يعتزم نظام الأسد نقل رفات "شهداء وموتى الثورة" من حدائق حلب الشرقية إلى "المقبرة الإسلامية الحديثة" شرقي المدينة، تحت مسمى "تجميل المدينة"، بحسب ناشطين من المدينة.
واعتبر البعض هذا الإجراء بأنه استكمال لملاحقة ثوار وناشطي المدينة حتى بعد موتهم، والعمل على إنهاء أي رابط يجمعهم بمدينتهم حلب، ومسح أي ذكرى للثورة فيها، بعد سيطرته عليها نهاية العام 2016.
وحسب مصادر صحفية موالية، فإن نظام الأسد قام مؤخرا بتشكيل ما أسماها "لجنة نقل المقابر العشوائية" المشكلة بالقرار رقم (11145)، الصادر عن محافظ نظام الأسد في حلب، وهدفها نقل 5500 جثمان من أحياء حلب الشرقية إلى "المقبرة الإسلامية الحديثة"، حيث تعمل اللجنة على إعداد إضبارة تنفيذية من قبل "مديرية الأوقاف" بقيمة 50 مليون ليرة سورية من أجل تنفيذ المشروع.
وخلال الحملة العسكرية الشرسة التي شنها نظام الأسد على مدينة حلب عام 2016 قضى المئات من المدنيين والعسكريين من المقاتلين في المقاومة السورية، وغصت المقابر في أحياء حلب الشرقية بالموتى، الأمر الذي دفع أهاليهم إلى دفنهم في الحدائق العامة ومنصفات الطرق العامة، لتتحول تلك الحدائق من مكان للترفيه والتنزه إلى مقابر.
وبينما أكدت مصادر أهلية أن نظام الأسد عمد منذ أن سيطر على المدينة نهاية عام 2016 إلى محو أي أثر يرتبط بالثورة السورية والحراك الشعبي، مشيرة إلى أنه (النظام) قام بطلاء جميع الجدران وواجهات المحال التجارية التي رسم عليها علم الثورة بعلم النظام، إضافة إلى إزالة النُصب التذكارية التي كتب عليها أسماء "شهداء المقاومة"، التي كانت تنتشر في الساحات الرئيسية من أحياء حلب القديمة والشرقية، فيما بقيت تلك المقابر شاهدا على هول الجرائم التي ارتكبها النظام.
ورجحت المصادر أن يؤدي النقل العشوائي للجثامين إلى فقدان بعضها، وصعوبة التعرف أصحابها ومكانها الجديد، "نتيجة خروج ذوي الشهداء والأموات نحو الريف الغربي بعد عملية التهجير القسري التي قام بها نظام الأسد بحق أهالي الأحياء الشرقية نحو الريف الغربي، ويمثل عملية انتقام من رموز الثورة".
وفي هذا الشأن قال "محمد كحيل" مدير "الطبابة الشرعية" في حلب الحرة لـ"زمان الوصل": "قبل التهجير من حلب كان هناك مشروع من قبل الطبابة الشرعية لنقل رفات الشهداء من الحدائق العامة وحدائق المنازل ومنصفات الطرق إلى مقبرة الطبابة الشرعية، وتم إعداد دراسة تضمن تصوير وتوثيق الجثامين بالتعاون مع مجلس المدينة والأهالي وفق مكان معلوم".
وأضاف كحيل: "لكن لظروف وأسباب خاصة نهاية 2015 جراء القصف الممنهج من النظام وعدم وجود دعم، تم تأجيل المشروع ولم تسمح لنا الظروف إلى أن تم تهجيرنا من حلب، ولكن الذي استغربه أن النظام يحاول أن ينظف هذه المدينة من رفات الشهداء لمكان غير معلوم، لن يعرف الأهالي كيف وأين دفنوا، ومن ناحية العمل الإنساني لا يجوز نقل الجثامين جراء القصف".
وأشار "كحيل" إلى أن "النظام بهذا العمل يضلل الأهالي، ولن يعرفوا أين قبور ذويهم، وهدفه من ذلك مسح مخلفات جرائمه أمام الرأي العام الدولي، لكننا وثقنا كل شيء وتم تسليم إلى أيد أمينة".
وناشد كافة هيئات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان لعدم السماح بنقل هذه القبور إلا تحت إشراف هيئات ومنظمات حقوقية محايدة.
وأكد في مناشدة صادرة عن الطبابة على "ضرورة توثيق كافة عمليات النقل وفق المعايير المتبعة في عمليات التوثيق المتعارف عليها دولياً. وذلك حرصاً على حفظ الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية لهؤلاء الموتى وأسرهم".
يوسف الحلبي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية