أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رغم خلبية القرار الأممي.. الموالون يجددون فضح وحشيتهم دون تقية تجاه أبناء الغوطة

من الغوطة - جيتي

"أبيدوا أطفال الغوطة فهم فراخ الإرهابيين، اقتلوا النساء، هن زوجات وأمهات الإرهابيين"، دعوة وجهتها "لمى ديوب" على صفحتها على "فيس بوك" إلى "رجال الجيش العربي السوري ونسوره" و"الأصدقاء الروس" و"الحلفاء الإيرانيين"، واحدة من مئات وربما آلاف الدعوات المشابهة التي أطلقها موالون للأسد.

دعوات تجاوزت الجاهلية بقالبها الطائفي، وكان تبرير مطلقيها أقبح من ذنبهم بأن كل سكان الغوطة إرهابيون، في وقت يدرك كل العالم أن عدد عناصر "هيئة تحرير الشام" ( النصرة سابقا) المصنّفة كتنظيم إرهابي لا يتجاوز 200 فيها.

العدد الكبير لدعوات إبادة الغوطة يجعل منها حالة أقرب للجمعية مع مشاركة شبكات إعلامية متعددة فيها، وهذا ما يدفع للاعتقاد بأن النظام هو من وجّه لهذه الدعوات لتعزيز الفتنة الطائفية وزيادة شحن أبناء طائفته وعناصرها في القوات المهاجمة للغوطة، وجاءت عقب أنباء تواترت عن خلافات بين الميليشيات التي استدعيت للمشاركة في اقتحامها.

"إنهم الشياطين، أحرقوهم"، تعليق ورد على منشور يفيض حقدا نشرته "شبكة أخبار اللاذقية وجبلة وطرطوس" ولم تكن بقية التعليقات أقل من ذلك، وكان لافتا غياب التعليقات العقلانية، أو ربما تم حذفها (إن وجدت) بناء على تعليمات يرجح صدورها من الجهات الأمنية لزيادة الشحن الطائفي، وشحذ من فترت همتهم عن قتل الأبرياء.

هذا بعض من حال العالم الافتراضي الإلكتروني، ولكن الواقع شهد ما هو أكثر طائفية وحقدا، تحدث عنه ناشطون متعاونون مع "زمان الوصل"، حيث أشاروا إلى سعادة غمرت وجوه الموالين مع الأنباء الواردة عن مقتل الأطفال والنساء والشيوخ في الغوطة.

وأشار الناشط "محمد الساحلي" إلى أن بائع دخان مهرب في ساحة "الشيخ ضاهر" في اللاذقية وزع 100 علبة سجائر مجانا ابتهاجا بقصف الغوطة، وعقدت مجموعة من صبايا الطائفة حلقة دبكة في الساحة ذاتها للغرض ذاته.

ومن جبلة نقل الناشط "عمر البحري" أن كثيرا من سرافيس المدينة باتجاه الريف نقلت الموالين مجانا على صوت الأغاني التي تحيي جيش الأسد، وقال في اتصال مع "زمان الوصل" "تتركز أحاديث الموالين في المقاهي والمحلات التجارية ووسائل النقل على أحداث الغوطة، والجميع يتمنى سحقها وقتل نسائها وأطفالها وشيوخها قبل رجالها، انتقاما لمقتل عدد من سكان مدينة عدرا العمالية حسب قولهم".

ولم يختلف الحال في مدن "القرداحة وبانياس وطرطوس"، حيث أشار الناشط الإعلامي "مصطفى البانياسي" إلى تنظيم مجموعة من الصبايا والشباب حملة تبرعات في طرطوس وريفها لمنحها لأسر الطيارين الذين يقصفون الغوطة تقديرا لبطولات أبنائهم، وبادرت مجموعة في القرداحة تطلق على نفسها "عشاق الشهيد" إلى زيارة أسر قتلى النظام، وتقديم المباركة لهم بقرب الانتقام من قتلة أبنائهم.

اعتاد موالو الأسد التحريض الطائفي بالتزامن مع كل حملة يقوم بها جيشه على المدنيين، ولكن تضاعفت بشكل غير مسبوق مع حملته مع الميليشيات والدول المساندة له على الغوطة.

"زمان الوصل" سألت الباحث الاجتماعي الدكتور "طلال مصطفي" عن سرّ مشاعر الكره والحقد الذي لم تشهد سورية له مثيلا من قبل، فأرجعه إلى "حقد طائفي قائم على ادعاء المظلومية".

وقال "الدعوة الصادرة الى الإبادة الجماعية لسكان الغوطة الشرقية حاليا وللمدن السورية الأخرى سابقاً ليست من شخصيات سورية عادية، بل من شخصيات سياسية تعكس كراهية وحقدا للآخرين، وتعبر عن رواسب ثقافية ثأرية تاريخية، مرتبطة بسرديات تاريخية عن المظلومية".

وأضاف الدكتور مصطفى: "دعوات الإبادة، ليست جديدة، فقد سبق لرأس النظام بشار الأسد أن وصف السوريين الآخرين بالجراثيم، ودعا مواليه لاستئصالهم من سوريا، وهذا ما يحصل في الغوطة الشرقية، والمدن السورية الأخرى".

وأشار "مصطفى" إلى أن هذه الظاهرة الاجتماعية في سوريا – ظاهرة الدعوة للإبادة الجماعية للآخرين- تدفع لطرح تساؤلات مشروعة حول العوامل التي تقف وراء ظهورها، وخصوصيتها في المجتمع السوري، ورجح أن تكون رواسب وآثار التعصب الطائفي ما تزال تفعل فعلها في هذه الظاهرة، "فإذا فحصنا خطاب دعوات الإبادة وجدناه يتراوح بين خطاب وطني ظاهر (يحارب الإرهاب) وبين خطاب طائفي صريح، يعتمد على التشويه والتعبيرات غير اللائقة، وعلى لغة صدامية ترفض التوفيق أو التوافق، بل على الانتصار كما تزعم حتى لو على حساب الاعتبارات الإنسانية". 

الباحث الاجتماعي وصف اللغة المستخدمة في هذه الدعوات بأنها بعيدة عن إعمال العقل، توجهها غرائز وحشية ناتجة عن رواسب ثقافية شمولية مغلوطة، تضع الخير كله في طرفها والشر كله في الطرف الآخر(الإرهابيين)، ولا تسمح بالتشكيك والمناقشة.

ولم يستبعد الباحث أن يكون لمخابرات النظام دور في تغذية هذه المشاعر خدمة لمشروع الأسد في تعميق الانقسام بين السوريين.

ولم يكد يصدر قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بوقف إطلاق النار يوم أمس حتى أبدت أغلب شبكات الإعلام الموالية للنظام غضبها ووصفته بالمؤامرة على القيادة والجيش، واتهمته "شبكة أخبار البهلولية" بأنه جاء لحماية "الإرهابيين" برعاية أمريكية.

ويبدو أن قوات الأسد ومرتزقتها لبت دعوات التوحش لمواليها، ضاربة عرض الحائط بالقرار الأممي ومجلس الأمن الذي لم يجف حبره حين بدأ النظام محاولات اقتحام برية للغوطة ترافقت مع قصف جوي ومدفعي في يوم لم يختلف عن أيام قبل قرار الهدنة.

عبد السلام حاج بكري - زمان الوصل
(95)    هل أعجبتك المقالة (112)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي