراء، لم يتفقوا حتى على عقد قمة عربية، أي عقد لقاء بينهم، ذلك في الوقت الذي يجتمعون فيه كل يوم مع ليفني وباراك، وأولمرت، واسألوا عن ذلك الحكومة المصرية، وبعض أعضاء الحكومة السعودية.


كان حري بوزراء الخارجية الموتى، أن يطالبوا مصر بالكف عن المشاركة بتقتيل العزل في فلسطين، ومطالبة السعودية والبحرين بالتوقف عن قتل المتظاهرين سلمياً للتعبير عن وقوفهم إلى جانب غزة.


في مدن فرنسا، تظاهر آلاف الفرنسيين تعبيراً عن رفضهم للإجرام الصهيوني في فلسطين، ولم تمنعهم الشرطة من التظاهر أو الصراخ، أو سب الحكمة الفرنسية نفسها لعدم تدخلها.

بل إن الصحافة الأوروبية، تستغرب موقفكم الذليل، وتتساءل لأي درجة من الخنوع أنتم، وأكثر من ذلك فهي تشجعكم على الرد وعلى عدم ترك أطفال غزة وحدهم في مواجهة الطائرات .

أما في السعودية ومصر والبحرين، فالحكومات العربية تعلنها صراحة: لا تظاهر لغزة ولا معها، حتى بلغ الأمر زج المتظاهرين والمعبرين عن آرائهم في السجون.

 وبينما يقوم كتاب الخارجية الصهيونية بالهجوم على حماس والطلب من الصهاينة تدمير غزة على ساكنيها، يمنع الكتاب الآخرون وعلماء الدين من نصرة غزة ولو بالكلام ويغيبون في السجون.


لم يمر على الأمة العربية والإسلامية أكثر من هذا الذل ولا في عهد هولاكو وجنكيز خان، حتى وصلت بنا الطامة أن وزراء خارجيتنا، يرسلون بقضايانا إلى مجلس الأمن ليحلها، فبعد أن تقوم العصابات الصهيونية بذبح غزة وساكنيها، نتوسل إلى مجلس الأمن ليحل لنا القضية ويرفع عنا الأذى، بينما يدمر العدو بلاداً ومدناً ولا يعود إلى مجلس الأمن ولا يفكر به.


لقد رأيت البيان المخجل الذي خلص إليه المجتمعون في القاهرة، إنه يقولها بوضوح، لا علاقة لنا بغزة، ولن نحارب من أجل غزة، وذهب بعض الوزراء ليحملوا أطفال غزة وزر الجريمة الصهيونية، كما حملوا الرئيس الشهيد صدام حسين وزر احتلال العراق، وهم إذ يفعلون ذلك فبسبب خضوعهم وخنوعهم وعدم قدرتهم على التصرف، وإثباتاً لإخلاصهم للكيان الصهيوني.


لقد جاء الزمن الذي تصبح فيه الحكومات العربية مجرد خيال ظل وأشباح لا حول لها ولا قوة، وتحركها أصابع الإرهابيين شذاذ الآفاق.

من تظاهرة النيباليين في كاتماندو أمس (براكاش ماثيما ـ أ ف ب)


لقد حاولت منع أطفالي من البصق على صوركم في المرئيات، ولكنني لم أستطع، في الواقع لم أستطع أن أمنع نفسي عن المشاركة في البصق على وجوهكم.

(124)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي