لم يكن يتوقع قادة "حزب الاتحاد الديمقراطي" الجدد والأقدمون أن يناموا ليلتهم ليصحوا على دوي خبر يصل إلى ماوراء القامشلي قرب الحدود مع العراق، حيث أعلنوا عن تسمية "طلال سلو"، ناطقاً باسم تحالف ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" بُعيد تشكيله بدعم أمريكي بداية الثلث الثاني من تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015.
صباح 15 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلن قيادي عسكري في "لواء الشمال" أن "سلو"، وصل موقعهم في "جرابلس" بعد عبوره حاجز القوات الكردية قرب قرية "عون الدادت" شمال مدينة "منبج" بريف حلب مع سلاحه الشخصي وسيارته، لينقل إلى داخل الأراضي التركية بعد فترة وجيزة من دخوله منطقة "درع الفرات".
لكن ضابطا آخر في الجيش الحر كشف اصطحاب "سلو" وثائق و100 ألف دولار أمريكي معه أيضاً، وليس فقط عبوات "مكدوس" تندر بها النشطاء السوريون، فقالوا إنها هدية العميد المرفع لـ"الإخوة الأتراك"، إمعانا منهم في إِغاظة أنصار حزب "الاتحاد الديمقراطي" الصامتين صمت القبور، كما صمت الحزب وأذرعته العسكرية والأمنية والإعلامية، ولم ينبس قادتها ببنت شفة وكأن على رؤسهم الطير، وهذا حصل عندما غادر "هيثم مناع" رئيس تيار "قمح" رئاسة مجلس "سوريا الديمقراطي" دون ضجيج إعلامي.
انشقاق "سلو" ضربة موجعة لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية كبرى ميليشيات "سوريا الديمقراطية" المدعومة أمريكياً، كون القيادي المنشق يحمل للأتراك عمّن تعتبرهم أنقرة امتداداً لحزب "العمال الكردستاني" أسراراً مهمة حول عمليات هذه الميليشيات بالتعاون مع شركائها الأمريكان شمال سوريا على حدود تركيا الجنوبية، وعلى رأسها المعلومات والأسرار حول صفة إخراج عناصر تنظيم "الدولة" بسلام من الرقة.
اسمه الكامل "طلال علي سلو"، وهو من مواليد بلدة "الراعي" شرق حلب 12 آذار/مارس 1965، تركماني القومية أو يتحدث التركمانية، بعد حصوله على الشهادة الثانوية عام 1985 التحق بالكلية الجويّة وتخرج منها عام 1987 برتبة ملازم، ثم دخل سجن "صيدنايا" سيئ الصيت عام 2004 ليقضي سنتين إلّا قليلاً، قبل أن يسرح من الجيش وهو برتبة مقدم.
عام 2013 حصل على رتبة "عقيد" خلال قيادته لفصيل "لواء السلاجقة" ضمن فرقة "فتح الأولى" التابعة للجيش الحر في بلدة "الراعي"، التي سيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في شباط فبراير/2014 بعد أسبوع من المعارك، ليغادر "سلو" قريته نحو تركيا حيث أقام سنة ونصف.
حصل "لواء السلاجقة" الدعم العسكري من الحكومة التركية بشكل مباشر، لكنه انتهى بدخول تنظيم "الدولة" البلدة، ثم أعيد إحياؤه مرّة أخرى صيف 2015 إثر انضمامه لفصيل "جيش الثوار" المرتبط بحزب "الاتحاد الديمقراطي"، فانتشرت عناصره في منطقة "عفرين" و"حمّام التركمان" شمال الرقة، وهذا يؤمن للحزب الكردي وأذرعته المسلحة غطاء يزيل عنها صفة "الكردية"، وظهر ذلك جلياً حين تحول عناصر اللواء لكتيبة "تركمان منبج" خلال معارك السيطرة عليها.
بعد عام كامل على إعلان تشكيلها أصدرت قيادة ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" بياناً رفعت فيه رتبة الناطق الرسمي باسمها "طلال سلو"، من عقيد إلى عميد، مشيرة إلى أنها جاءت "تكريماً لهما لجهودهما ومساهمتهما الفعالة في الانتصارات التي حققتها"، واليوم تسرب معلومات تفيد بأن انشقاق "سلو" جاء على خلفية إعادة الناطق باسم "الحماية الكردية" (ريدور خليل) الذي لا يثق بـ"سلو".
لدى "سلو"، سبعة إخوة وخمس أخوات، هو أكبرهم، متزوّج، ولديه ثلاثة أبناء، يدرس أكبرهم الهندسة المعمارية بتركيا، والأوسط في قسم "إدارة الأعمال" في تركيا، أمّا الأصغر أنهى الثانوية ويقيم مع والدته في السعودية، وهنا إشارات استفهام كبيرة ترسمها دراسة أولاده في بلد هو العدو اللدود لقوات ينطق باسمها، على اعتبار أن الضغط عليه سيكون سهلاً للغاية.
يبدو أن تبريرات الضابط المنشق للقيادات الكردية من قبيل سحب المنحة الدراسية من أولاده والتهديدات المباشرة لشخصه، أقنعت أو خدعت قيادات "الاتحاد الديمقراطي" الباحثة عن عناصر من قوميات غير الكردية تزين مشروع "الأمة الديمقراطية".
قد لا تكون الصدفة من جعل "سلو" ولواءه قبل عامين ضمن تشكيلة تحالف ميليشيات "قوات السورية الديمقراطية"، المؤلف من "وحدات حماية الشعب"، "وحدات حماية المرأة"، "الصناديد"، "المجلس العسكري السرياني"، "لواء ثوار الرقة"، و"لواء التحرير"، و"شمس الشمال"، و"تجمع ألوية الجزيرة"، و"جيش الثوار" الذي يضم (جبهة الأكراد، اللواء 99، العمليات الخاصة 455، لواء السلاجقة، أحرار الزاوية، لواء السلطان سليم، لواء شهداء أتارب).
ويكشف الأرشيف المخابراتي الذي تملكه "زمان الوصل" عن ورود اسم "طلال سلو بن علي وروضة"، مواليد 1965، مرتين، الأولى بمذكرة منع سفر صادرة عام 2004 عن إدارة المخابرات الجوية، والثانية بمذكرة اعتقال صادرة عن شعبة الأمن السياسي عام 2014.
محمد الحسين - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية