أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثوابت الطائفة أم مصالح بشار؟.. إسفين عفرين يحدث شرخا علويا في صفوف مليشيا "جزار بانياس"

معراج أورال - ارشيف

فيما تواصل عملية عفرين تشكيل مشهد جديد في الشمال السوري بقوة الفعل العسكري، تستمر تداعيات وارتدادات هذه العملية على المستوى السياسي للدول والأحزاب، وصولا حتى إلى المليشيات المبنية على أرضية طائفية بحتة.

فقد نجحت العملية التي أمر بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في دق إسفين ضمن المليشيا الأوضح في هويتها الطائفية على مستوى سوريا بأكملها، ونعني بها مليشيا "المقاومة السورية" التي يقودها مجرم الحرب "علي كيالي" (اسمه الحقيقي معراج أورال)، وفق ما تناهى إلى "زمان الوصل" عبر مصادرها الخاصة.

المصادر وثيقة الاطلاع أفادت بأن العمل العسكري الذي بدأته تركيا ضد "وحدات الحماية" ومن يعاونها، أحدث شرخا واضحا في الآراء والاتجاهات بين قيادات بارزة مليشيا "أورال" جعلها تقف على طرفي نقيض تقريبا، رغم اتحادها في الانتماء إلى الطائفة "العلوية".
ومما زاد في حساسية الشرخ الحاصل حاليا أنه جاء عموديا، ومبنيا إن صح التعبير على أساس "قومي" بين قيادات المليشيا من العلويين الأتراك (أو المتحدرين من أصول تركية)، ونظرائهم من العلويين السوريين، حتى إن هؤلاء الأخيرين باتوا يصنفون "الأكراد" وبكل وضوح ضمن "الخونة" و"الانفصاليين" مطالبين بطردهم من سوريا والقضاء عليهم، سيرا على نهج بشار الأسد، وما أطلقه من توصيفات بحقهم.

*ليسوا سوريين
وقد وصل الأمر بقيادي علوي سوري رفيع جدا ضمن المليشيا إلى حد وضع وحدات الحماية ومليشيا "العمال الكردستاني" في سلة واحدة، متماهيا من حيث لايريد مع رؤية أنقرة، التي تؤكد أن وحدات الحماية ليست سوى ذراع وتابع فعلي لـ"العمال الكردستاني" في سوريا.
وأبعد من ذلك، فإن هذا القيادي العلوي شديد التأثير بات يرى دخول جيش النظام إلى عفرين وبسط سلطته (دون غيره) على المنطقة وسكانها هو الحل الأمثل، منوها بأن مرتزقة "العمال الكردستاني" أغراب وليسوا سوريين، بل هم في معظمهم من الأتراك، فضلا عن علاقاتهم المشبوهة مع الخارج، وبالتالي فإن القبول بهم أمر يتنافى تماما مع "السيادة السورية".


ومقابل هذا تبرز أصوات العلويين الأتراك في مليشيا "المقاومة السورية"، التي يمثلها ويتزعمها "معراج أورال"، حيث يميل هؤلاء بوضوح نحو نجدة "العمال الكردستاني" و"وحدات الحماية"، متذرعين بأن هؤلاء يمكن التفاهم معهم لاحقا وعقد الصفقات معهم، بعكس "المحتل العثماني"، كما يدرج هؤلاء على تسمية تركيا.

وتفصح مصادرنا عن اسم قيادي بارز في مليشيا "أورال" يتبنى خط دعم "العمال الكردستاني" وينافح عنه بقوة، فيما يهاجم تلكؤ نظام دمشق في التدخل، مستخدما بالطبع طريقة حذرة وغير مباشرة في هذا الهجوم، خوفا من تداعيات سياط مخابرات الأسد على رأسه، إن مالت به الأفكار أكثر! 

وتبدو طروحات الجناح العلوي التركي في مليشيا "أورال" فيما يخص عملية "عفرين" ووجوب تدخل النظام علنا ومباشرة لنجدة المليشيات المحسوبة على صف الأكراد.. تبدو متناسبة مع السياق التاريخي لعلاقة الطرفين، أي "العمال الكردستاني" ومليشيا "أورال"، ولعلاقة الأخير نفسه بـ"عبدالله أوجلان"، حيث تستند هذه العلاقات إلى تطابقات طائفية وسياسية، أخذت تتجذر إلى حد كبير لدى الجناح العلوي السوري، قبل أن يصرح بشار بموقفه العلني والواضح من "الأكراد"، ناعتا إياهم بالخيانة.

وعلى أساس موقف بشار، أدار الجناح العلوي السوري في مليشيا "أورال" دفته وغيّر بوصلته، معلنا ولاءه المطلق –كما جرى العرف- لتوجيهات "القيادة الحكيمة"، والتزامه بخطها، انطلاقا من أن أي عصيان أو مخالفة لأوامر هذه "القيادة" هو مخالفة لمصالح العلويين في سوريا، وهو النهج الذي درج عليه هؤلاء من يوم أن احتكر حافظ الطائفة، ولقن أفرادها أن رضى الطائفة في رضاه، ومصلحتها حيث تكون مصلحته.

وإزاء هذا الشرخ الذي أفرزته عملية عفرين، يبدو البيان الذي سارعت مليشيا "أورال" لإصداره قبل أيام ردا على العملية، وأكدت فيه وقوفها التام إلى جانب المليشيات التي تحكم عفرين.. يبدو مجرد حبر على ورق حتى يدرس بشار مكاسبه وخسائره من الأمر، ويزنها بميزان مصالحه الشخصية، قبل أن يرسلها على شكل توجيهات معلبة ومغلفة بغلاف مصلحة الطائفة.

*ارتخاء العصب الطائفي
وحيال تداعيات عملية "عفرين" يميل العصب الطائفي الذي يربط عناصر مليشيا "أورال" على اختلاف قومياتهم (السورية والتركية).. يميل للارتخاء، هذا إن لم يكن قد ارتخى أصلا، حيث يجد هؤلاء العلويون أنفسهم مجددا حائرين بين اتباع "ثوابت" الطائفة التي لا ترضى بديلا عن معاداة تركيا وشيطنتها ونعتها بأقذع الألفاظ (محتل عثماني، فاشية، الغزاة السلاجقة...)، مستحضرة تاريخا طويلا من الأحقاد.. وبين الالتزام التام والحرفي مصالح نظام الأسد (حافظ وبشار) واتباع أوامرهم ومنهياتهم دون نقاش، حتى لو كانت تلك الأوامر والنواهي ثقيلة للغاية عليهم، من عيار التخلي عن "لواء اسكندرون" ونسيانه، وهو أحد أهم معاقل العلويين في الشرق كله، أو الرضوخ لتهديدات "المحتل العثماني" ومسؤوليه، قبل المسارعة إلى مصافحتهم ومجالستهم واستقبالهم بالترحاب الشديد وعقد الاتفاقات والصفقات الضخمة معهم، كما حدث خلال أطوار مختلفة من عهد حافظ وبشار، وصولا إلى مرحلة "السمن والعسل"، الذي أظهرت السنوات الأخيرة أنه كان على ما يبدو سمناً مليئا بقدر غير هيّن من السمّ.

وتعد مليشيا "الجبهة الشعبية لتحرير لواء اسكندرون، المقاومة السورية"، بزعامة "معراج أورال" أهم مليشيا طائفية استثمرها النظام في شد عصب العلويين وضمان تواصلهم وتجنيدهم ضمن مناطق توزعهم في كل من تركيا وسوريا، وهي من أبرز المليشيات التي استخدم النظام مرتزقتها للدفاع عن معاقله في الساحل، متسلحة بمنهج إبادة وتهجير طائفيين خلفا وراءهما مشهدا مثقلا بالمجازر بحق السنّة، وهو ما سبق لـ"أورال" نفسه أن أقر به علنا ودعا إليه صراحة عندما تحدث -وفي شريط مصور- سُرب صيف 2013 عن تطويق وتطهير "بانياس"، المعروفة بكونها من المدن ذات الغالبية السنية في الساحل السوري.

إيثار عبدالحق-زمان الوصل- خاص
(227)    هل أعجبتك المقالة (240)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي