تكافح النازحة "أم عبيدة" لتأمين معيشة أبنائها في ريف حمص الشمالي من خلال تصميم أحذية وثياباً شتوية من أقمشة ومواد تالفة في ظروف الحصار الصعبة وعدم توفر أقمشة أومستلزمات للخياطة، وهي المهنة التي تعلمتها من والدتها منذ الصغر وبعد اعتقالها من قبل قوات النظام لأكثر من سنتين اتجهت لممارسة هذه المهنة داخل السجن لتلبية احتياجات السجينات.
تعلمت "أم عبيدة" مهنة الخياطة من والدتها عندما كانت لا تزال في 14 من عمرها وعندما كبرت افتتحت معها ورشة صغيرة عملت فيها على تفصيل بدلات العرائس والسهرات و"التيورات"، وبعد اندلاع الحرب حوصرت الثلاثينية الحمصية مع زوجها وابنتها بعد لجوء أبنائها الذكور إلى تركيا وبعد سنتين من الحصار خرجت –كما تروي لـ"زمان الوصل" إلى الريف الشمالي- إثر مرض ألمّ بها نتيجة دواء أُعطي لها بالخطأ اضطرت للذهاب إلى حمص للعلاج، فألقت مخابرات النظام القبض عليها دون تهمة أو سبب وبقيت في منفردة فرع الجوية 66 يوماً ليتم تحويلها فيما بعد إلى محكمة الإرهاب.
وتضيف "أم عبيدة" أنها سُجنت في سجن "عدرا" لمدة سنتين واتجهت لإعالة نفسها داخله بالخياطة للسجينات وبدأت -كما تقول- بتفصيل "الألشينات والجزمات" من الحرامات التالفة نظراً لبرودة الجو داخل المعتقل.
وكانت منتوجاتها تحظى بإقبال السجينات حتى أن بعضهن كن يرسلن هذه المنتوجات إلى أهاليهن وأقاربهن خارج السجن.
بعد سنتين وشهرين تم الإفراج عن "أم عبيدة" لتعود إلى ريف حمص الشمالي ونظراً لعدم توفر مستلزمات الخياطة من أقمشة وكلف غيرها لجأت لخياطة بدلات عرائس وسهرات من حرامات وألبسة مستعملة تقوم بتحويلها إلى شيء جديد.
وتحصل "أم عبيدة" على القماش الذي تستخدمه في منتوجاتها من جيرانها وأقاربها، وهو عبارة عن ثياب مستعملة وحرامات، وتعمل -كما تقول- على تجهيز قوالب من الكرتون وتقوم بقص القالب منها على الحرام ثم تضع طبقة "ديكروم" داخله وتبطنها مرة ثانية ثم تضع الموديلات المزينة التي ترغب بتصميمها وتنفيذها حسب القياس والطلب مضيفة إليها الإكسسوارات المطلوبة.
وتقوم المصممة النازحة أحياناً بتنعيم نواة الزيتون وتغسلها وتثقبها وتضعها على سطح الحذاء مع إضافة قطع من نفس كلفة القطعة، وقد تصمم موديلات من القماش على أشكال طابات -ببوني) وشرائط لتزيين القطعة مستخدمة كل ما يمكن لتزيين القطع التي تصممها.
تنجز "أم عبيدة" قطعة واحدة في اليوم مستخدمة المقص والكرتون والديكروم والقماش والماكينة في عملها وتستوحي موديلات القطع التي تصممها من خيالها ومن خبرتها في الخياطة ولم تعتد على تكرار الموديل ذاته، كما تؤكد.
وتشكو الحرفية "أم عبيدة" من عدم وجود مكان أو محل لعرض أعمالها وعدم قدرتها على استئجار محل بسبب الحصار المفروض على ريف حمص الشمالي، وكذلك عدم اكتسابها الشهرة المطلوبة بسبب وجودها في المنزل وتطمح -كما تقول- لتدريب الفتيات والنسوة وتأهيلهن ليكن قادرات على القيام بأعمال تؤمن لهن متطلبات الحياة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية