ابتكر الشاب السوري "عباس الفاعوري" اللاجئ في الأردن مجهرا ليزريا يمكن الاستفادة منه في دراسة المايكروبات والجراثيم في بيئتها الطبيعية واستخدامه في مجالات الطب والتحليل المخبري، كما يمكن استعماله في الجامعات والمدارس لإفادة الطلاب في مشاريعهم ودراساتهم بكافة مراحلها، مستخدماً في ذلك مواد بدائية بسيطة استطاع الحصول عليها من أسواق الخردة.
"الفاعوري" المولود في "الشيخ مسكين" بريف درعا عام 1997، يروي لـ"زمان الوصل" إن والديه شجعاه وساعداه ليدرس ويجتهد كي يصل إلى مستوى متقدم في التعليم الذي كان سبيله للوصول إلى هدفه المنشود، ولكن ظروف الحرب والحصار حالت دون هذا الهدف، فاضطر لأن يلجأ مع عائلته إلى الأردن بتاريخ 5/1/2013، ولم يكن قد أكمل حينها الصف الحادي عشر.
ولكن ظروف اللجوء لم تقف عائقاً أمام متابعة حلمه المنشود، فبدأ مستعينا بالإنترنت للغوص في عالم الفيزياء والنظرية النسبية بالذات، وبعد تعمق طويل أنجز الشاب أول بحث علمي يحاكي النظرية النسبية دون أي قوانين فيزيائية ورغم تواضع بحثه -آنذاك- إلا أنه -كما يقول- كان خطوة كبيرة وهامة بالنسبة له.
وبتاريخ 20/12/2015 تم قبول "الفاعوري" في كلية "القدس" ضمن منحة دبلوم بريطاني في مجال الهندسة المدنية الذي اختاره، وأثناء دراسته عمد إلى تقديم شرح مبسط للنظرية النسبية العامة ووجهة نظره الخاصة بها متطرقاً لبعض تجارب الميكانيكا مما جعله يحظى بمكانة خاصة بين طلاب المنحة والأساتذة المدرسين.
وأنهى "عباس" دراسته في الكلية المذكورة محققاً العلامة الكاملة والأول على دفعته في تخصص الهندسة المدنية، وبعد تخرجه وحصوله على شهادة الدبلوم البريطاني (مستوى 3) عاد الشاب الحوراني للكدح والأعمال اليدوية التي لطالما كرهها، ولكنه كان مجبراً عليها لتأمين لقمة العيش في ظروف اللجوء الصعبة، إلا أن ذلك لم يحلْ دون اهتمامه بالرياضيات والفيزياء والغوص في قوانينهما، ولا يزال إلى الآن يسير على هذا المنوال في سعي لفهم أكثر للفيزياء التي عشقها منذ الصغر إلى أن توصل إلى ابتكاره العلمي المتمثل بـ"مجهر ليزري" أطلق عليه اسم "الجيل الثالث".
ويوضح أنه تمكن من اختراع المجهر الذي يعتمد على شعاع الليزر بشكل أساسي، أثناء دراسته للخصائص الفيزيائية للضوء والليزر، مشيرا إلى أن آلية مجهره الليزري تعمل على استعمال شعاع الليزر الذي يعالجه المجهر بطريقة فعالة ثم يتم تسليطه على عينة مجهزة مسبقاً بحيث يقوم الشعاع المعالج بإظهار ما بداخل العينة بشكل سينمائي.
وأردف "الفاعوري" أن إطلاق الليزر على عدسة من نوع يساعد على تكسير الليزر كالضوء العادي، حيث لا يبقى شعاع واحد، وإنما يتشتت ويسقط على عينة يكون قد جهزها مسبقا يؤدي الى إظهار ما بداخل العينة على مبدأ عمل "الداتا شو" (Data Show) أو آلية العرض السينمائي، وفي حالة تطوير هذا المجهر فإنه قد يغني عن المجهر الإلكتروني غالي الثمن، وقد يضاهيه من حيث الدقة وإظهار شكل الفيروسات والمايكروبات.
وكشف "عباس" أن ابتكاره الصغير الحجم والفعال لم يكلفه أكثر من دينار ونصف أردني وجمع مواده من أسواق الخردة ليتمكن من تصميم نموذجه الأولي، كاشفاً أنه لم يتمكن من تصنيع مجهر أكثر فاعلية بسبب صعوبة الحصول على المواد الفعالة المطلوبة.
ويطمح الشاب العشريني الذي يعيش في مدينة "مأدبا" إلى تطوير ابتكاره الجديد ليكون ذا مظهر حضاري وأكثر فعالية، آملاً بأن تُتاح له فرصة السفر ومتابعة دراسته وابتكاراته في إحدى البلدان الأوروبية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية