رغم أنف كل الذين تحدثوا عن اللياقات واللباقات ، وضرورة استخدام الأسلوب الحضاري في التعبير عن الرأي ، فقد كتب حذاء منتظر الزيدي نهاية طاغية القرن ، وسفاح العصر جورج دبليو بوش. وأصبح الحذاء قريناً أبدياً للرئيس الذي أجبر بلاده ممثلة به على الانحناء للحذاء. بفعل تصرفاته الشائنة وسياساته الرعناء .
ومثلما أجبر حذاء منتظر الزيدي الإمبراطورية الأمريكية على الانحناء خوفاً منه . فقد كشف هذا الحذاء سلسلة أكاذيب حاول الجبروت الإعلامي الأمريكي والدائرون في فلكه جعلها حقائق. وأول هذه الأكاذيب التي فضحها الحذاء الذي انحنت له الإمبراطورية الأمريكية ممثلة ببوش، هي أن الشعب العراقي لم ولن يرحب بالوجود الأمريكي،ولم يستقبل جنوده الإمبراطورية الأمريكية بالورود والرياحين. وإذا لم يصدق المبهورون بالنموذج الأمريكي نعوش آلاف الجنود الأمريكيين، الذين أسقطوا برصاص وصواريخ المقاومة العراقية ، التي تؤكد كل يوم أن العراقيين يستقبلون المحتل الأمريكي بالرصاص وليس بالورود ، فإن عليهم أن يقتنعوا الآن بأن العراقيين مثلما استقبلوا جنود الاحتلال بالرصاص فإنهم سيودعونهم بالأحذية . تماماً مثلما فعل منتظر الزيدي الذي ختم بحذائه تاريخ بوش المليء بالمخازي
وإذا كان حذاء الزيدي قد كشف زيف الأكاذيب الأمريكية في العراق و حول العراق،وهي الأكاذيب التي اعترف بالكثير منها رموز الإمبراطورية الأمريكية ابتداء من كولن باول وصولاً إلى بوش الابن نفسه . فإن هذا الحذاء كشف كذلك حجم الهيمنة الأمريكية على الكثير من وسائل الإعلام الناطقة بالعربية والتي تعمل في بلادنا . وتدعي أنها عربية، رغم أنها تتبنى المفاهيم العبرية و تنضح بالأحقاد العبرية. فرغم أن العالم كله بما في ذلك غالبية الأمريكان أبدى حبوره بما فعل الزيدي . عندما قذف حذاءه في وجه بوش الابن. واعتبر ذلك تعبيراً عن حقيقة مواقف شعوب العالم بما فيها غالبية الشعب الأمريكي اتجاه رعونة بوش الابن ، الذي أغرق العالم بالدماء قبل أن يغرقه بأزمة اقتصادية خانقة .رغم ذلك كله فإن بعض وسائل الإعلام التي تعلن عن نفسها بأنها عربية، حاولت أن تفرغ ما أقدم عليه منتظر الزيدي من مضامينه ودلالاته فتحدثت عن اللياقة واللباقة . وعن الأسلوب الحضاري في التعبير عن الرأي . وكأني بأصحاب هذه المقولة يريدون من الضحية أن تبتسم في وجه قاتلها بل وأن تشكره على جريمته. ونريد أن نسأل هؤلاء
هل إقدام بوش وإدارته وحلفائه وعملائه على احتلال العراق ومن قبله أفغانستان وذبح شعبيهما تعبير حضاري عن العلاقة بين الدول والشعوب؟
هل قتل المدنيين العزل أثناء الأفراح والأتراح وهو القتل الذي مارسته الجيوش الأمريكية في العراق وأفغانستان عمل لائق وتصرف لبقاً ليتم الرد عليه بلباقة ولياقة ؟
غير اللباقة واللياقة اللتين تحدثت عنهما وسائل الإعلام التابعة والذليلة لتفريغ عمل الزيدي من مضمونه ودلالاته ، فقد حاولت هذه الوسائل تجيير الحدث لمصلحة سيدها بوش عندما تحدثت عن روح النكتة لديه . وعن لياقته البدنية وعن ديمقراطيته.
أما عن روح النكتة لدى بوش فإن ملامح الرجل البلهاء بعد تلقيه الحذاء القذيفة ، وما قاله تعليقاً على ذلك لاتدل على روح النكتة بمقدار ما تدل على عدم مبالاته. وهو أمر غير مستغرب من رجل قتل آلاف البشر في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان في حروبه المعلنة والسرية على العرب والمسلمين أما ما اعتبرته وسائل الإعلام تلك، لياقة بدنية فإنه يدخل أيضاً في باب ردة الفعل الطبيعية للخائف . رغم أننا لانستطيع إنكار أثر الجري اليومي الذي يمارسه بوش الذي يغادر موقعه بقبلة من حذاء على بنيته الجسدية التي تغنى بها بعض الإعلاميين.
أما أن تصرف بوش يعبر عن روح ديمقراطية ، كما حاول هو أن يقول وكما حاولت أن تروج زبانيته وفي الطليعة منهم كونداليزا رايس. فهذه هي الأكذوبة الكبرى . فأي ديمقراطية هذه التي تستبيح أرض شعب وكرامته وتفرض عليه نمط الحكم وتفرض عليه من يحكمه.
وأي ديمقراطية يتم في ظلها وباسمها ما يتم في سجن أبو غريب؟
وأي ديمقراطية هذه التي تشن باسمها حروب ضد دول ذات سيادة ثم يقول من شنوا هذه الحرب أنهم فعلوا ذلك بناء على معلومات كاذبة؟
أي ديمقراطية هذه التي قتل بنيرانها عشرات الصحفيين الذين حاولوا نقل الحقيقة من أمثال طارق أيوب وغيره من شهداء الحرية في العراق وأفغانستان وحيثما وصل الرصاص الأمريكي؟
وأي ديمقراطيه هذه التي تقول أنه من ليس معنا فهو ضدنا . وهي القاعدة التي طالما رددها بوش الذي تحدثت بعض وسائل الإعلام الناطقة بلغتنا عن ديمقراطيته اتجاه ما فعله منتظر الزيدي . الذي أكيلت له الضربات أمام بوش فلم يحاول أن يقول كلمة لمنع ضرب الصحفي الذي عبر عن رأيه ؟
وفي إطار سعيها لإفراغ عمل الزيدي من دلالاته ذهبت وسائل الإعلام التي نتحدث عنها إلى استحضار قصص تاريخية عن الحذاء والأحذية لكنها لم تجد واحدة منها ترقى إلى حذاء منتظر الزيدي ودلالاته. لكنه التزوير يفعل فعله. فإذا كان تاريخ الشعوب يزور ويتم التلاعب به. فهل ستعجز وسائل إعلام مباعة لأنها قامت أصلاً لتزوير إرادة أمتنا هل ستعجز هذه الوسائل عن تزوير تاريخ الأحذية والقباقيب إرضاء لبوش
وعلى ذكر إرادة أمتنا والجهود المبذولة لتزويرها ، نقول :إن واقعة قذف منتظر الزيدي لبوش بحذائه أكدت من جديد ما حاولت وسائل الإعلام إياها تغييبه أو تزويره أعني وحدة مشاعر ووجدان أمتنا وعدوها المشترك . بدليل هذا الفرح الغامر الذي دخل إلى قلوب ملايين العرب من الخليج إلى المحيط . وهم يشاهدون حذاء واحد منهم ينطلق باتجاه وجه بوش ويجبره على الانحناء أمامه على مرأى ومشهد من العالم كله. وهذا الفرح وهذه الغبطة يؤكدان بأن الأمة كلها تعرف من هو عدوها فتفرح لأي مس يصيبه.
ومثلما كشف حذاء الزيدي زيف الأكاذيب الأمريكية في العراق وحول العراق. فإن واقعة إهانة بوش في المنطقة الخضراء في بغداد السليبة أكدت حقيقة كبرى هي حجم البون الشاسع بين مواقف الحكومات وخيارات الشعوب. ومن ثم إصرار أبناء أمتنا على مقاومة المحتلين والغزاة . غير آبهين بنظرية توازن القوى التي يحاول البعض أن يروجها في بلادنا لتثبيط عزيمة أبناء الأمة . وقد فات هؤلاء المثبطون أن الغزاة والمحتلين لم يخرجوا من بلادنا يوماً بفعل توازن القوى بيننا وبينهم . بل بفعل مقاومتنا الشعبية التي تبتكر من الأسلحة ووالوسائل ما يبطل تأثير أشد الأسلحة فتكاً . ويحدث تأثيراً أقوى وأكثر خلوداً من أي جيش على وجه الأرض. وآخر الأدلة على أثر المقاومة الشعبية ما فعله حذاء الزيدي سواء لناحية المس بهيبة بوش واضطراره للانحناء أمام حذاء بكل ما يمثله هذا الانحناء من رمزية ودلالات أو من حيث الأثر المعنوي الكبير على أبناء الأمة وهم يرون قاتل إخوانهم ينحني لحذاء أحدهم.أو من حيث الحقائق التي أكدها وتلك التي كشف زيفها
وإذا كان البعض لايريد أن يسلم بأثر حذاء الزيدي باعتبارهم من أصحاب اللياقات واللباقات. فهل ينكر هؤلاء أثر الابتكار العبقري لأهلنا المحاصرين في غزة والمتمثل بالانفاق التي تحولت إلى شرايين حياة تخفف من أثرالحصار ومن استراتيجية العدو لتركيع شعبنا في غزة وسائر فلسطين المحتلة
أم ينكر هؤلاء الداعون للتسليم للعدو وللقرار الأمريكي أثر السلاح العبقري الذي ابتدعه أهلنا في فلسطين، عندما فجروا انتفاضة الحجارة فصار الحجر أمضى أسلحة القرن وأجبر العدو على طلب التفاوض مع أبناء فلسطين؟
وهل ينكر هؤلاء المستسلمون كيف استطاع المقاوم في فلسطين أن ينتصر على حصار الأسلحة ، وسعي العدو لحرمانه منها . وكيف حول هذا المقاوم الجرافات إلى أسلحة تفتك بالجنود والمستوطنين الإسرائيليين؟
وهل ينكر أصحاب نظرية توازن القوى أن أبناء أمتنا انتصروا على تفوق عدوهم بالأسلحة الأتوماتيكية عندما حولوا السكاكين والخناجر إلى سلاح ينال من عدوهم؟
وهل ينكر هؤلاء المفتونون بالنموذج الغربي وإسرائيل منه وبقدرات هذا النموذج العسكرية، كيف تحولت الدواليب المحروقة في مدننا إلى سلاح يشل حركة جنود العدو ومصفحاته وآلياته؟
خلاصة القول أن الأمم الحية ومنها أمتنا ، لاتعجز عن ابتكار الوسائل التي تقاوم بها محتل أرضها . وأن هذه الوسائل على بساطتها استطاعت وبتراكمها المدعوم بروح الاستشهاد أن تصمد أمام العدو. وأن توهنه وتجبره على الانسحاب من أرضها . فالشعب المسلح والمقاومة الشعبية هما وسيلتنا إلى الانتصار القادم بفعل أسلحة كثيرة لن تعجز عبقرية أمتنا عن ابتداعها
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية