غيّب الموت يوم الجمعة في مشفى "اسكندرون" التركي المعارض السوري "طريف سيد عيسى" الملقب بأبي الفداء، وأحد رموز المعارضة السورية خلال أربعة عقود.
وقضى "سيد عيسى" متأثرا بإصابته في لغم طال سيارته منذ أكثر من شهر، وعُرف بمعارضته للنظام منذ مطلع الثمانينات قبل أن يُنفى خارج البلاد لمدة 35 سنة ويعود إليها بدايات الثورة فشارك فيها سلميا، قبل أن يضطر لحمل البندقية رغم تقدمه بالسن.
وروى قريبه الدكتور "مأمون سيد عيسى" لـ"زمان الوصل" أن حياة الراحل كانت سلسلة من المحطات الشاقة، بدءاً من هروبه من سيارة الأمن التي اعتقلته في الثمانينات، ومروراً بمسيرة شاقة عبر البراري والصحاري حتى الأردن ليعيش هناك حياة صعبة بدون وثائق وعمل أو مال، مضيفاً أن قريبه انتقل فيما بعد إلى العراق، ومن ثم السويد ليكتسب جوازاً للسفر بعد حرمان.
وكان يدبج الدراسات والمقالات في منفاه، كاشفاً جرائم النظام وبنيته الطائفية، وحين انفجرت شرارة الثورة السورية كان ابنه "فداء" -كما يؤكد قريبه- أول من أسس صفحة تنسيقية الثورة السورية وكانت هذه الصفحة تقود الثورة وتسمي أسماء الجمع في الثورة السورية، وحينها "سيد عيسى" ترك السويد ونعيم العيش فيها وقرر العودة لبلاده للمشاركة مع إخوته وأبنائه الثوار، ومن سوريا انتقل أبو الفداء إلى تركيا ليدخل المجلس الوطني الذي كان يضم العديد من رموز الثورة السورية ثم لم يلبث أن ترك العمل مع المعارضة السورية بعد حله.
حين أزفت معركة تحرير إدلب حمل "سيد عيسى" سلاحه في معركة الفتح ليدخل مع رفاقه الثوار محررين مدينتهم من "رجس النظام"، ليسارع إلى بيته في حارة "الكسيح" ويعانقه بعد حرمان 35 عاماً من الغياب القسري.
وأرسل لأقاربه وأصدقائه حينها عبر "فيسبوك" صورته وهو جالس يضحك على عتبة في أرض الدار.
وإلى جانب انخراطه في الثورة المسلحة عمل أبو الفداء -كما يقول محدثنا- في المجال الدعوي والخدمي والإغاثي بهمة ونشاط لا يشابهه بهما أحد، مفضلاً أن يسكن في شقة صغيرة بين أشجار الزيتون في أرض أبيه.
وروى محدثنا أن الراحل كان يقود سيارته المليئة بالكتب التي كان يوزعها على حلقات الدعوة التي كان يرعاها، فانفجر به لغم كان مُخبَّأ داخل السيارة التي طارت جراء الانفجار متراً في الهواء قبل أن تصطدم برصيف وتسقط في قبو مجاور للرصيف، ما أدى إلى تهتك في رئته وإصابة قاتلة في الدماغ وبقي غائباً عن الوعي إلى أن فارق الحياة.
وكشف محدثنا أن المعارض الراحل لم يكن يستطيع الكلام في فترة الغيبوبة، ولكنه كان يسمع من حوله، ناقلاً عن قريب له أنه اقترب منه في غرفة العناية، وقال له "إصح يا أبا الفداء.. سنتابع المشوار فالمعركة ضد الأسد لم تنته" وحينها -بحسب المصدر- انتفض المعارض المصاب بقوة وكأنه يريد القول "سنتابع المشوار لن يتوقف السوريون الأحرار عن ذلك مادامت الروح تسكن أجسادهم".
وختم محدثنا أن الراحل "كان يؤمن بالإسلام المعتدل السمح المستنير، وكان يتسم بالهمة العالية الشجاعة والجرأة في طرح رأيه دون خوف ويشهر تأييده العلني للمشروع الوطني للثورة السورية".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية