نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرا قبل يومين حول ما قالت إن "نساء سوريات يتعرضن للاستغلال الجنسي مقابل الحصول على مساعدات".
وأشارت "بي بي سي" في التقرير إلى أن عمليات "مقايضة المساعدات بالجنس لا تزال مستمرة في جنوب سوريا، بحسب تصريحات نسبتها لـ"دانييل سبنسر" (مستشارة إنسانية تعمل لصالح جمعية خيرية)، فإن مجموعة من النساء السوريات في مخيم للاجئين في الأردن أخبرنها أن "أفراد من المجالس المحلية في مناطق مثل درعا والقنيطرة قد عرضوا عليهن المساعدات مقابل ممارسة الجنس".
بدوره قال "عماد البطين" نائب رئيس مجلس محافظة درعا الحرة في حديث خاص لـ"زمان الوصل" إن ما حمله التقرير بخصوص الجنوب السوري وخاصة مناطق درعا المحررة والتي وردت في تقرير "بي بي سي" هي مجرد ادعاءات غايتها تشويه صورة الأعمال الإنسانية التي تقوم بها الإدارة المحلية في المنطقة، لا سيما أن التقرير جاء ضعيفًا وتحدث بلغة العموم، فلم يثبت شهادات لأفراد في مناطق الجنوب المحرر قد تعرضت لمثل هذه الأفعال.
وأضاف إن المجالس المحلية المدنية في المنطقة الجنوبية هي مجالس منتخبة من الأهالي، تراقب عملها هيئات مختصة في مجلس المحافظة تقوم بمهمة الرقابة والتبليغ عن أي خلل يتم إلى الجهة القضائية في المنطقة.
وأكد "البطين" أنه "منذ تأسيس مجلس محافظة درعا الحرة والمجالس المحلية المدنية في المناطق المحررة، لم يرد إلينا معلومات عن تسجيل أي حالة تتهم أعضاء المجالس المحلية بعملية مقايضة، إضافة إلى أن اللجنة المركزية في مجلس المحافظة الحر يتابع أدق التفاصيل حول أعمال المجالس المدنية في القرى والبلدات المحررة من درعا بما فيها تدقيق قوائم المستفيدين من الخدمة المقدمة، والمتابعة على آلية تنفيذها".
ولفت الدكتور "عبد الحكيم المصري" معاون وزير المالية في الحكومة السورية المؤقتة إلى أن التقرير الذي نشر في "بي بي سي" البريطانية، يفتقر إلى عنصري الأدلة والشهود، فلم يثبت لدينا أي حالة غير أخلاقية كمثل تقديم المساعدات مقابل الاستغلال الجسدي، فالمجالس المحلية في المنطقة المحررة هي في الأساس جاءت نتيجة انتخابات حرة قام بها الأهالي وليس من الطبيعي أن يقوم هؤلاء بأفعال تضر بمكانتهم التي جاءت عن طريق الثقة، فالناس كما نعلم لا تجمع على باطل.
وأضاف "إن عملية توزيع المساعدات الإنسانية تقوم تحت مراقبة لجان محلية، ما يجعل عملية الاستغلال أمرا خارجا عن نطاق المعقول، إضافة إلى رقابة الجهة المانحة للمساعدات على هذه العملية، فكيف يخطر على بال أحد اتفاق هذه الجهات الأربع على عملية الاستغلال".
وتابع "في كل مجلس محلي مكتب يختص بشؤون المرأة يتابع شكواها ويعمل على تعزيز دورها في المجتمع، وهذا المكتب رغم قربة الشديد من النساء في المناطق المحررة، إلا أنه لم يبلغ عن أي شكوى من هذا القبيل".
بدوره قال "عصمت العبسي" رئيس محكمة دار العدل في حوران أن المحكمة جاهزة للتحقيق بالموضوع، مؤكدًا أنه لم ترد للمحكمة أي شكوى من هذا القبيل، رغم سهولة تقديم الشكوى في المحكمة.
وأضاف في تصريح لـ"زمان الوصل" أنه "من أصل 21 ألف دعوة قضائية سجلت في محافظة درعا والقنيطرة وردت إلى دار العدل في حوران لم تسجل أي شكوى في المنطقة، حول استغلال العاملين في المجالس المحلية أو منظمات المجتمع المدني باستغلال المساعدات للقيام بأفعال غير أخلاقية كما وردت في تقرير بي بي سي".
بينما أوضح النقيب "زياد" أحد قياديي "الشرطة الحرة" في درعا لـ"زمان الوصل" أن عناصر الأخيرة يقومون بمراقبة وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المستهدفة، ويتواجدون دائما عند البدء بتوزيعها خشيه أي نوع من أنواع الشغب، كما أن مكاتبها متوزعة على معظم مناطق الجنوب المحرر، ولم ترد أي دعوة حول تورط أي جهة كانت بمثل هذا الفعل الذي حمله التقرير.
الصحفي "مهند الحوراني" قال "من خلال اطلاعنا على التقرير نلحظ عملية نسب الكلام إلى مجهول مثل قال أحد الموظفين، وسمعت من إحدى النازحات دون تبيان لأسماء حقيقية والاعتماد على معلومات تنسب إلى مجهولين فقط، ويأتي تسليط الضوء من خلال الاتهامات بوجود هذه الحالات في الجنوب السوري المحرر استمرار لسياسة المحطة للإساءة لمناطق سيطرة المعارضة".
وأفاد المهندس "ابراهيم المقداد" مسؤول المجلس المحلي في مدينة "بصرى الشام" سابقًا بريف درعا الشرقي بأن هناك آليّة معتمدة في المجالس المحليّة للرقابة على المنظّمات ولا تستطيع أيّ منظّمة الدخول والتوزيع إلا عن طريق المكتب الإغاثي التابع للمجلس المحلي، وهناك إجراءات شفّافة معتمدة بهذا الخصوص، وتتم عملية تسليم الإغاثة بحضور أعضاء المكتب الإغاثي وموظفي المنظمة.
وأردف لـ"زمان الوصل": "يمكن حدوث بعض التجاوزات خلال عمليات التوزيع كالنقصان أو الزيادة وهي نادرة، لكن ليس باتجاه ما أشار إليه تقرير بي بي سي، وطوال فترة وجودي في المجلس المدينة لم تُسجَّل أيّ شكوى بهذا الخصوص".
توجهنا بالاتهامات التي حملها التقرير إلى السيدة "فادية الشريف" مسؤولة مكتب المرأة في أحد المجالس المحلية في درعا، وأبدت "الشريف" انزعاجها الكبير لما حمله هذا التقرير من إساءة إلى المرأة في مناطق الجنوب، فهذه المناطق التي أشار إليها التقرير معروفة بأنها مجتمعات محافظة، ولا يمكن لعمل مثل هذا إن وجد كما ادعى التقرير أن يبقى طي الكتمان.
وأضاف "أعتقد أنها إحدى محاولات التشويه المتعمد خصوصا إذا ما نظرنا إلى الجهة التي أصدرته خاصة في مراقبة تغطيتها التي تساوي بين المجرم والضحية في سوريا.
وللخروج بنتيجة ترضي النزاهة الصحفية قامت "زمان الوصل" بجولة على عدد من النساء توزعت جغرافيا بين المناطق والبلدات المحررة من ريفي درعا الشرقي والغربي من أجل الوقوف على الحقيقة.
وجاء الرد من كافة النساء اللائي استطعنا الوصول إليهن بالنفي القاطع لأي حالة استغلال جسدي أو مادي أو تعرضهن لعملية مقايضة، ولفت انتباهنا استغراب النساء من مثل هذا التقرير، مشيرات إلى أنهن لا يستطعن السكوت على مثل هذا الفعل لو حدث.
من خلال ما حصلت عليه "زمان الوصل" من فئات وأشخاص يعملون في صلب المجتمع المدني في درعا نلحظ الاستعداد الكامل للتحقيق بالموضوع مع التأكيد على النفي الكامل لكل ما ورد في التقرير وخص الجنوب السوري المحرر، إذ لم تشر أي جهة ولو مجرد إشارة بسيطة إلى أفعال أو أشخاص تعرضوا لما جاء به التقرير.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية