شكّلت الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية زخما قويا دفع التيار الثوري في جنوب العاصمة دمشق للنزول إلى الشارع لتقديم أقل ما يتوجب فعله وهو التضامن مع أهالي غوطة دمشق من خلال المظاهرات.
وشهدت الأيام الماضية عودة الحراك الثوري إلى شوارع بلدات الجنوب الدمشقي المحاصر، هذا الحراك الذي تم تقييده لسنوات خلت من عمر الهدنة التي أبرمتها البلدات الثلاث (يلدا ببيلا بيت سحم) مع قوات الأسد عام 2014 لتخفيف وطأة الحصار عليها.
وشكّل التحالف الذي نتج عن تلاقي المصالح بين نظام الأسد وعرابي العودة لأحضان نظامه من شيوخ المصالحات الخطر الأكبر الذي هدد كيان الثورة في المنطقة، فقد سعى رموز هذا التيار لتحريض الأهالي ضد الناشطين وفصائل المقاومة، وعملوا على نشر مفهوم مسؤولية الثورة أو الأزمة بحسب توصيفهم عن معاناة الأهالي وأن السبيل الوحيد لإنهاء المعاناة هو التصالح مع "الدولة السورية".
يقول "وليد الآغا"، وهو صحفي من جنوب العاصمة، لـ"زمان الوصل" إن محدودية الحراك الثوري في المنطقة كانت مرتبطة بعوامل عدة منها ظروف المنطقة واعتبارات الهدنة، إضافة إلى ذلك فإن علوّ صوت أصحاب مشروع المصالحة مع نظام الأسد لفترات طويلة على حساب الثورة كان من أهم الأسباب التي قيدت الحراك الثوري والذي نشهد عودة جديدة له في شوارع جنوب العاصمة، وهو أمر جيد خاصة في ظل الظروف التي تعاني منها المنطقة والثورة السورية بشكل عام.
تعود المظاهرات لتجوب شوارع البلدات الثلاث مرددة هتافات تطالب بإسقاط الأسد وترفع علم الثورة، الذي لطالما شكّل قضية جدلية في المنطقة نتيجة إشاعة رموز المصالحة بأن رفعه كفيل بإغلاق شريان الحياة للمنطقة حاجز "ببيلا- سيدي مقداد"، فما هي التحولات التي ساهمت في عودة الحراك الثوري إلى الشارع؟
الناشط "مجد النابلسي" يرى أن عودة الزخم للحراك الثوري في جنوب دمشق مرتبط أساسا بغياب عراب المصالحة الشيخ "أنس الطويل" عن المعادلة الداخلية، والذي كان يعتبر من أكثر المحرضين ضد الثورة والداعين للانخراط في مصالحة النظام.

ويضيف لـ"زمان الوصل" قائلا "التيار الثوري في جنوب العاصمة كان يتفاعل باستحياء مع تطورات وأحداث الثورة السورية وذلك نتيجة الضغوط الكبيرة من قبل تيار المصالحة والذي كان يحظى بنفوذ كبير في المنطقة، أيضا إحجام الفصائل العسكرية عن الوقوف إلى جانب نشطاء الثورة السورية في مواجهة رموز المصالحة كان له دور كبير في التضييق على التيار الثوري إلى أن أدركت الفصائل خطورة مشروع هذا التيار والذي كان الشيخ أنس الطويل من أهم رموزه في المنطقة والذي تمكنت الفصائل من إنهاء مشروعه في أول مواجهة عسكرية مع أنصاره في أول أيام العام الحالي".
واعتبر "النابلسي" أن غياب عراب المصالحة "الطويل" عن المعادلة الداخلية للمنطقة التي كان مؤثرا فيها بشكل كبير هي من أهم الأسباب التي ساهمت في تذليل العقبات أمام عودة الحراك السلمي بقوة إلى الشارع، حيث انطلقت يوم الأربعاء 21/2 أول مظاهرة ثورية في المنطقة عقب هزيمة "تيار المصالحة". وجاب المتظاهرون وهم مدنيون وعسكريون من فصائل الجيش الحر شوارع البلدات الثلاث تضامنا مع الغوطة، مطالبين بنصرتها، وتلاها العديد من المظاهرات والفعاليات الثورية، وكأن الثورة عادت إلى سيرتها الأولى في جنوب العاصمة.

لازالت الصعوبات كثيرة أمام تعافي الثورة في جنوب العاصمة من "سموم المصالحة"، كما يقول المصور "محمد أبو كاسم"، مشيرا إلى أن رفع علم الثورة رغم أهميته، لكنه يبقى تعبيرا ظاهريا فقط عن الثورة.
لكنه اعتبر في تصريح لـ"زمان الوصل" أن معيار تعافي الثورة في المنطقة لا يقاس إن كنا نستطيع رفع علم الثورة فيها أم لا فقط، مؤكدا أن الحراك الأخير أعطى دفعة وروحا جديدة للثورة عند كثير من شبان المنطقة.
ورجح "أبو كاسم" أن الحراك لن يستمر بهذه القوة إلا إذا رافقه حراك عسكري موازٍ بتوحد فصائل المقاومة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية