أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أم ثامر.. لاجئة سورية تنسج حكاية تضحيتها على آلة خياطة قديمة

أم ثامر في أحد مخيمات "عرسال"

عينان لم يعد بوسعهما رؤية ثقب الإبرة، ولا حتى أصبحتا قادرتين على إرشاد تلك الأصابع المرتجفة الباردة لمكان تمرير الخيط في إبرة أضحت مشوهة المعالم والسمات؛ فمواسم الدمع التي تعاقبت على عيني اللاجئة "أم ثامر" كانت كفيلة بأن تسلبها جزءا من بصرها الذي أصبح يتخبط باحثا فيما يشبه الضباب عن سبل لتجهيز "مكنة" الخياطة القديمة وهي "المورد الوحيد" الذي باتت تتحايل عليه لينتج رغما عنه لتأمين كفاف عيش ثلاث بنات صغيرات وطفلين. 

"غدير" الابنة الكبرى (11 عاماً) لم تخف فرحتها وهي ترتدي ثوبها البنفسجي ذا الحزام الأبيض الذي خاطته لها أمها "أم ثامر" بينما تهم في التوجه إلى مدرستها، ثوب لم تخجل البنت من أن تعترف بأن الأم قد جهزته لها من بقايا قماش تالف وزائد عن حاجة الخياطين الذين تبيعهم إنتاجها من الوسائد والستائر وأغطية الدراجات النارية والقلوب الإسفنجية الحمراء التي تصممها خلف آلة خياطتها العجوز. 


تقول أم ثائر: "أنا امرأة عندي كرامه وأرفض أن أكون مجرد رقم على سجلات الهبات والمساعدات الخيرية للأمم المتحدة، وما قبلت على نفسي ولا لبناتي يوما أن نجلس قانطين بانتظار حصة غذائية من أحد".

وأضافت: "واظبت على عملي خلف هذه الآلة العجوز المتعثرة كثيرة الأعطال، ووصلت الليل بالنهار لأكمل رسالتي كأم في أن أصل بأطفالي إلى أعلى درجات العلم التي حرمتني الظروف أن أصل إليها".

"أتمنى لو توسع نطاق عملي أكثر"، تتابع الأم، مضيفة "فكم سيبدو جميلا لو كانت لدي ورشة خياطة متكاملة المعدات لأعلم الفتيات من أبناء بلدي هذه الحرفة الجميلة كما أعلمها لبناتي الثلاث، أنا لا يعوقني أي فن من فنون الخياطة ولا حتى أعمال التطريز ونسج الصوف وتصميم الورود الاصطناعية وفساتين العرائس وغيرها من مهارات الخياطة".


تردف أم ثامر: "إيماني بأن الحياة ستستمر لم يفارقني يوما، وبأن الحرب والدمار الذي لحقنا كسوريين لن يمنعنا من التشبث بالحياة ومواصلة تربية أطفالنا على محبة العلم والعمل، هذه الخيمة ستخرج فتيات ليس فقط قد تعلمن قواعد الخياطة والتطريز وحسب، بل سأظل أسعى لكي يتخرج منها بنات متعلمات وحاصلات على أعلى الشهادات ولو كلفني ذلك أن أحفر بالصخر.

آلة "الخياطة العجوز" أعلنت إقلاعها قبل قليل داخل خيمة اللاجئة القادمة من "القصير" أم ثامر في أحد مخيمات "عرسال" في "وادي أرنب" لتبدأ يوم تضحية وكفاح جديد، ربما تعثرت قليلا، أو أوقفها العطب لدقائق بسبب قدمها.

"أم ثامر" إرادة حياة وقلب دافئ، ولمعة تحدٍ وإصرار منبعثتان من عينين متعبتين تعرفان جيدا كيف تعيدان تمرير الخيط داخل ثقب الإبرة من جديد لتجهيز وسادة أو ثوب تكون أجرته كفيلة بشراء دفتر وقلم لأحد أطفالها الذين توجهوا لمدارسهم قبل قليل.

زمان الوصل
(295)    هل أعجبتك المقالة (216)

ندى

2017-11-06

شي حلو يأم ثامر والله يقويكي يارب ويزيدك من رزق بأذن الله الشغل مهو عيب العيب الاكبر هو مد ايدك لناس وانا بشجعك.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي