بث موقع "Spiegel TV" (شبيغل) تقريراً مصوراً عن الألمانية "مريم. أ" التي هربت من مناطق تنظيم "الدولة" منذ عام ونصف وتعيش الآن في مناطق "درع الفرات" بانتظار فرصة للعودة الى ألمانيا.
وروت "مريم" التي بدت تلبس نقابا أسود في التقرير الذي كتبه الصحفي "أندرياس لونزر" وترجمه فريق "neoIRT" تفاصيل عن حياتها اليومية تحت حكم تنظيم "الدولة" في الرقة قبل خروجه منها.
وتعد "مريم" واحدة من 900 ألماني توجهوا خلال السنوات الماضية إلى سوريا لينضموا إلى تنظيم "الدولة"، وعاشت لعامين مع زوجها الألماني التركي في "الدولة الإسلامية" بشكل طوعي.
وكانت -كما تشير- تعيش وسط أشخاص كانوا في طفولتهم أو شبابهم مهملين بالكامل، وكانوا دائماً في دور الضحية ثم وجدوا أنفسهم في مناطق سيطرة "الدولة" وهم يحملون سلاحاً يستطيعون أن يفعلوا ما يحلو لهم دون أن يمنعهم أحد.
ولفت التقرير إلى أن الإعدامات كانت جزءا من الحياة اليومية في ظل تنظيم "الدولة"، مضيفاً أن الأمر كان بالنسبة لمريم خليطاً من الرعب والحياة العادية. وقالت "مريم" إن شارع التسوق في المكان الذي كانت تقيم فيه كان يحفل بالضجيج ومسيرات الناس، ولأنها لم تكن تسمع أصوات رصاص اعتقدت –كما تقول– أنهم يقيمون مناسبة للأطفال أو إعلان عن شيء ما، وعلمت فيما بعد أن المراسم هي لرجم امرأة، مؤكدة أن عملية الرجم حتى الموت وقعت أمام باب منزلها تماماً. ولفت كاتب التقرير إلى أن "مريم" دخلت الإسلام عندما كانت تعيش مع زوجها في ألمانيا ومارسا نشاطاً سلفياً في مدينة "أوفينباخ" قبل أن ينضما إلى تنظيم "الدولة" عام 2014 لتهرب بعد عامين إلى مناطق المقاومة السورية شمال مدينة حلب، وحاولت الدخول إلى تركيا منذ عام ونصف، ولكنها لم تفلح بسبب إغلاق الحدود.
وتمكن مراسل الشرق الأوسط لدى مجلة "دير شبيغل" "كريستوف روبير" قبل عدة أشهر من التواصل مع الجهادية الألمانية لتروي له جزءاً من حياتها وقصصها في ظل "الدولة الإسلامية" وكيفية هربها.
ولفت الصحفي "روبير" إلى أنه اكتشف أن "مريم" لا تلقي المسؤولية على الآخرين كما يفعل كثيرون وصرحت له أنها كانت مخطئة بانتسابها لتنظيم "الدولة"، وكانت تخشى على حياتها، ولكن كان عليها التأقلم مع الوضع ولأنها تعيش في مكان من الصعب على الصحفيين الغربيين الوصول إليه تحدث معها عبر "سكايب" مستعيناً بمصور سوري كان يصورها في الداخل.
وأشار الصحفي الألماني إلى أن "مريم" قضت وقتاً طويلاً مع نساء أخريات في تنظيم "الدولة" وشكلت معهن مجموعات على "واتس آب" ناقلاً عن "مريم" أن إحداهن ضمت امرأة يزيدية إلى بيتها كجارية وربما حصلت عليها كهدية من زوجها، وكانت تساعدها في أعمال المنزل كالتنظيف والطبخ والغسيل ورعاية الطفل.
وأردفت "مريم" أن المرء في ظل التنظيم يمكن أن يبحث عن جارية له كما لو كانت سيارة معروضة على موقع إلكتروني ألماني، لافتة إلى أن الأسعار تبدأ من الرخيص في حالة المتزوجات والكبيرات في السن ولا يمكن أن تصل إلى عشرين ألف دولار.
ولأن الرقة كانت العاصمة غير الرسمية لتنظيم "الدولة" دأب هذا التنظيم على نشر مقاطع فيديو بشكل غير دوري تظهر كيف تسير الحياة في "دولة الخلافة" في الرقة بشكل طبيعي تماماً، ففي الدولة الدينية يجب أن يكون كل شيء متوفراً، متاجر ممتلئة وبضائع وفيرة كلها مستوردة من تركيا، ولكن الواقع خارج الرقة، كان مختلفاً تماماً، إذ كانت النساء الألمانيات يشتكين من نقص المنتجات الغربية.
وتقول "مريم" أنها افتقدت للخبز الألماني وخبز بذور اليقطين والمايونيز والشوكولا، لأنها لا تحب الشوكولا السورية بسبب طعمها الرديء.
وأردف كاتب التقرير مشيراً إلى أنه من غير المناسب أن تغادر امرأة البيت من دون زوجها في "دولة الخلافة"، وكان على "مريم" أن تلتزم بقواعد اللباس الإسلامي الصارمة عند خروجها للتسوق، فعندما كانت تذهب لشراء الخضار مثلاً كان عليها تغطية عينيها فتبدو كلعبة الحظ لا تنظر جيداً ولا تعرف ما يجري حولها، ولا تستطيع التمييز إن كانت البندورة فاسدة مثلاً أم جيدة وعندما كانت تحاول أن ترفع الغطاء قليلاً عندها يقفز أحدهم ويصيح بها "غط عينيك" ولكن هذا الأمر كان عادياً بالنسبة لها.
ورغم أن جرائم تنظيم "الدولة" تمت باسم الإسلام تتمسك "مريم" بالدين بقوة، مشيرة إلى أن هذا هو دينها وكل شيء على ما يرام بالنسبة لها، مع اعتقادها أن الكثير مما تم القيام به هناك كان خاطئاً.
وأعربت الألمانية القادمة من مدينة "أوفينباخ" عن أملها في العودة إلى ألمانيا ولكن ذلك غير ممكن الآن.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية