مع اشتداد وتيرة الحصار الذي تفرضه قوات النظام والميليشيات الموالية لها على "الغوطة الشرقية" في ريف دمشق، لجأ أهالي المنطقة التي تضم نحو 400 ألف شخص، إلى البحث عن بدائل غذائية لتأمين قوت يومهم، وسط ما يعانونه أصلاً من ظروفٍ أمنية متردية بسبب القصف المتكرر للمناطق السكنية داخل المنطقة.
"محمد الطرشة"، أحد سكان بلدة "عربين"، قال في تصريح خاص لموقع "زمان الوصل"، إن سياسة التجويع التي انتهجها النظام بحق أبناء "الغوطة الشرقية"، إضافةً إلى سيطرته على معظم المناطق الزراعية في المنطقة، دفع بالأهالي إلى زراعة الحدائق المنزلية والأراضي الزراعية الصغيرة ضمن المناطق السكنية، علّها تساعدهم على تأمين بعض احتياجاتهم الغذائية من ذرة وخيار وبندورة وغيرها.
وأضاف أن الذرة المسلوقة تشكل في الوقت الراهن الوجبة الأمثل والأرخص لنحو 75% من أهالي "الغوطة الشرقية"، خصوصاً وأن تكلفة وجبة إفطار لعائلة مؤلفة من 4 أفراد، تُقدّر بشكلٍ تقريبي بحوالي 5 آلاف ليرة سورية، أما وجبة الذرة لنفس العائلة فيبلغ 1000 ليرة سورية.

وأشار "الطرشة" إلى أن دخله اليومي لا يكاد يتجاوز 1500 ليرة سورية، في أفضل حالاته، وهذا المبلغ لا يكفي لشراء ربطة واحدة من الخبز، بوزن 600 غرام فقط، لذلك فإنه كغيره من أبناء المنطقة، لجأ إلى شراء الذرة المسلوقة لعائلته كوجبة يومية بديلة عن الخبز والطبخ.
بدوره قال "علي الحسين" وهو أحد بائعي الذرة في مدينة "دوما"، إن الذرة المسلوقة المعروفة محلياً باسم "العرانيس"، تعدّ وجبةً رئيسية ويومية لكل أسرة في "الغوطة الشرقية"، ولا سيما في ظل إغلاق المعابر الإنسانية وأهمها معبر "مخيم الوافدين" من قبل النظام، الأمر الذي زاد من مرارة الحصار، وساهم كذلك بارتفاع أسعار الغذاء والدواء داخل المنطقة.
وأضاف في حديثه مع "زمان الوصل"، مع صباح كل يوم أجول بعربتي بين الشوارع والحارات الرئيسية سعياً وراء رزقي، حيث يقبل أهالي "الغوطة الشرقية"، على شراء "العرانيس" بصورةٍ كبيرة، نظراً لرخص أسعارها مقارنة بأسعار المواد الغذائية الأخرى التي بلغت معدلات قياسية تفوق قدراتهم المادية، مبيناً أن لا وقت محدد لبيعها إلا أن الطلب يكثر عليها بشكل رئيسي في أوقات الصباح لتناولها على الإفطار، أو في المساء كوجبة عشاء.
حول طريقة إعداد وسلق الذرة، أوضح "الحسين" بالقول: يتم اولاً تقشير "العرانيس" وتنظيفها من الأوراق، ثمّ توضع في قدرٍ كبير "الحلة كما يسميها الأهالي" موضوعٍ على موقد حطب، بعد ذلك تغمر بالماء، وتطهى على النار مدة ثلاث ساعات تقريباً حتى تنضج.

ونوه "الحسين" أن لا بديل يتوفر حالياً أمام العائلات المحاصرة للبقاء على قيد الحياة سوى الذرة، ومن حسن الحظ توفر مخزون من محصولها داخل "الغوطة الشرقية" وإلا لكان الناس ماتوا من الجوع.
ارتفعت أسعار الذرة كثيراً عما كانت عليه قبل حوالي ثلاثة أشهر، بسبب زيادة الطلب عليها واستهلاكها من قبل الأهالي، إذ يبلغ سعر كيلو الذرة الواحد الآن 200 ليرة سورية، كما أن مادة الحطب ارتفعت هي الأخرى ليصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 350 ليرة سورية.
الجدير ذكره أن الذرة تشكل أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في "الغوطة الشرقية"، وتُستهلك طازجة عبر سلقها أو شوائها في مواسمها، كما أنها تدخل في صناعة الطحين والخبز، وتعتبر غذاءً رئيساً للحيوانات عبر استخدام بذورها كأعلاف للدواجن والطيور والأبقار والأغنام.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية