أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المركز العربي يختتم ندوة حول هجرة وتهجير المسيحيين العرب

عدد من المحاضرين في الندوة - زمان الوصل

اختُتمت أعمال ندوة "المسيحيون العرب في المشرق العربي الكبير: عوامل البقاء، والهجرة، والتهجير" التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم الأحد.

وشارك في الندوة التي بدأت أمس مجموعة من الباحثين العرب والمختصين في موضوع العرب المسيحيين.

وناقشت جلسات اليوم الختامي محاور أكاديمية حول الواقع التاريخي والاجتماعي للمسيحيين في المشرق العربي الكبير، والأسباب الاقتصادية والسياسية لهجرتهم إلى الدول الأخرى.

وجاءت الجلسة الأخيرة تحت عنوان "هجرة المسيحيين العرب وتهجيرهم من بلاد الشام"، وخلالها تساءل الباحث "عبد الله حنا" عن أسباب هجرة مسيحيي سوريا داخليًا وخارجيًا، وقام بقراءة في دوافعها الاقتصادية.

وقال إن التطورات الاقتصادية – الاجتماعية والفكرية الجارية في سوريا بعد الاستقلال ساهمت في عملية دمج السكان، وبدأت تتوضّح معالم الدولة الحديثة التي أقامها الانتداب الفرنسي، وأخذت تساهم في ظهور دولة وطنية مركزية عاصمتها دمشق.

وأضاف "عاش المسيحيون في ظل الدولة الوطنية في منتصف القرن العشرين حالةً من السلم والأمن. ولكن الظواهر السلبية التي ظهرت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين مع انحسار مرحلة النهوض الوطني، أدت إلى انبعاث المشاعر العشائرية والطائفية والمذهبية، وأصبحت هي المهيمنة في مستهل القرن الحادي والعشرين، مما قاد إلى اهتزاز مواقع المسيحيين وبدْء ظهور تراجع دورهم السابق".

ولاحظ الباحث أنّ نسبة هجرة سكان الأرياف المسيحيين إلى المدن أعلى من نسبة هجرة المسلمين. عازيا ذلك إلى أنّ "المسيحي المهاجر إلى المدن والمقيم في الأحياء المسيحية تختفي عنده عقدة الأقلية التي كان يعانيها في قريته، وتتراجع عنده "عقدة الخوف" من "الإسلام" وما يسمعه من المتقدمين في السن من دفع الجزية والطَّورقة وغيرها من المظاهر التي زالت، ولكنها لا تزال مختزنة في الذاكرة الجمعية". 

أما مداخلة الباحث "سمير سعيفان" فقد تناولت تأثير مناخات الصراع في سوريا منذ آذار/ مارس 2011 في هجرة المسيحيين السوريين، إذ ساهمت استراتيجيات النظام ضد الانتفاضة ومن بينها تخويف الأقليات، ومنها المسيحيون، من الانتفاضة لدفعهم بعيدًا عنها، إضافةً إلى تأثير تأسلم الانتفاضة وخلق الريبة بل الخوف من المعارضة في أوساط المسيحيين، فضلًا عن دور المجموعات الجهادية خاصة "داعش"، في زيادة خوف المسيحيين، حسب "سعيفان".

وأوضح أنه مع استمرار الصراع، كانت قناعات المسيحيين تتسع كل يوم بأنّ سوريا لن تعود كما كانت، متهما برامج استقبال اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية وكندا وأستراليا بأنها قامت بدور مهم في تشجيع المسيحيين على الهجرة".

وركز "سعيفان" على دراسة حالة مشخصة لهجرة مسيحيين من "مدينة السقيلبية" وهي مدينة مسيحية أرثوذكسية في منطقة الغاب، وتقع على خط تلاقي مناطق السنة مع مناطق العلويين.

وتناول الباحث "ماجد حسن علي" موقف الكنائس الشرقية بشأن الهجرة في العراق وسوريا؛ واضعا طورين من أطوار الهجرة: بدأ الطور الأول مع الانحسار العثماني إلى حدود ما بعد الحرب العالمية الثانية وتميز بهجرة داخلية، أي هجرة داخل المنطقة العربية أو إلى جوارها على غرار الهجرة من العراق إلى سوريا أو غيرها. وبدأ الطور الثاني في النصف الثاني من القرن العشرين وكان مدفوعًا بالخوف بسبب الموجة القومية في المنطقة. وهو طور هجرة خارجية من المنطقة العربية إلى الغرب.

* النكبة مسيحية
وفي ختام الجلسة الأخيرة من أعمال اليوم الثاني، تناول متري الراهب في ورقته البحثية موجات الهجرة الفلسطينية المسيحية الرئيسة في النصف الأول من القرن العشرين وبالتحديد الهجرة إلى دول أميركا اللاتينية بداية القرن العشرين؛ إذ يمثّل الجيل الرابع من هؤلاء اليوم قرابة نصف مليون لاتيني أميركي من أصول مسيحية فلسطينية.

ورأى الباحث في نكبة فلسطين عام 1948 نكبة مسيحية بكل المعايير. وتناول في القسم الثاني من مداخلته واقع هجرة المسيحيين من فلسطين في السنين العشر الأخيرة من خلال تحليل نتائج الأبحاث والدراسات التي قامت بها مجموعة "ديار".

وسبق أن ناقشت الندوة اليوم "المسألة المسيحية في العراق بعد سقوط الموصل"
وتضمنت الجلسة إحصائيات عدد المسيحيين في العراق على اختلاف طوائفهم، ففي إحصاء عام 1947 بلغوا ما يقارب 149 ألف نسمة، وارتفع عددهم في عام 1957 إلى أكثر من 206 آلاف، وارتفع هذا الرقم في عام 1977 إلى 256 ألف نسمة بنسبة نمو تقريبية تقدر بـ 2.14 في المئة. وبالاستناد إلى نسبة النمو المذكورة، فإنّ التوقعات لأعداد العراقيين المسيحيين في عام 2003 تضعهم في حدود 600 ألف نسمة، ويبين هذا الرقم إذا ما تمت مقارنته بأعداد العراقيين المسيحيين في الوقت الراهن وهن الأحاديث عن وجود هجرة عارمة للعراقيين المسيحيين نحو الخارج.

وفي السياق نفسه ناقشت الجلسة الثانية "هجرة مسيحيي الشرق: خطاب القبول والرفض في مستهل أعمالها.

وأكد الباحث "حبيب افرام"، رئيس الرابطة السريانية في لبنان، في مداخلته أنّ المسيحية مشرقية بالأساس وليست غربية، وبحسب رأيه يجب ألّا يكون لها مشاريع وهمية تتعلق بالأساس باستبدال الوطن بالهجرة.

وقال "على المسيحيين العرب أن يدافعوا عن وجودهم بوصفهم من صلب تكوين الشرق وجزءًا من تاريخه ومستقبله، وعليهم أن يرفضوا معالجة القضية المسيحية بمنطق الأقلية والأكثرية؛ فالمسيحيون بحسب رأيه مواطنون قبل كل شيء".

كما ركز افرام على المسؤولية العربية والإسلامية؛ إذ دعا المفكرين والمثقفين العرب إلى ضرورة إيجاد حلول للتصدي إلى موجة الأصوليات الإلغائية التكفيرية التي تريد إنشاء دول دينية. كما حمّل الغرب مسؤولية الوجود المسيحي من خلال زعزعة بنى الدول العربية واحتلال فلسطين مما أدى إلى تهجير المسيحيين والمسلمين. 

بدوره قدّم الباحث "روبين شموئيل" نبذةً تاريخية عن الآشوريين المسيحيين في العراق وبيّن الأصول التاريخية لهذه الجماعة بوصفهم من أقدم الشعوب في العالم التي اعتنقت المسيحية. كما طرح الباحث لاحقًا دور الآشوريين ومساهمتهم في تطوير الدولة والحضارة الإسلاميتين.

وحلل "شادي لويس" المسألة القبطية مع تصاعد العنف الطائفي في مصر منذ السبعينيات، فقد ظل ذلك الاهتمام محصورًا في تحليل البنى القانونية والسياسية للطائفية وآلياتها المؤسسية ومع انطلاق الثورة المصرية في عام 2011، وتتبع الباحث تشكّل الخطابات الاجتماعية عن "الأقباط" وتحولاتها، بدءًا من خطابَي "الوطنية" و"الاضطهاد" بداية القرن الماضي، وصولًا إلى خطابَي "المواطنة" و"الاستشهاد الجديد" في خضم الثورة المصرية وبعدها.

زمان الوصل
(125)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي