أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"حليمة"..قصة وجه سوري يبحث عن معالمه في مخيمات اللجوء

السنوات الخمس التي قضيناها في مخيمات "عرسال" زادت من انتشار المرض الجلدي الذي تعاني منه "حليمة"

بوحشية مر من هنا، افترس وجهها ورحل، لم يوقفه طبيب، ولم تعترض جحافل "جراثيمه" الفتاكة صرخة من إنسانية، أو نبضة من رحمة، وحده "القماش" من مد بشآبيب روحه لـ"حليمة" وهي تخوض عراكها المضني لتتعايش مع محنتها القاسية المريرة، قماش حاول أن يستر ما تبقى من وجهها المتعب من "ثمالة حياة" ورمق أخير من "تجليات الحُسن" بعدما أجهز المرض على جلّ معالمه وتفاصيله مفترسا منه ما افترس ومشوها فيه ما شوّه ليترك خلفه بقايا أطلال لوجه غيبت محاسنه الدمامل والبثور، وذهبت بمعالمه البريئة الطاهرة الندوب المتقيحة والجروح.

"حليمة محمد الخطيب" الثلاثينية اللاجئة من قرية "المشرفة" في القلمون الغربي إلى أحد مخيمات "عرسال" ليست كباقي الصبايا ممن هن من عمرها، فلا "مرآة" قد علقتها البنت على أحد جدران خيمتها لتتفقد إشراقة وجهها ونضارته مع كل حركة والتفاتة تقوم بها، ولا "ملطفات للبشرة" داخل "درج زينتها"، لتستخدمه في إضفاء المزيد من الحيوية والنضارة على أديم وجهها عند كل زيارة أو مناسبة عائلية، هي صبية غير كل الصبايا ووجه غير كل الوجوه.

"محمود الجلاد" طبيب "حليمة" الدمشقي والذي بدأت زياراتها الاستشفائية الأولى له، وتحديدا مع بداية مرضها في سن السابعة "الجلاد" شخص مرضها تحت اسم "جفاف البشرة المصطبغ".

وزاد في الاجتهاد الطبي عليه طبيبها الدمشقي الآخر "محمد القواريط" إذ صنف حالتها تحت اسم من يطلق عليهم طبيا توصيف "أطفال القمر"، بعدما اكتشف وجود مشكلات بصرية مستجدة قد طرأت على حالة حميدة زيادة على مشكلتها الجلدية المستفحلة.

على كثرتهم -تنافس أطباء حميدة في التشخيص وتوصيف حالتها المرضية وذهب كل منهم في مذهب ورأي خلال محاولات علاجهم للبنت 
'لكل شيخ طريقة"، يقول والدها السبعيني العجوز، غير أن كل الطرق والمذاهب التي خاض فيها أطباء "حليمة" أوصلت إلى اللاشيء، وماذا يفيد تشخيصهم وأنا أشهد حالتها تزداد سوءا وتدهورا منذ لجأنا إلى "عرسال"، يضيف العجوز المكلوم، فلا أطباء متخصصين يتابعون حالة ابنته داخل هذه المخيمات، ولا قدرات مالية تساعده فأدخلها إحدى مشافي بيروت التخصصية ذات الكلف والأجور الفلكية الباهظة.

*باب للأمل
طيلة السنوات الخمس الأخيرة التي قضيناها داخل مخيمات "عرسال" زاد من شراسة وانتشار المرض الجلدي الذي تعاني منه "حليمة"، يردف الأب العجوز. 

وبدأ يتمدد ويلتهم أجزاء كبيرة من جفنيها بعدما أجهز بشكل كامل على وجهها ورقبتها، الأمر الذي جعلها تفقد البصر إلى حد كبير.
بينما تقول والدة البنت "لا أصدقاء مقربين من حليمة التي تمضي نهارها وليلها مغطاة الرأس، مكسورة الخاطر، غير أن أعداءها وبسبب طبيعة علتها الجلدية كثر، وزاد من عددهم طبيعة الحياة القاسية داخل المخيمات التي نعيش فيها، فأشعة الشمس، الغبار، الذباب، وموجات الصقيع، كلها تنغص على الفتاة حياتها وسكينتها، ويتفوق الماء في ضرره على كل ما سبق، فليس بوسع حليمة غسل مناطق الإصابة من جسدها، لأنه يسبب ألما ووجعا لا يحتمل".

الطبيب اللبناني "كميل خليل المعلوف" وبعد إجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية لها، عاد ليفتح لها بابا على الأمل والشفاء و مبشرا إياها بإمكانية إجراء عمل جراحي قد يعيد لبشرتها سابق عهدها من النضارة والصحة ولعينها المغمضتين ما فقدتاه من نعمة البصر.

عبد الحفيظ الحولاني -زمان الوصل
(159)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي