لا يعرف الطفل "حمودة" ذو الخمس سنوات أن الأمم المتحدة قد خصصت قانوناً خاصاً به يدعى "قانون حماية الطفل" الذي يجب ألا يضاهيه حق من حقوق الحياة، فإصابته بمرض "الناعور" جعلت منه طفلاً يعيش تفاصيله الخاصة بعيداً عن الطفولة التي يعرفها أطفال العالم.
"حمودة" ليس وحده من يعاني من الأمراض المزمنة، فالحديث عن أمراض تفتك بالمحاصرين في غوطة دمشق تزيد الواقع بؤساً فوق المعاناة.
فهناك حوالي 550 مصابا بالسرطان في الغوطة، و278 مريض ربو، و672 مريض سكري معتمد على "الأنسولين"، و100 مريض داء كرون، على الأقل 10 مرضى "ناعور"، وذلك بحسب الطبيب "محمد كتوب" ممثل "الجمعية السورية الأمريكية samth"، التي تدير مراكز علاجية داخل الغوطة.
وأوضح "كتوب" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" أن الحصار يعمّق معاناة المحاصرين لا سيما المرضى منهم خاصة أولئك الذين لا يمكن علاجهم ضمن إمكانيات الغوطة سواء من ناحية الاختصاصات أو من ناحية المعدات مثل مرضى السرطان، مرضى الآفات القلبية الولادية، المرضى الذين يحتاجون زرع كبد، وأضاف "بعض الإصابات التي تحتاج جراحات متقدمة وغيرهم كثير، وهؤلاء يجب إخراجهم خارج الغوطة ليتعالجوا، الأمر الثاني أنه لدينا المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل الربو أو السكري أو داء كرون أو أمراض نادرة مثل الناعور، لا يمكن علاجهم بسبب الحصار".
وأردف الطبيب "في المجال الطبي نعاني من منع علاج هؤلاء سواء بمنع الشريحة الأولى من الخروج أو منع الشريحة الثانية من الحصول على دوائها".
فيما كشف أن الجمعية الطبية السورية الأمريكية بدأت بجمع الأسماء والحالات منذ بداية الصيف بعد إغلاق الأنفاق التي كانت تصل الغوطة بمناطق سيطرة النظام، واستمرت الجمعية، حسب "كتوب"، بجمع كافة الإحصائيات وإرسالها من خلال منظمة الصحة العالمية في مكاتبها بتركيا، فضلاً عن أن هذه القوائم نفسها كانت تُرسَل من خلال الهلال الأحمر شعبة "دوما" إلى مكاتبهم في دمشق، وبعد كل ذلك لم نستطع إخلاء سوى 8 حالات فقط، الأمر الذي يعني أن الإخلاء ممكن ولكن من يعوقه هو ممارسات النظام السوري بالإضافة إلى تقاعس الأمم المتحدة عن أداء دورها اتجاه الحالات الإنسانية.
وتابع الطبيب "نحاول أن نوصل الصورة لكل وكالات الأمم المتحدة في أعلى المستويات، وشهدنا تصريحات من مسؤولين أممين في الأسبوعين الماضيين نتيجة الجهود التي يقوم بها مجموعة من النشطاء السوريين والمنظمات الإنسانية في أجل إيصال صوت الغوطة، لكن التصريحات لا تنقذ المرضى، كما نحاول أن نوصل الصوت لوسائل الإعلام لتحدث ضغط عام وأعتقد هذا مهم جدا، لأن العالم خارج هذه البقعة يعرف القليل عنها، مع الأسف حتى الكثير من السوريين يعرفون القليل عن الغوطة وحصارها".
وحول القوافل الأممية التي دخلت مؤخرا إلى مدن وبلدات الغوطة الشرقية أكّد الطبيب "كتوب" أن القوافل الطبية التي تدخل تصلح لمخيم لاجئين على الحدود باستجابة أولية للتخفيف عنهم ريثما يستقرون، نادراً ما يدخل مواد اختصاصية بالمعنى الحقيقي، إذ إن كل المواد الجراحية التي تدل الغوطة لا يمكن أن تكون قادرة على تحسين الواقع الطبي لمنطقة محاصرة من 400 ألف نسمة لفترة زمنية تزيد عن أربع سنوات.
وأوضح "كتوب" أن الغوطة الشرقية تعيش أسوأ كارثة إنسانية منذ اندلاع الثورة، واشتداد الحصار، ما أدى إلى جعل قائمة الضحايا تزداد مع مرور الوقت.
وذكر أن مركز "دار الرحمة" الطبي لمعالجة الأورام وأمراض الدم في الغوطة الشرقية أعلن وفاة الضحية رقم 12 وهو المريض "عبد المنعم غازي" أحد مرضى السرطان داخل الغوطة، والذي تلقى عدة جرعات كيميائية في البداية لكن انقطاع الأدوية وإغلاق المعابر الإنسانية ورفض النظام الموافقة على إجلاء الحالات الإنسانية أدى إلى تدهور حالته الصحية حتى وصلت إلى وفاته وذلك حسب ما أكده مركز "دار الرحمة".
في سياق متصل قالت مديرية "صحة دمشق وريفها"، أمس إن 32 مريضا مصابا بالسرطان في الغوطة الشرقية توفوا في الأشهر الأخيرة، نتيجة عدم توفر الأدوية اللازمة وحصار قوات النظام للمنطقة، مؤكدة وجود أكثر من 500 مصاب بأمراض مختلفة بحاجة للخروج الفوري.
ريف دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية