أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من السويداء إلى حلب.. "صلاح صادق" دفع ثمن محاولته تخفيف الحصار عن أطفال "الباب"

أراد أن يُدخل البهجة إلى قلوب أطفال الحصار لكن طائرات النظام كانت له بالمرصاد

أراد أن يُدخل البهجة إلى قلوب أطفال الحصار في مدينة "الباب" بريف حلب وتضميد الجراح التي تركتها الحرب في نفوسهم باللعب واللهو والغناء قاطعاً مسافة طويلة من أقصى الجنوب السوري "السويداء" إلى شماله في مدينة "الباب"، لكن طائرات النظام كانت له بالمرصاد، وأبت إلا أن تصادر إرادته وتغتال حلمه ليتحول الناشط الشاب "صلاح صادق" إلى حكاية من حكايات الموت السوري قبل أكثر من خمس سنوات.

جاء ابن مدينة "السويداء" إلى مدينة "الباب" بريف حلب مع عدد من الشباب والشابات بتاريخ 28 كانون الأول ديسمبر/2012 بالاتفاق مع الناشطين هناك لإقامة حفل لأطفال ريف حلب بسبب تعرض تلك المناطق لقصف وحصار شديدين من مليشيات النظام ونظراً لما كان يعيشه سكان تلك المناطق من أيام صعبة ولحظات مريرة وخاصة أطفالها، كما يروي شقيقه "رائد صادق".

ويضيف لـ"زمان الوصل" أن الدافع الأول لذهاب صلاح إلى ريف حلب في تلك الظروف إثبات عدم وجود طائفية في سوريتنا، مشيرا إلى أن شقيقه الراحل ورفاقه تعرضوا في طريقهم من السويداء إلى حلب للكثير من العراقيل والتفتيش والتدقيق ولكنهم أصروا على الوصول إلى هدفهم المنشود.

لدى وصول "صلاح" مع مجموعته الناشطة تم استقبالهم بحفاوة من قبل الأهالي والناشطين بدؤوا بالتحضير لحفلاتهم، وتكلل أول احتفال أقاموه بالنجاح حيث تمكنوا من رسم البسمات على وجوه أكثر من مئة طفل، غير أن المحتفلين كانوا على موعد مع القدر بعد خروجهم من مكان الاحتفال –كما يقول "صادق"- إذ كان الطيار الأسدي بانتظارهم لأن هذه المجموعة كانت بالنسبة له أخطر من "كتيبة مدرعة" فرمى عليهم العديد من القنابل العنقودية المحرّمة، ما أدى إلى إصابة "صلاح" ورفاقه الموجودين في ذلك المكان.

ونقل "صادق" عن شهود عيان آنذاك أن العديد من الأطفال والمشاركين في الحفل أصيبوا إصابات بالغة، مؤكدا أن المنطقة التي تعرضت للقصف كانت مكتظة بالناس، وتم إسعاف المصابين إلى المشافي الميدانية وتقديم ما أمكن من مساعدة طبية لهم، ولكن ندرة المعدات في المشفى الميداني حالت دون إنقاذ العديد من الحالات الخطرة ومنها حالة الناشط الشاب الذي تعرض لاستئصال إحدى كليتيه، بعد عملية دامت ست ساعات توقف قلبه خلالها مرتين وعاد للنبض، وتم تحويله إلى الحدود لتسليمه لكادر طبي تركي ولكنهم -حسب محدثنا- لم يستقبلوه بسبب خضوعه لعملية سابقة، رغم أن حالته كانت سيئة جداً ولا تحتمل التأخير وبعد عناء شديد سمحوا بإدخاله، ولكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى أقرب مشفى تركي.

وبعد أيام حاول الناشطون -كما يقول "صادق"- إيصال جثمان "صلاح" إلى مسقط رأسه السويداء، لكن النظام لم يوافق على إدخالها إلا بشرط واحد وهو أن توقع عائلته (أبوه وإخوته) على ورقة تقول إن "مجموعات إرهابية" قتلته، مشترطة أيضاً أن يتم تكفينه بعلم النظام الأحمر وليس بالعلم الأخضر الذي كُفّن فيه، وأن يأتي تحت صورة الديكتاتور "بشار الأسد" فكان الرفض بالمطلق لأن "صلاح" كان قد أوصى بأن يلف بالعلم الأخضر علم الحرية والكرامة بعد استشهاده.

وتشير سيرة الناشط الراحل إلى أنه ولد في 4 ديسمبر 1989 في قرية "الكفر"، وبعد ثلاث سنوات من ولادته توفيت والدته فعاش يتيماً، وكان هذا الأمر –كما يؤكد شقيقه –محفزاً لحبه للأطفال، وتقديم ما أمكن من مساعدات مادية نفسية لهم وبخاصة في ظل الثورة نتيجة لما تعرضوا له من خوف وهلع فكان لابد له من أن يشارك بكل قواه لإخراج هؤلاء الأطفال من أجواء الحرب وتبعاتها الثقيلة.

ولفت محدثنا إلى أن شقيقه تعلم في قريته حتى المرحلة الثانوية وانتقل بعدها ليدرس في المعهد الصناعي بدمشق ويتخرج منه كمساعد مهندس في هندسة الديكور، والتحق بالخدمة الإلزامية وتسرح منها أواخر العام 2011 ليلتحق بالثورة.

وبدأ يتنقل ما بين القرية والمدينة ويشارك في الحراك المدني بالسويداء من مظاهرات واعتصامات وغيرها، وبدأ آنذاك بمساعدة النازحين من المدن الأخرى إلى المحافظة وتقديم المعونات الغذائية لهم.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(139)    هل أعجبتك المقالة (101)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي