أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

استراتيجية "الضباع".. طريقة قوات الأسد والميليشيات العراقية في مناطق يقصفها التحالف

عناصر النظام في دير الزور - جيتي

عادةً تستبق قوات "التحالف الدولي" معاركها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بتمهيد جوي أمام شركائها على الأرض، وتنفيذ غارات تستهدف المباني الكبيرة والمقرات المعروفة والجسور إن وجدت، كما تستهدف جميع طرق الإمداد للتضييق على تحركات عناصر التنظيم، لكنها غالباً ما تخلّف قتلى بين المدنيين، وهذا ما يحصل مؤخراً في نواحي "مركدة" و"الصور" و"البصيرة" و"الشحيل" بلدات الجزء السفلي من نهر الخابور وضفة الفرات الشرقية بدير الزور.

تكثيف الطيران الحربي للغارات الجوية مؤخراً على بلدات هذه المنطقة ذات الطبيعة شبه الصحراوية بين دير الزور والحسكة المتاخمتين لنينوى والأنبار العراقيتين، وسقوط ضحايا بالعشرات، أوصل للأهالي رسالة تقول لهم: (اتركوا قراكم).

وبالفعل نزح معظمهم إلى المخيمات ضمن مناطق سيطرة ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" في الشمال، فيما يتنقل آخرون في ريف دير الزور الشرقي، حيث تلاحقهم الغارات الجوي للحلف الروسي بمنطقة "الشامية" أو طيران دول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في "الجزيرة".

فعالية طيران الروس وحليفهم بشار الأسد في خلق أمواج النزوح من سكان المناطق المستهدفة، لا توازيها فاعلية هذا القصف بإلحاق الخسائر بتنظيم "الدولة الإسلامية" ووحداته التكتيكية سريعة التنقل، لذا تستغل قوات النظام في سوريا ومليشيات "الحشد الشعبي" في العراق غارات "التحالف الدولي" لإحراز تقدم على حساب التنظيم، ويمكن وصفها بـ"استراتيجية الضباع"، أي الاستفادة من ظروف مؤاتية تخلقها أطراف متقاتلة أخرى لتحقيق تقدم على الأرض، أي ما يُعرف بتعويم القدرات الهشة باستخدام مكتسبات الغير على رأي الخبراء العسكريين. 

قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها استفادت من غارات "التحالف" على خطوط إمداد تنظيم "الدولة" وخساراته على جانبي الحدود العراقية-السورية، وإعادة تموضع قواته، فقطعت الطريق على "جيش مغاوير الثورة" المدعوم أميركياً باتجاه مدينة "البوكمال"، وقبل ذلك استفادت من معارك "منبج" والرقة للسيطرة على ريف حلب الشرقي وجنوب الرقة والتقدم على ضفة الفرات الغربية، وهنا يمكن القول إن الولايات المتحدة وحلفاها من يحدد وقت المناسب لعمليات العسكرية بحوض الفرات.

الأمر ذاته حدث على الجانب العراقي من الحدود، إذ استفادت مليشيات "الحشد الشعبي" العراقية من الغارات الجوية الدولية، وقطعت طريق تقدم البيشمركة الكردية، عبر سيطرتها على أجزاء من الشريط الحدودي الممتد من سنجار العراق حتى ما بعد معبر "تل صفوك" الحدودي قبل أشهر، لكنها توقفت لأن حلفاء الولايات المتحدة في ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" لم يتقدموا بموازاة الحدود نحو "البوكمال" بعد، وهذا يجعل خاصرتها من جهة الغرب مكشوفة لعناصر التنظيم في منطقة "تل الشاير"، التي تحولت لجيب مزعج للميليشيا العراقية، كونها منطلق الهجمات على المخافر الحدودية.

وفي حال بدأت قوات "التحالف" تغطيتها لمعركة جديدة ضد التنظيم في المنطقة الحدودية على الجانب السوري، سيؤمن لـ"الحشد الشعبي" العراقي حماية من جهة الحدود لتقدم شمال القائم، فضلاً عن الاستفادة من الغطاء الجوي الفعال الذي يوفره طيران "التحالف" وهو الوحيد القادر على شلّ حركة تنظيم "الدولة" في العراق وسوريا على ما يبدو، وهنا نجد تفسير تقدم القوات العراقية والميليشيات على المحور الجنوبي وثباتها في الجبهات الشمالية، وكذلك فشل قوات النظام المدعومة روسياً بحسم معركة البوكمال، وقبل ذلك خسارتها مدينة تدمر بعد السيطرة عليها.

مع حسم في معارك "مركدة" و"البصيرة" "والشحيل" حالياً و"الرقة" قبلها، لن يعمل "التحالف الدولي" على تأخير الحملة العسكرية ضد التنظيم في المناطق المحاذية للحدود العراقية، وهو الأمر الذي سيسمح بتقدم "الحشد الشعبي" داخل الأراضي العراقية ضمن حدود محافظة نينوى، ما يقيد حركة إمداد تنظيم "الدولة" وبالتالي السماح لقوات الأسد المدعومة روسيا من التقدم في "البوكمال" أيضاً، وقد تكون من نصيب حلفاء الأمريكان بقيادة حزب "الاتحاد الديمقراطي". 

كل هذا يتضمن رسالة للميليشيات المدعومة إيرانيا، مفادها أنه دون الولايات المتحدة لا يمكن هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية"، مهما حشدت من قوات، لذا عليها انتظار معركة الحدود، لاستكمال السيطرة على الحدود بقرار أميركي، الأمر الذي عبر عنه مركز "حميميم" بقوله بوجود طرف ثالث دعم التنظيم لاستعادة "البوكمال"، التي لم يخسرها أصلاً حسب رواية التنظيم.

محمد الحسين - زمان الوصل
(104)    هل أعجبتك المقالة (157)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي