والأذن تعور قبل العين أحيانا.. مارسيل خليفة بين صرخة عهد التميمي و"الصرخة المخنوقة" لمعتقلات الأسد

"مواقف وطنية حسب الرغبة، جاهزون للتوصيل مجانا"، وكأنها رسالة بعض أصحاب الحوانيت الفنية والمتاجرين بقضايا الشعوب على واجهات حوانيتهم أو "حاناتهم" الفنية مع بدايات انطلاق ثورات الربيع العربي ضد حكامها وأنظمتها الفاسدة.
"مارسيل خليفة" ذلك المطرب اللبناني الملتزم أو كما بات يلقبه ناشطون بلقب "شيخ الباعة والمتاجرين" في حوانيت الفن الثورية وبازاراتها المدرّة للثروة، لم يجد في "حانوته" على ما يبدو متسعا من مكان لعرض بضاعة جديدة والمتاجرة بها رغم كل هذا الكساد الاقتصادي والسياسي والأخلاقي الصارخ الذي يعيشه بلده لبنان؛ فجميع "الرفوف" التي ضمها حانوت "خليفة" الفني كما بدت، أو كما أراد لها صاحبها قد خصصت لعرض ماركة حصرية مجربة ومضمونة الأرباح تحمل اسم "فلسطين".
شيخ الكار الذي شهد وسمع وعاصر سقوط مئات آلاف من الشهداء السوريين على اختلاف مساحات الأراضي السورية طيلة السنوات السبع الماضية لم يجد في دمائهم على ما يبدو ما يثير حفيظته الفنية أو ما يستحضر وحيه الموسيقي أو يعصف بذائقته "الشيوعية" لتجعله مستعدا للإمساك بريشته واحتضان عوده وإهدائهم ولو من باب الحياء والمجاملة، ولو "جملة لحنية" واحده يعبر فيها عن ألمه ووجعه لما حل بهم وبأطفالهم ونسائهم من موت ودمار.
شيخ الكار الذي صدق "نبوته" ورسالته السوريون يوما عندما راودهم عن طيبتهم قائلا: "أنا يوسف يا أبي"، لم يعد "يوسف" الذي آمنوا به في الأمس، فـ"يوسف" اليوم الذي برع "خليفة" لسنوات بتمثيل دوره وخداع الشارع العربي بمظلوميته وضعفه، والذي تمكنت عيناه من رؤية أحد عشر كوكبا، لم تعد عيناه اليوم بحكم ما يمتلكه من خبرة فنية، وفهم عميق لسياسة العرض والطلب الرائجة في أسواق النخاسة العربية لقضايا الشعوب، لم تعد عيناه بقادرتين أن تريا في كل هاتيك المجازر، وعمليات الإبادة الجماعية والاعتقالات والتهجير والتطهير العرقي، التي قام به نظام الأسد وميليشياته الطائفية من مواطنيه في حزب الله أي مادة فنية أو إنسانية ذات قيمة.
بل وعجزت عيناه أن تريا، ولو مجرد بضاعة ذات قيمة، بضاعة سرعان ما حسم شيخ الكار موقفه منها، معتبرا أن المتاجرة فيها لا تسمن ولا تغني من جوع.
"مارسيل خليفة"، الذي عجزت آلاف المعتقلات السوريات داخل سجون الأسد وأقبيته الأمنية عن إيقاظه من سباته الإنساني والموسيقي عاد ليستيقظ اليوم نشيطا حالما بربح عظيم يضيفه إلى رصيد "حانته الفنية'.
فقد وجّه "مارسيل خليفة" وعبر حسابه في "تويتر" تحية افتراضية إلى الأسيرة الفلسطينية "عهد التميمي" التي لاتزال تقبع في سجن "عوفر"، قائلا:
"إلى عهد
أكتب اسمك على رغوة الغيوم، على عرق العاصفة، على أجنحة العصافير، على خطى الايقاع، على ليل المدينة، على ضوء ذائب، على الأشجار،
على الرمال، على البحر، على المطر، على الشوارع، على الساحات، على القلب وفي كل حبر العالم".
وأرفق "خليفة" هذه التغريدة التحية، بفيديو لحفلة له، يعود تاريخها الى آذار مارس/2011، أقيمت وقتها في "فيلاديفيا"، لصالح "Al-Bustan Seeds Of Culture"، برعاية منظمة "يونسكو".
ناشطون ومعارضون سوريون قابلوا تغريدة "مارسيل خليفة" بسخرية وتهكم، فعلق "ماهر شرف الدين" على صفحته الرسمية في "فيسبوك" قائلا: "وأنا يا سيد مارسيل أكتب اسمك على ورق الدولار، على حذاء سيدك بشار، مع شوية شتائم من تحت الزنار".
آلاف من المعتقلات السوريات أصبحن ضحايا للمرة الثانية نتيجة لما أقدم عليه مارسيل من تهميش ونسيان لقضيتهن، على سبيل المثال لاستحالة الحصر، "طل الملوحي -إيمان زيادة -صبا العبدلي - ناديا الأحمد -خديجة البكار -أمل صهيون- مجد شربجي"، ومعتقلات "الصرخة المخنوقة" مثل مريم وخولة وغيرهما من المغتصبات الكثيرات في أقبية الأسد لم يفطن إليهن "شيخ الكار"، وكأن لسان حاله يقول لهن (دماؤكن بنكهة البيبسي، ودماؤها "عهد التميمي" بنكهة ليمون يافا)، وهل تستوي النكهات؟
عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية