أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين النظام والتنظيم.. عدد ضحايا مجزرة "القريتين" يرتفع إلى 154 و200 جثة مجهولة الهوية

لم يذكر أحدٌ من الناجين وقوع أي معارك جرت بين قوات النظام وتنظيم "الدولة" أثناء سيطرة هذا أو ذاك على "القريتين" - جيتي

ارتفعت حصيلة القتلى الذين عُثر عليهم في مدنية "القريتين" بريف حمص الشرقي، جراء المجزرة المروعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" بحق أهالي المدينة، إذ لم يرحم التنظيم فيهم شيخاً ولا امرأة ولا طفلاً قبيل انسحابه من المدينة إلى عمق البادية السورية.

وقال "محمد محي الدين عرندس"، رئيس المجلس المحلي لمدينة "القريتين" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" إن عدد المدنيين الذين أعدمهم تنظيم "الدولة" وصل إلى 154 مدنيا موثّقا بالاسم، في حين لم يتم التعرف على نحو 200 جثة متفسخة، أو مقطوعة الرأس، كما أن العدد مرجح للزيادة، لأن البحث جارٍ حالياً في الآبار والبساتين والدور المغلقة، وسط ورود أنباءٍ أخرى عن قيام قوات النظام بتصفية عددٍ آخر من المدنيين، بذريعة انتمائهم إلى التنظيم.

وأضاف أن أبناء مدينة "القريتين" جرى قتلهم بدمٍ بارد إما ذبحًا بالسكاكين، أو رميًا بالرصاص، وبينهم كبار في السن ونساء وأطفال، وذلك خلال الفترة التي خضعت فيها المدينة لسيطرة التنظيم، والتي تمتد من نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وحتى سيطرة قوات النظام عليها في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وأردف أن حوالي 50 طفلاً، ممن تتراوح أعمارهم بين 11-16 سنة، لا يزالون مفقودين إلى الآن، لأن تنظيم "الدولة" كان قد اعتقلهم من الملاجئ أو البيوت، وأخذهم معه حين انسحب من "القريتين".

وأشار "عرندس" إلى وجود دورٍ متبادل بين النظام والتنظيم في السيطرة على مدينة "القريتين" والتنكيل بأهلها، وفي المرة الأخيرة كانت البلدة تحت سيطرة قوات النظام التي انسحبت من أجزائها الشرقية إلى الأجزاء الغربية منها بشكلٍ مفاجئ، فدخلها التنظيم وسيطر عليها خلال نصف ساعة فقط، ولمدة 22 يوماً، ليعود بدوره وينسحب منها لصالح قوات النظام.

وأوضح أن النظام يتحمل جزءاً كبيراً في المجزرة التي شهدتها مدينة "القريتين"، لأن قواته لم تكتف بمنع خروج الأهالي من المدينة فحسب، وإنما حاصرتها من الجهتين الجنوبية والغربية، ما رفع من عدد ضحايا المجزرة التي قام بها التنظيم.

وسارع النظام عقب سيطرة التنظيم على مدينة "القريتين"، إلى إعلانها منطقة عسكرية، ولم يبادر مطلقاً إلى اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تخفف من الآثار السلبية الناجمة عن هجوم عناصر التنظيم على المدينة.

وفي هذا السياق حذّر "عرندس" إلى أن قوات النظام قامت بحظر حركة الخروج والدخول إليها، لتقوم بعد استيلائها على المدينة، بعملية تصفية ثانية لمدنيين آخرين بحجة أنهم "دواعش". 

بدورها أشارت "أم سعيد" وهي إحدى الناجيات من المجزرة، إلى أن الأيام التي عاشها سكان مدينة "القريتين" تحت رحمة تنظيم "الدولة" كانت قاسية جداً، لأن الأخير منع خروج المدنيين من منازلهم لشراء حاجياتهم الأساسية، وقام بتنفيذ حملات تفتيش للمنازل السكنية، واعتقل من يرغب في اعتقالهم، وصادر كذلك المواد الغذائية.

وقالت في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" إن عناصر التنظيم قاموا بتفتيش كافة البيوت، بحثاً عن الرجال والشباب الذين ذُبحوا على الفور، بسبب اتهامات وُجهت إليهم بـ"الردّة" لعودتهم للعيش من جديد في المدينة، بعد سيطرة النظام عليها في الأشهر الفائتة، مشيرةً إلى أن عشرات الجثث مقطوعة الرؤوس، باتت مرمية في الشوارع، إذ مُنع الدفن، فضلاً عن استباحة عناصر التنظيم للمنازل وسرقة جميع محتوياتها من النقود والذهب، بالإضافة إلى سرقة عددٍ كبير من السيارات.

وتحدثت "أم سعيد" عن إحدى نساء مدينة "القريتين" التي تمكنت من الحفاظ على أرواح أبنائها مباشرةً بعد دخول التنظيم، حيث قامت بوضعهم بعيداً عن الأنظار بين كومةٍ من الحطب والنفايات البلاستيكية موجودة في فناء المنزل، وعلى مدار 23 يوماً، كانت تنقط لهم تنقيطاً ليشربوا، وتطعمهم فتات الطعام، وتجلس طوال النهار على مقربةٍ من تلك الكومة التي تحتضن أبنائها، لمراقبتهم عن كثب ومعرفة تحركات التنظيم في حال قدوم عناصره إلى المنزل.

لم يذكر أحدٌ من الناجين وقوع أي معارك جرت بين قوات النظام وتنظيم "الدولة" أثناء سيطرة هذا أو ذاك على "القريتين"، وهنا نوّهت "أم سعيد" إلى أن عناصر "الجيش" كانوا يقرعون الأبواب لإخبار الأهالي بأن المدينة "تحررت"، حسب قولها.

في المقابل يرى "عرندس" أن مدير الناحية الذي ظهر خبر تحريره من الأسر على وسائل إعلام النظام، تمّ "تحريره بعملية نوعية" بعد مرور أيامٍ قليلة من سيطرة تنظيم "الدولة" على المدينة، واستبعد الرواية التي تقول إن "المدنيين خبؤوا مدير الناحية"، لأن كل الشهود، أجمعوا أن أحداً منهم لم يكن ليجرؤ على المخاطرة بحياته"، في ظل هذه القسوة التي مارسها التنظيم على أبناء "القريتين".

الجدير بالذكر أن عدد سكان "القريتين" يقدّر في الوقت الراهن بنحو 15 ألفاً، ومعظمهم ممن كانوا لاجئين لمدة سنتين في كلٍ من مخيم "الرقبان" الواقع قرب الحدود "السورية- الأردنية"، ومحافظة "إدلب"، حيث دفعتهم الظروف الأمنية المتردية وغلاء المعيشة في أماكن نزوحهم إلى العودة مجدداً إلى المدينة، عندما سمح النظام لهم بذلك.

زمان الوصل
(207)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي