أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

موعد الفعل السوري.. عبد السلام حاج بكري*

الكاتب: لا شك أن السوريين اقتنعوا أن لا أصدقاء لهم، بعدما تركهم الجميع

في لقاءات الأستانة تصدر بيانات عن الحاضرين مذيلة بتواقيع ممثلي روسيا وتركيا وإيران، وتغيب بصمة المعارضة ومخالب النظام، المعارضة الجاهلة بألف باء السياسية والتفاوض، والنظام الوحشي الذي يستمر في الفتك بمن يعتبرهم حيوانات في غابته.

الحاضرون تحدثوا ظاهرا بما يخص القضية السورية محاولين البحث عن حل لهذه المعضلة المفتوحة على الدم منذ سبع سنوات، لكنهم في الواقع يبحثون عن أكبر قدر من المكاسب العسكرية والسياسية والاقتصادية، وتمتع الوفدان السوريان بحق الاستماع "متل الأطرش في الزفّة"، يوافقون أو لا يوافقون على ما يقرره لهم مفترسو سوريا، يعاملهم الآخرون بازدراء شديد ويحرمونهم حتى من حق البصمة على المقررات.

لم يأبه حاضر الاجتماع من السوريين لكرامته، ولم تثر نخوته لكل ذلك الإهمال له ولوطنه، فالمعارض يسوقه التركي بوعود ما صدق منها واحد، أما النظام الذي وقف عاريا على ناصية الطريق، لا تعنيه سوريا إلا بحجم كرسي لمؤخرة الرئيس، وكأن الإقامة الناعمة وتغيير الجو تكفي المفاوضين السوريين وتغنيهم عن سوريتهم.

وبعيدا عن نتائج لقاء الأستانة الأخير التي لم ولن تكون أفضل من نتائج الأستانات السابقة، يتضح يوما بعد يوم أن كل السوريين من جانبي البلد هم الخاسرون، يموتون، يخسرون كل الماديات، ينزحون، بينما من يتصدر مشهدهم ويتغنى بالاستقلالية والسيادة والثورية، هم فقط من يحقق مكاسب على حساب كرامته، هذا إن افترضنا أنه يتمتع بالكرامة.

تراجع الاهتمام بالقضية السورية لدرجة كبيرة، فالأشقاء العرب مشغولون بنبش فضائح أمرائهم، والتدليل بخياناتهم وعمالتهم وتآمرهم، فيما تبدو تركيا الجار المكبل بالضغوط الدولية مقتنعة بحصتها من الذبيحة السورية.

أما أعداء السوريين المعلنون إيران وروسيا وحزب الله فهم في حالة ابتهاج لأن تراجع الاهتمام بسورية يترافق مع تسيّدهم للميدان، يستمعون لجعجعة ترامب من بعيد وهو المهووس بجباية الأموال كيفما اتفق، ولا شك أنهم يلقمونه عظمة عندما يعلو جعيره.

ليس على السوريين إدراك ما آلت إليه أحوالهم وحسب، بل عليهم أن يتوجهوا للفعل ومحاولة إيجاد حلول تحفظ الحد الأدنى مما تبقى من بلدهم، وأهم نقطة في إطلاق الفعل هو التصميم على أن يكون سوريّا خالصا، لأن عملا جمعيا مستقلا يحظى بالدعم الشعبي يرغم دول العالم على التعامل معه.

مجموعة من الحملات الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي قام بها سوريون جعلت الغرب يهتم لها نظرا للمشاركة الشعبية الواسعة فيها، فكيف سيكون الحال إذا ما تبنت جهة أو جهات سورية مهمة عقد مؤتمر شعبي ينتخب قيادة ويرسم أسس الحل وخطوط المستقبل القريب، لا شك أنه سيعيد الملف السوري إلى الواجهة، ويحقق ما عجزت عنه كل الكيانات المعارضة التي نصبت نفسها وصيّا على الثورة.

الفعل السوري يجب أن يظهر قبل أن تفرض روسيا على العالم مشروعها للحل في سوريا نهاية الشهر الأول من خلال مؤتمر سوتشي الذي سينسف عملية جنيف، وما التحرك الذي تقوم به "مجموعة العمل من أجل سورية"، وهي جهة سورية معارضة تضم نخبة من الشباب السوري الواعي، مع تيارات وأحزاب من أجل تعطيل مؤتمر سوتشي إلا خطوة على الطريق الصحيح، لكن يمكن التأسيس عليها لمشروع وطني أكبر.

لا شك أن السوريين اقتنعوا أن لا أصدقاء لهم، بعدما تركهم الجميع لقدرهم وهم مغلوبون على أمرهم يصارعون الموت على أيدي النظام وروسيا وإيران والميليشيات الطائفية، ويجب أن يتحركوا دون تردد من أجل فعل سوري بحت يؤسس لهم غير ما يريده أعداؤهم.

*من كتاب "زمان الوصل"
(133)    هل أعجبتك المقالة (136)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي