داخل أروقة إحدى المدارس، في غرفة الصف تحديدا يضع الطلبة كتبهم على مقاعد الدراسة المهترئة تحت سقف الغرفة المثقوب أمام معلم يحاول تعويض الصغار حرمانهم من حق التعلم في منطقة "المرج" بغوطة دمشق.
كان ذك قبل أن تتوقف الدراسة نهائيا منذ أيام طلبا لحق أكثر أولوية من حق التعليم، ألا وهو حق البقاء على قيد الحياة في ظل قصف غير مسبوق على مناطق الغوطة كافة من قبل قوات الأسد وحلفائه.
"بناءٌ صغير سكني الأصل، مؤلف من شققٍ وغرفٍ منزلية غير مجهزة لتكون قاعة للتعليم"، يقول المدير "عبد الله أبو بكر" المشرف العام على العملية التعليمية في تلك المدرسة.

حجم المعاناة تعكسها نظرات الطفل "أحمد" على النوافذ المحطمة والأبواب المهترئة داخل المدرسة التي لا تقيهم شر البرد في شتاء قارس.
بينما يتعين على المعلم "أحمد سرية" أن يقطع 8 كم يوميا يوميا، ليصل مدرس اللغة العربية من منزله الكائن في بلدة "حزة" إلى المدرسة قرب بلدة "أوتايا" في منطقة "المرج".
يقول سرية "نواجه صعوبات على شقين إحداها تؤثر على الطلاب والأخرى على المعلمين، أهمها الفقر وغلاء أدوات التعليم كالأقلام والدفاتر التي يحتاجها الطالب، وقلة الإمكانيات عموماً وصعوبات التنقل من مكان لآخر للوصول إلى المدارس".
إحدى المدارس الأخيرة المتبقية في منطقة "المرج" التي لا تزال تتنفس بالعلم، لم يتحتم عليها الدمار كمصير باقي المدارس في المنطقة، لتبقى إلى جانب 7 أبنية مدرسية متبقية فقط معظمها متضرر جراء القصف الذي تعرضت له منطقة "المرج" خلال السنوات الست الماضية، بينما هنالك 7 كتل مدرسية بحاجة لإزالة كاملة من القواعد وإعادة أعمارها من جديد.

* تعليم الحد الأدنى
4 آلاف طالب وطالبة يشرف عليهم مجمع التربية والتعليم ويقدم لهم الخدمات المتوفرة للحفاظ على عملية التعليم في حدها الأدنى ومنعها من التوقف.
ارتفاع نسب التسرب لدى الطلبة لتصل إلى 25 % في معظم البلدات في منطقة "المرج"، ويعود ذلك إلى حالة الفقر التي تجبر الأهالي على الاعتماد على أطفالهم لجلب الحطب للتدفئة ومساعدتهم في العمل ليستطيعوا تأمين لقمة عيشهم اليومي.
بينما يصل عدد الكوادر التعليمية إلى 325 معلما وإداريا ومستخدما يعملون على سير العملية التعليمية في مجمع التربية لدى منطقة "المرج".
ويقول مدير المجمع الأستاذ "بشير" إن لدى المعلمين معوقات تمنعهم من إتمام عملهم بشكل كامل، أهمها سكنهم في أماكن بعيدة عن تمركز المدارس وارتفاع تكاليف النقل داخل الغوطة الشرقية كونها منطقة محاصرة.

وتحاول المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة باستمرار الدخول إلى تلك المناطق كونها الأكثر ضرراً وفقراً، بينما يقف نظام الأسد حائلا دون تقديم الخدمات الإنسانية اللازمة لعائلات "المرج" وأطفالها داخل المدارس.
ورغم دخول لجان تابعة الهلال الأحمر والأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة، إلا أن خدماتها توقفت عند معاينة حالة العائلات والأطفال ونسبة المرض الناتج عن الفقر لديهم، لتستمر معاناة الأطفال في الحرمان من حق التعلم والعيش بأمان، تحت سماء تمطر موتا وأرض تعج وتضج بمشاهد القتل والدمار.
سالم مدللة - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية