أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جنوب دمشق.. المقاومة تواجه "تيار المصالحة" عسكريا في أوائل مناطق الهدن بسوريا

الفصائل اتخذت قرارها بعدم السماح لـ"الطويل" بدخول المنطقة

ما حدث يوم أمس الاثنين في جنوب العاصمة المحرر كان حدثا استثنائيا ونقلة نوعية في المواجهة الناعمة بين تيار الثوريين وتيار المصالحة مع نظام الأسد، فلطالما كان تيار "المصالحة" هو المهاجم، مستفيدا من واقع المنطقة الخاضعة لحصار جزئي والتي مرت سابقا بحصار خانق أنهك قاطنيها ومستغلا المنابر ومحرضا على الثوار ومدعيا أنه المخلص وهدفه الوحيد إنقاذ المدنيين من المؤامرة التي خدعوا بها تحت مسمى الثورة بحسب توصيف أنصار هذا التيار، مطلقين شعارات "الحل سوري سوري، والتعالي على الجراح". 

ما بناه عرابو المصالحة في ثلاث سنوات مضت أنهته المقاومة السورية في مواجهة لم تستمر لأكثر من ساعتين مع أنصار مسؤول ملف المصالحة في بلدة "ببيلا" المدعو "أنس الطويل"، فما الذي دفع المقاومة للمواجهة وما هي الخطوط الحمراء التي تجاوزها "أنس الطويل"، وفرضت واقعا جديدا دفعت المقاومة للمواجهة التي كانت تتحاشاها مرارا خشية الفتنة. 

وتعد البلدات الثلاث مع "قدسيا" و"برزة" من أوائل من استطاع نظام الأسد اختراق بعض فصائلها بالهدن عام 2014 نتيجة الحصار الخانق على المنطقة، قبل أن تتطور الهدنة مع الوقت بدعم من القاعدة الروسية في "حميميم" وبالتعاون مع عرابين في جنوب دمشق على رأسهم "أنس الطويل" الذي يلقبه ناشطون هناك بـ"شيخ حميميم".

مصدر عسكري أفاد لـ"زمان الوصل" أسباب انتشار فصائل المقاومة في "ببيلا" ومواجهة أنصار "الطويل" الذي بدأ بدعوة المنشقين عن عصابة النظام والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياط لتسوية أوضاعهم والعودة لجيش النظام، حيث أخرج "الطويل" يوم الجمعة الفائت مظاهرة بمشاركة عشرات الشبان وصلت إلى نقطة قوات الأسد على حاجز "ببيلا –سيدي مقداد"، للمطالبة بتسوية أوضاعهم وهتف المشاركون بالمظاهرة لجيش النظام، كما اتفق "أنس الطويل" مع العميد المسؤول بالفرع عبر اتصال هاتفي أمام جمهور المشاركين بالمظاهرة على عقد اجتماع يوم الثلاثاء في صالة "الجود" بمنطقة "القزاز" المحاذية لمعبر "ببيلا" لترتيب الأمر، وتلا المظاهرة في اليوم الثاني طرح "أنس الطويل" استبياناً دعا فيه المنشقين والمتخلفين إلى تقرير مصيرهم، إما بالعودة إلى قوات الأسد أو الخروج من المنطقة، الأمر الذي دفع فصائل المقاومة للانتشار في بلدة "ببيلا" لوضع حد لتصرفات "أنس الطويل"، ومنعه من دخول جنوب دمشق وكانت ترتيب الفصائل يقتصر على هذا الأمر دون وجود أي نية لمواجهة أي طرف عسكريا، لكن عددا من المسلحين المحسوبين على "الطويل" بدؤوا إطلاق النار باتجاه عناصر المقاومة ما أدى إلى مقتل عنصر من "جيش الأبابيل"، وإصابة آخر، ليبدأ تبادل إطلاق النار واشتباكات استمرت لمدة تقارب الساعة انهارت خلالها المجموعات المحسوبة على "المصالحة"، وتمكنت المقاومة من تأمين المنطقة واعتقال عدة مناصرين لـ"أنس الطويل".

وتابع المصدر أن الفصائل اتخذت قرارها بعدم السماح لـ"الطويل" بدخول المنطقة بعد تجاوزه كل المحظورات وانخراطه في مشروع نظام الأسد والزج بشبان المنطقة، ليكونوا وقودا يحرقهم الأسد في معارك الغوطة الشرقية أو أي منطقة سورية أخرى.
وأكد المصدر أن اجتماعا في أحد مساجد المنطقة يوم أمس جمع وجهاء البلدات الثلاث "يلدا، ببيلا، وبيت سحم" مع الفصائل نتج عنه الاتفاق على منع "الطويل" من دخول جنوب العاصمة نهائيا وتسليم الشبان الذين حملوا السلاح وسجلوا أسماءهم لتسوية أوضاعهم وتعهدهم بعدم العودة لذلك خلال مدة أقصاها غروب اليوم. 

الناشط "ضياء محمد" يقول لـ"زمان الوصل" إن ما حدث في بلدة "ببيلا" يوم أمس هو أكبر دليل على أن مشروع المصالحة هش وضعيف، مضيفا "لا نستطيع الجزم بأن مشروع المصالحة انتهى بشكل كامل، خصوصا أن تيار المصالحة قام على مدار ثلاث سنوات بإظهار نفسه بمظهر المدافع عن حقوق المدنيين ومصالحهم، لكننا نستطيع القول إن تيار المصالحة وعرابه أنس الطويل تلقوا صفعة موجعة اليوم ستجعل الكثيرين من مؤيدي هذا التيار يعيدون حساباتهم، وما جرى اليوم أكبر دليل على هشاشة وضعف مشروع أنس الطويل وأنصاره". 

من جهته يتوقع "ضياء محمد" أن ردة فعل النظام على هزيمة أنصاره في المنطقة ستقتصر على تضييق قواته على المنطقة وقاطنيها عبر حاجز "ببيلا- سيدي مقداد" لفترة قد تطول، وقد تقصر وسينتج عنها أزمة باعتبار هذا الحاجز شريان الحياة للمنطقة بالإضافة لإرسال تهديدات للمنطقة.
في سياق متصل وأثناء إعداد التقرير علمت "زمان الوصل" أن قوات النظام أغلقت اليوم الثلاثاء حاجز ببّيلا -سيدي مقداد (المعبر الوحيد على بلدات يلدا، ببّيلا وبيت سحم جنوب دمشق)، ومنعت دخول وخروج المدنيين. 

وأفاد مصدر مطلع بأن قوات الأسد منعت دخول المواد الغذائية وسيارات الخبز والمواد التجارية والمحروقات إلى البلدات الثلاث، مؤكدا أنه تم إخفاء بعض المواد الغذائية الأساسية للعيش من الأسواق الشعبية، ما أدى إلى غلاء بعضها، فضلا عن فقدان المحروقات.

زمان الوصل
(185)    هل أعجبتك المقالة (177)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي