على سرير معدني في أحد مشافي الغوطة الشرقية يجلس "ياسين" موزّعاً ابتسامته الطفولية البريئة على من حوله، رغم أنه قضى سنوات عمره الغضة في المرض ومراجعات المراكز الطبية بسبب وجود مشكلة قلبية لديه وإصابته بحالة ربو وتأخر نمو قبل أن ينجو من الموت إثر سقوط صاروخ عنقودي على الغرفة التي ينام فيها في منزله بمدينة "سقبا".
ويعاني ابن السنوات الثلاث من فتحة في القلب (فتحة بين البطينين منذ الولادة) ولديه أيضاً ربو قصبي يأتي على شكل هجمات متكررة وتأخر تطور روحي وانغلاق "دروز" باكر وتعني تواصل العظم ببعضه في الجمجمة بشكل مبكر، مما يؤدي لنشوء شكل غير طبيعي للرأس –وفق تشخيص أطباء في المنطقة المحاصرة- ولكنه لازال قادراً على الابتسام رغم الأوجاع التي أنشبت أظفارها في جسده الصغير، منتظراً السماح بإخلائه لتلقي العلاج اللازم مع 572 حالة، لأطفال آخرين 225 منهم يحتاجون إلى جراحات لأسباب مختلفة بينما الباقون يحتاجون لبروتوكولات علاج أخرى و65 منهم أطفال تحت الخمس سنوات -وفق إحصاء الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز) العاملة في الغوطة الشرقية.
ذات يوم وأثناء تعرض الغوطة الشرقية للقصف اليومي بالقذائف العنقودية من طيران النظام الحربي سقطت قذيفة وسط غرفة "ياسين" التي كان ينام فيها في مدينة "سقبا"، فثقبت السقف وسقط أثاث الغرفة جراءها فوق جسده الصغير، مما أدى إلى كسر جداري في جمجمته وكسر في ساقه اليمنى –كما تروي الدكتورة "أماني بلور"- لـ"زمان الوصل"، مضيفة أن الطفل أُسعف إلى أحد مشافي الغوطة وأجريت له عملية جراحة عصبية.
وأردفت طبيبة الأطفال التي تتابع الحالات الإنسانية في الغوطة الشرقية أن الطفل الناجي يراجع المراكز الطبية كثيراً بسبب هجمات الربو والأمراض التنفسية وغيرها، ولكن لا إمكانية لعلاجه عصبياً بسبب الافتقار للأجهزة الطبية والإمكانيات.
وأكدت أن "ياسين" تجاوز مرحلة الخطر ولم تؤثر الإصابة العصبية عليه ولكنه -كما تقول- يحتاج إلى إخلاء من الغوطة الشرقية لإجراء إيكو قلب ومراجعة طبيب القلبية، وربما يحتاج إلى عمل جراحي.
ودعت د. أماني إلى تسليط الضوء على قصة إخلاء المرضى وخاصة الأطفال من الغوطة الشرقية، مضيفة أن من أبسط حقوق الأطفال أن يحصلوا على العلاج. وأضافت أن "هناك الكثير من الأطفال بحاجة إلى إجراءات تشخيصية أو علاجية أو عمليات جراحية غير متوفرة في الغوطة الشرقية بسبب الحصار".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية