تعيش العائلات في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، شتاءً قاسيا، بسبب الحصار وقسوة الظروف المعيشية والاقتصادية، وانتشار البطالة وشح الماديات، مقارنةً بارتفاع تكاليف مواد التدفئة ومستلزماتها، حيث باتت عملية تأمينها حلماً صعب المنال على الكثيرين من أبناء المنطقة.
في السياق ذاته، قال "علي حسين" أحد أبناء مدينة "الرحيبة" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل": "دفعني الفقر وتردي وضيق ذات اليد، إلى تحويل مدفأة المازوت القديمة إلى مدفأة تعمل على الحطب، عبر إدخال بعض التعديلات عليها، وبين أنّ الحطب يشكل في الوقت الراهن وسيلة تدفئة بديلة عن مادة المازوت، حاله في ذلك حال الكثيرين من عائلات المنطقة.
وأضاف أنّ اشتداد البرد وارتفاع أسعار الحطب فرض عليه اتخاذ تدابير غير مكلفة، لإيجاد بدائل تناسب واقعه المعيشي، يستطيع من خلالها تأمين الدفء لأفراد عائلته، لكن هذه الوسائل غالباً ما يترتب عليها أضراراً كبيرة على الصحة العامة.
وأشار "حسين" إلى أنه يلجأ في كثيرٍ من الأحيان إلى حرق بعض المواد البلاستيكية، إضافةً إلى القوارير والمطاط، الأمر الذي أدّى مع مرور الوقت إلى تعرض ابنه البالغ من العمر سنة واحدة، لإصابةٍ بمرض الربو.
بدوره قال "شادي العلي" اسم مستعار لأحد العاملين الطبيين في مدينة "الرحيبة" المجاورة، إنّ النقطة الطبية العاملة في مدينة "الرحيبة"، استقبلت في الآونة الأخيرة، عشرات الحالات التي تعاني من أمراض تنفسية وأبرزها أمراض الربو وضيق التنفس الحاد، والتهاب القصبات، إضافةً إلى حالات أخرى تعاني من الإسهال وآلام البطن التي تنتشر بين الأطفال على وجهٍ خاص.
وأضاف في حديثه لـ"زمان الوصل" أن معظم العائلات الفقيرة في مدينة "الرحيبة" تعتمد بشكلٍ كبير على حرق مخلفات المواد البلاستكية والملابس المستعملة البالية لأغراض التدفئة، الأمر الذي يؤدي إلى انبعاث غازات ضارة، سرعان ما تتطور إلى حالات مرضية تتطلب العلاج.
في السياق ذاته، أوضحت "سمية أحمد" وهي أمٌ لثلاثة أطفال، في 32 من عمرها، من "ريف حمص"، وفدت إلى "الرحيبة" قبل ثلاث سنوات، بالقول إن معاناتها من مرض الربو تتضاعف خلال فصل الشتاء، بسبب انتشار الدخان الناجم عن حرق المخلفات البلاستيكية في الحي الذي تقطنه ضمن مدينة "الرحيبة".
وأضافت "سمية" في حديثها مع "زمان الوصل" أنها أصيبت بنوبتي ربو حادّة على مدار الشهر الماضي، ما استدعى خضوعها لجلسات إرذاذ فورية عبر جهاز الأوكسجين، مشيرةً أيضاً إلى أنها لا تستطيع أخذ أي نوعٍ آخر من الإبر الموسعة للقصبات بسبب حملها وتنبيهات الطبيبة المشرفة عليها بعدم أخذ أي نوع من الأدوية.
الجدير بالذكر أن مدينة "الرحيبة" تخضع لحصار مطبق تفرضه قوات النظام عليها منذ سنوات، وتمنع بموجبه دخول المواد الطبية والأدوية إلى المنطقة، في حين تسعى النقاط الطبية المتواجدة فيها إلى تقديم خدماتها الصحية لعشرات المرضى والمراجعين فيها بشكلٍ مجاني وضمن الإمكانات المتاحة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية