غابت العاصمة الاقتصادية والصناعية لسوريا عن المشهد الثوري بشكل شبه تام خلال عام 2017 الذي استقبلته مدينتها بتهجير سكان الأحياء الشرقية منها لتصبح خاوية على عروشها، وكان أبرز الأحداث التي شهدتها حلب خلال هذا العام طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من البلدات والقرى التي كان يسيطر عليها بريفها الشرقي، واقتتال الفصائل فيما بينها.
مع بداية العام 2017 كانت مدينة حلب بشقيها الشرقي والغربي تقع تحت سيطرة قوات النظام والميليشيات الأجنبية المساندة له نظرياً، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إرسال كتيبة من "الشرطة العسكرية" التي تضم عناصر من جمهورية "الشيشان" الروسية إلى المدينة بذريعة ضبط الأمن في الأحياء الشرقية التي هُجّر سكانها منها في الأسبوع الأخير من العام 2016.
وتوزع السكان المهجرون من حلب على المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة المقاومة السورية في الشمال السوري، وسط أوضاع إنسانية صعبة في ظل ضعف المساعدات الإنسانية التي جرى تقنينها مع مرور الوقت وتعليق عمل عشرات المنظمات الإنسانية والإغاثية بعد الاقتتال الذي حصل خلال وقت قصير بين الفصائل وابتلاع فصيل "هيئة تحرير الشام" الذي أُعلن عن تشكيله في الشهر الأول للعام 2017 لمعظم الفصائل التي خرجت من حلب نحو إدلب وريفها.
أواخر الشهر الأول من العام 2017 أعلن عدد من كبرى الفصائل في الشمال السوري، الاندماج في مكون عسكري جديد باسم "هيئة تحرير الشام"، يضم كلاً من "جبهة فتح الشام، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة" واختارت "هاشم الشيخ" قائداً لها، وذلك عقب اقتتال بدأته "جبهة فتح الشام" ضد فصائل من المقاومة السورية شاركت بمؤتمر "أستانة" كان أبرزها "جيش المجاهدين" الذي اضطر لحل نفسه والاندماج مع "حركة أحرار الشام" وتبعته بهذه الخطوة فصائل عديدة بينها "صقور الشام" و"جيش الإسلام" و"تجمع فاستقم كما أمرت".
وفي 23 من الشهر الثاني للعام 2017 أعلنت فصائل المقاومة السورية المشاركة بعملية "درع الفرات" المدعومة من قبل الجيش التركي، عن سيطرتها على مدينة "الباب" الاستراتيجية بريف حلب الشرقي، بعد معارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية".
وفي اليوم التالي تحديداً بتاريخ 24 شباط فبراير، من العام 2017 أعلنت تركيا أن عملية "درع الفرات" التي نفذتها بالتعاون مع فصائل من المقاومة السورية حققت أهدافها.
جاء ذلك على لسان رئيس هيئة الأركان التركية، الجنرال "خلوصي أكار"، مؤكداً أنه بالسيطرة على مدينة "الباب" تم تنفيذ المهمات التي وضعت خلال إطلاق العملية".
وأشار رئيس هيئة الأركان التركية أنه "سيجري بعد ذلك تقديم المساعدة من أجل تطبيع الحياة لكي يتمكن السكان المحليون من العودة إلى بيوتهم بشكل سريع".
وأكدت هيئة الأركان التركية حينها أن المقاومة السورية أصبحت بعد سيطرتها على مدينة "الباب" تسيطر على ما يقارب 2225 كيلومترا مربعا من أراضي شمال سوريا نتيجة العمليات العسكرية التي تم إنجازها في إطار "درع الفرات".
وعلى صعيد الانتهاكات بحق المدنيين، كانت المجزرة التي ارتكبها الطيران الحربي في مدينة "الأتارب" غرب حلب، من أكبر المجازر في المحافظة بالعام 2017، حيث بلغ عدد ضحاياها 170 شخصا على الأقل، والكثير من الجرحى.
في 13 تشرين الثاني/نوفمبر استهدف الطيران السوق الرئيسي بمدينة "الأتارب" بصواريخ شديدة الانفجار، ما أدى إلى وقوع دمار واسع في السوق ومنازل المدنيين، حيث دفن عشرات المدنيين تحت الأنقاض.
وقضى خلال المجزرة قرابة 20 عنصرا من عناصر "الشرطة الحرة".
وتبقى المأساة الأكبر على الحلبيين هي مأساة النزوح والتهجير، سواء اولئك الذين خرجوا بعملية التهجير التي انتهت مع بداية العام 2017 إلى مدن وقرى الشمال السوري التابعة للريفين الغربي والشمالي الشرقي، والذين نزحوا بعد تقسيم مناطقهم بين سيطرة القوات الكردية من جهة، وقوات النظام وميليشياته من جهة أخرى.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية