بات واضحاً للعيان أن النظام الأمريكي وحليفته الصهيونية العالمية قد تمكنوا من طي صفحة عهد الدول القوية المحترمة والحركات السياسية التي تمكنت في مراحل سابقة من عبور الحدود بعد أن عبرت عن قوتها ومستواها في المركز .. أو على الأقل تشويه صورتها وتمييعها بما يجعل مستوى احترامها ينخفض إلى الحدود الدنيا .
والواضح أن هذا هو أحد أوجه العولمة القبيحة التي تولت إدارتها القيادة الأمريكية بالتعاون مع مافيات صهيونية أو متصهينة عالمية وتركز ذلك في مرحلة حكم( المحافظون الجدد أو الصهاينة الجدد ) التي قدمت (جورج بوش) كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية وهو لا يملك أي من مواصفات الرئيس الذي يقود سياسة أكبر قوة ويتحكم بسياسات غالبية دول العالم إلى الحد الذي وصفته فيه كبريات الصحف الأمريكية ( بالغبي أو الأكثر غباء ً) كما وصفت وزير دفاعه ( دونالد رامسفيلد ) ببطل الكلام الغير مفهوم(وهذه خصلة لاعلاقة لها بالغباء ولكن لها خلفياتها الخبيثة الأخرى ) وهذا ما يؤكد دخول العالم في مرحلة تسخيف ومسخ منطق الدولة عبر تقديم الأسخف لقيادتها وفي الولايات المتحدة مثال بارز يمكن أخذه مقياس لبقية العالم وبالتالي تبدأ العلاقة بين الدولة ومواطنيها في أي مكان من العالم بالتحلل والتفكك وتدمير ذلك الرابط الغير منظور من تبادل الاحترام سواء كان تلقائياً أو ممزوجاً بالرهبة والخوف بسبب سلطة الدولة والذي لامفر منه لتأكيد سلطتها على اعتبار أنها المحور الذي تدور حوله كافة شرائح المجتمع .
لقد كان لانفراط عقد الاتحاد السوفياتي تداعياته التي أوصلت العالم إلى هذا الحد من الهزال السياسي ووضعت الدول الأقل قدرة في مهب رياح عاصفة أمريكية حمقاء تخبط على غير هدى في كثير من الأحيان , هذه التداعيات التي بدأت من خلال تفكيك تركيبة الاتحاد السوفياتي والقيام بتغييرات في غير مصالح الشعوب في أوربا الشرقية تحت شعارات الليبرالية على الطريقة الأمريكية التي تقصد ( الفوضى ) . لقد بات هذا التبدل ملحوظاً في مطلع الألفية الثالثة .
( والحقيقة تشير إلى أن هذا التسخيف قد بدأت بشائره قبل حوالي أكثر من عقدين من الزمن انطلاقاً من الولايات المتحدة وتحديداً مع وصول .ممثل فاشل هو .رونالد ريغان .. وبالمقابل ومع تفكك الاتحاد السوفياتي وصل بوريس يلتسين الذي بدا غير مهتماً ببلده إلى حد إضعافه وتفكيك اقتصاده وتسليمه للمافيات الصهيونية ) . رأينا أن العالم العربي لم يستجب لهذا التغيير العشوائي ولم يجد له تربة خصبة في المجتمعات العربية .. وإن تم في أوربا الشرقية تحت شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تبين أن لاشيء من ذلك قد حصل في أوربا الشرقية حيث تبدلت الحال إلى فوضى عمياء أطاحت بتركيبة المجتمعات وقوضت أشكال الدول مسقطة عنها أي حالة احترام وقدمت مجموعات إما تافهة أو مافياوية على أنها الواجهات السياسية الجديدة لتلك الشعوب ( ساكاشفيلي / جورجيا وسبقته أوكرانيا ودول البلطيق ) كمثال بارز . وبدت تلك التحركات تأخذ شكل مجموعات لايربطها في الأساس أي رابط تقدمت بوعود براقة للشعوب التي صحت فيما بعد على لاشيء لابل أن هناك من بين تلك الدول التي تراجع المستوى الاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي لمجتمعاتها بعد أن تخلت الدولة عن مسؤولياتها والحقيقة أنه لم يكن هناك سوى هياكل دول تتخبط على غير هدى .
إن كل الضخ الإعلامي والبروباغندا الصادرة عن أجهزة الإعلام الأمريصهيونية لم تتمكن من تحريك ساكن في المنطقة العربية بعد أن برز المثال واضحاً أمام أعين الشعوب العربية التي لم تلمس سوى الفوضى وتدمير اقتصاديات الدول المستهدفة الأمر الذي اضطرأمريكا معها إلى التدخل العلني والعودة إلى العهد ( الكولونيالي ) عبر عملية احتلال العراق .
إنه من حسن الحظ ألا يحدث في العالم العربي ماحدث في أوربا الشرقية لأنها كانت ستدخل في جحيم من الصراعات الأهلية تأخذ طابعاً طائفياً ومذهبياً واثنياً قد تطول لعقود وتبدأ بتفكيك هذه الكيانات على صغرها وتفككها وستودي حتما ً إلى تدمير المجتمعات نهائيا ً . ولقد لاحظنا أن الدولة الوحيدة التي كانت تضم فسيفساء دينية وعرقية في أوربا الشرقية وهي يوغوسلافيا السابقة كيف مزقتها الحروب الأهلية والمجازر كدليل بشع على الحرية ( الفوضى الأمريصهيونية ) المعدة لهذا العالم .
لقد ترافق التبشير بالحرية الأمريكانا أو الفوضى ( الأمريصهيونية ) في منطقتنا مع بروز معارضات كانت في غالبيتها تافهة ليس لديها ماتقدمه للمجتمع سوى أفكار غائمة عن حرية وديمقراطية ليست قائمة على أسس ولاتملك مرتكزات فلسفية وثقافية ولم تتجاوز النقل المشوه عن المفهوم الغربي لها , بمعنى أنهم لو قدموها نسخة طبق الأصل عن الفهم الغربي لها لكان الأمر قابلا ً للنقاش .. ولكنهم هنا أرادوا خلط القومية بالدين بالاشتراكية بالحرية بالديمقراطية بحقوق الإنسان بالتحلل والفلتان والفوضى بالشأن الشخصي والأحقاد مستحضرين معهم كل مثالب التاريخ وبدون أي منطق مدروس قادر على الإقناع , لقد كان واضحاً أن ماسمي بقوى المعارضة في كثير منها لم تتعدى تجمعات محتالين ونصابين وكاذبين تضخ ردود فعل وتطالب تسوية كل شيء بالأرض والبدء من جديد وفق منهجية ( الفوضى الخلاقة ) التي قدمها الأمريكي . ولقد لاحظنا أن غالبية هذه المعارضات ليست أكثر من تجمعات من التافهين والهامشيين والأوباش والمطرودين من أحزابهم وممن لا يملكون أي هامش ثقافي أو أي احترام داخل المجتمع وحتى على أضيق نطاق شجعهم في ذلك بروز أوباش وسوقيين في بعض الدول
( أوربا الشرقية ) كمعارضات .. دفعتها القوى الاستعمارية والمافيا العالمية إلى الواجهة وقد ثبت بحقيقة الأمر أن طردهم من أحزابهم السابقة كان صحيحاً لأنهم أثبتوا انتهازيتهم بجدارة وإنهم من الباحثين عن موقع ..أي موقع , حتى ولو كان تحت حذاء الأمريكي والصهيوني .. ومن المفهوم أن الإنسان المبدئي حتى لو فصل من تنظيمه أو حزبه فإنه يبقى على مبدئيته وفياً لقيمه لايغادرها وقد يتحرك معها نحو الأفضل مستفيدا ً مما رآه من أخطاء .ولأنه لا يجوز الخلط بين ميكانيكية التنظيم وروتينية القيادات وبين المبدأ أو المباديء والأهداف التي يقوم عليها التنظيم والتي اعتنقها الفرد . أما أن يصبح عدواً بل من أشد أعداء النظرية أو الأيديولوجية أو المبدأ لأنه فصل , معنى ذلك أنه في الأصل كان انتهازياً ولا يؤمن بشيء ..؟!! هذه العينات خبرناها وعانينا من تفاهتها وممارساتها الحقيرة ( وما نزال نصطدم بأمثالهم يوميا ً ) ذلك أن الأحزاب القائمة غنية بهذه النماذج .
لقد نسي هؤلاء أن أولى خطوات الديمقراطية تتجلى في احترام الإنسان والبحث عن حلول لهمومه والتركيز على نقل المجتمع إلى مستوى متطور من الحياة وتنظيم قدراته على تحسين مستواه بشكل منظم وعقلاني وإبعاده عن التشنج وردود الفعل ليتمكن من إنتاج تشريعاته وتطويرها في مساحة غير محدودة من الحرية .. على العكس من ذلك فقد بدأوا بضخ كل أسباب التشنج والتوتر الاجتماعي وردود الفعل وتضخيم الأخطاء متوسلين المذهبية والطائفية والأثنية وكل ماقد يتسبب بتفتيت المجتمع تحت مزاعم الحرية ولكنها تكشفت في حقيقة الأمر عن حرية الفوضى أو الانفلات والتحرر من كافة المعايير الوطنية والأخلاقية والإنسانية .
وقد لمسنا لمس اليد كيف أن بعض القوى المتشددة حاملة الفكر الظلامي وبعض القوى التي حكمت بشراسة قد تحولت بقدرة قادرة إلى قوى ديمقراطية تدعي حمل لواء حقوق الإنسان وتزعم أنها أول من تشدق بحقوق الإنسان في منطقتنا , ملغين بذلك ذاكرة الجماهير وما تحتفظ به عن حقيقة أفكارهم ومآسيهم التي خلفوها ورائهم . ولم لا .. فمزاد الكذب والتحايل والسقوط مفتوح .
- في الواقع أن السياسة في العالم وفي ظل أحادية القطب ممثلة في الولايات المتحدة قد دخلت مرحلة اللاأخلاقية والانحطاط منذ عدة عقود مع ظهور المشروع الصهيوني في فلسطين وانحدرت بتدرج واضح وصولاً إلى قعر الانحطاط مع وصول بوش وفريقه إلى البيت الأبيض وصار كل شيء قائماً على الكذب الصريح والأحمق .. الكذب الفج ..الوقح .. وعلى مزاعم ممجوجة لايقبلها عاقل ولا حتى مجنون .
- لقد تم تدشين علنية هذه المرحلة بعملية 11 أيلول التي طالت برجي التجارة في نيويورك وجانب من مبنى البنتاغون , وكل الأدلة والأبحاث والدراسات الفنية التخصصية وشهود العيان الذي تم إخفاؤهم عن الواجهة ( تحديدا ً فيما يتعلق بعملية ضرب مبنى البنتاغون ) الذي يؤكد الشهود وقتها أنه لم تكن هناك أية طائرة وأن التفجير قد تم من الداخل الأمر الذي يؤكد أن هذه العملية لم تكن بعيدة عن أصابع المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي وحتى النظام السعودي الذي وفر لهؤلاء من يدعي هذه العملية وينسبها لنفسه . لإن هذه العملية قد وفرت للنظام الذي يتصدر واجهته أحمقاً غبياً مثل جورج بوش صلاحيات مطلقة على مستوى الداخل الأمريكي والذرائع الدولية للبدء بمخطط السيطرة على العالم بالقوة تحت شعار الحروب الاستباقية ومحاربة الإرهاب وقد تبين أن هؤلاء يحمون الإرهاب الحقيقي ويحاربون القوى الوطنية التحررية والمقاومات الوطنية في العالم وأنهم عبارة عن مجموعات مافيا قذرة وحقيقة تفتقر إلى أدنى مستويات الأخلاق . وهكذا بدأت عمليات التهديدات الأمريكية تتوزع على دول العالم التي انتابها الخوف بعد احتلال أفغانستان ثم العراق وخاصة التي تعارض السياسة الأمريكية الجديدة الأمر الذي تم معه تسخيف الدولة وتفريغها من أية قيمة معنوية حفظها لها القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة .
لقد كان واضحاً تماماً أن مهمة هؤلاء لاتتعدى تشويه العمل السياسي المرتكز على أسس مبدئية وإنهاء أية صفة للدولة المحترمة على كافة الصعد .
لسخرية القدر أنهم قدموا ولد تافه لايفقه من ألف باء السياسة شيئاً كزعيم سياسي بدعم مطلق من عدة جهات خارجية تقف على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والسعودية وبعض الملحقات الموزعة هنا وهناك ( وهم أنفسهم من خطط ودبر عملية اغتيال الحريري ). ثم وبنتيجة ضغوط مورست مستغلة الاغتيال أطلقوا سراح سمير جعجع المتورط بمجازر متعددة وبشكل مباشر وبعضها برعاية الجيش الاسرائيلي أثناء اجتياح بيروت وعمليات اغتيال لرؤساء وزعماء سياسيين لبنانيين.. وأعادوا تلميعه وتقديمه كزعيم سياسي . ومعه بعض الجواسيس المعروفين والمكشوفين أمثال ( مروان حمادة وأكرم شهيب ) وهذا الأخير قد بثت عنه لقطات تلفزيونية حية تثبت علاقته بإسرائيل وتعاونه مع الجيش الإسرائيلي أثناء اجتياح 1982 على سبيل المثال لا الحصر . ومع ذلك فإن جماعة 14 آذار قد اختارته وزيراً ..وهكذا فإن المتابع لممارسات هذا الفريق الذي وصل إلى السلطة بأساليب احتيالية قدم أسوأ نموذج عن كيفية ممارسة السلطة وبأساليب تفقد السلطة أي نظرة احترام من قبل المواطن وهذا هو المطلوب تماشياً مع المخطط الأمريصهيوني .
هذه الأشكال وأمثالها أصبحت واجهات سياسية ( وزراء ونواب ) , لم يلحظ المواطن في المنطقة أنهم قد قدموا مفهوماً سياسياً منحرفاً لأسلوب الحكم وكيفية إدارة الدولة والمجتمع وكان جل اهتماماتهم منصباً على تسعير حالة العداء مع سوريا ومع قوى المقاومة المحلية والعالمية وسوق الاتهامات العشوائية تسهيلاً لتمرير المخطط الأمريصهيوني وتمهيداً لتوفير مناخ ملائم لإقامة علاقات علنية ومباشرة مع إسرائيل .. ومن خلال إطلاق الشتائم في كافة الاتجاهات بالطبع مع متابعة سياسة النهب المافياوية ونشر الفساد إلى أقصى الحدود بحيث قاربت مديونية دولة صغيرة كلبنان الخمسون مليار دولار .
يضاف إلى ذلك المواقف الخيانية المعلنة إلى جانب العدو الصهيوني منذ اللحظات الأولى لظهور هذه الأشكال مروراً بحرب تموز 2006 . وطرح مصطلحات جديدة تظهر الخيانة والتجسس والتآمر على أنها وجهة نظر ورأي آخر.
- لقد بات واضحاً أن المخطط الأمريصهيوني يستهدف هذه الحالة ( مسخ صورة الدولة وتقزيم العمل السياسي ) في أذهان المجتمعات للدفع بها باتجاه الفوضى الخلاقة التي بشروا بها وعدم الالتفات للقوى الأصيلة صاحبة الفكر الحقيقي والصحيح . ومن هنا يمكننا الإتكاء على المثال الذي سقته عن المعارضات التي ظهرت في سوريا والتي أعلنت منذ اللحظات الأولى تحالفها مع هذه المسوخ السياسية التي ظهرت فجأة في لبنان ( فريق الرابع عشر من آذار ) . الأمر الذي أسقطها على الفور في نظر المجتمع السوري الذي أدار ظهره لها ولم تتمكن من حيازة الحد الأدنى من ثقة الشارع بشكل يوفر لها أية إمكانية للتحرك . وزاد طينهم بلة خروج عبد الحليم خدام بعد أن بدأت علاقاته تتكشف مع هذه الأقزام اللبنانية وحتى الصهاينة وتآمره مع الخارج إضافة لتحالفه مع الجناح التكفيري المتشدد والذي ثبتت علاقته بالسعودية وأمريكا منذ ما قبل أكثر من عقدين .
- لقد انظم اليهم سوريون كانوا يمثلون توازناً سياسياً أنتجته ظروف سابقة وكان هؤلاء يمثلون فيه الجانب الأمريكي والسعودي .. وهم أنفسهم من ضج الشارع السوري واللبناني من ممارساتهم المنحرفة وموبقاتهم التي توزعت على الساحتين السورية واللبنانية وتأكد ذلك بعد خروجهم من سوريا وإعلانهم التحالف مع الأمريكيين والسعوديين والإسرائيليين .
- لقد اتخذ هؤلاء الخط التآمري بشكل واضح ومفضوح وأعلنوا تعاونهم وتحالفهم مع الصهاينة دون مواربة .
* يتبع .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية