يمكن أن ينفصل الفنان أحمد الزين في ذاكرة الكثير من اللبنانيين عن ذلك الزمن الجميل. هي الصورة التي تحضر اليوم من خلال مسلسل »أبو الطيب العربي«، الذي يستعيد فيه الزين عبر شاشة »أن.بي.أن«، ملامح شخصية »ابن البلد« التي اشتهر بها.
وبما أن الإنتاج اللبناني يعاني انتكاسة كبيرة، قياساً الى الإنتاجين السوري والمصري، فالعمل المعروض حالياً للزين يعتبر مغامرة، وخرقاً لمرحلة انقطاع عن الإنتاج المحلي، بعد مسلسل »يا غافل إلك الله«، وهو العمل الذي ألحق به غبناً، نتيجة عرضه جزئياً عبر »تلفزيون لبنان«، وذلك بمعدل ١٥ حلقة فقط من أصل ٩٠ حلقة!
»ابن البلد«، أبو »الزوز«، »أبو المراجل« شخصيات اشتهر بها أحمد الزين عندما كان »تلفزيون لبنان« في عصره الذهبي. وفيما كان آنذاك هو التلفزيون »اليتيم«، كانت الدراما اللبنانية تصدّر الى عدد من البلدان العربية، أما اليوم فتتعدّد القنوات في لبنان، فيما لا يصدّر الانتاج حتى إلى أقرب جيرانه.
يتابع الزين اليوم »أبو الطيب العربي« مساء كل ثلاثاء، ولكن من سوريا. البلد الذي يشعر فيه بالإنصاف المهني والمستوى الاحترافي. وهو البوابة التي قرر أن يطل عبرها الى جمهوره العربي في السنوات الأخيرة، كغيره من الفنانين اللبنانيين.
فصاحب الأربعة والستين عاماً لا يتعب، وإذا كانت عجلة الإنتاج في بلده متعثرة، فلا يروق له امتهان عمل آخر، علماً أنه عُرض عليه مرات عدة خوض تجربة التقديم كغيره من الزملاء.
يقضي معظم أوقاته اليوم في »البلاتوه« لاستكمال تصوير المسلسل السوري الكوميدي »فيتامين«، من إخراج شادي علي، بعد أن انتهى من تصوير »وجوه العدالة« إخراج سيف الشيخ نجيب (من المقرر أن يُعرض المسلسلان في رمضان المقبل).
ليس التعاون الفني مع سوريا بالخيار المستجد. سبق وعرض فيها كل مسرحياته سابقاً. وارتفعت وتيرة مشاركته في السنوات الأخيرة في مسلسلات سورية، من بينها »جبران خليل جبران«، »بقعة ضوء«، و»باب الحارة«....
يحدثنا الزين عن أعماله بعد تصوير أحد مشاهد »فيتامين«،. فلا ينفك »أبو حسن«، كما يحب أن يُنادى، ذاك الرجل بكلامه المعسول، ونفَسه الشعبي، ونكتته الهادفة. يقول عن تجربته في سوريا: »أعتز بها، ورب ضارة نافعة. فالدراما السورية احترافية وناجحة، وأنا أساساً عربي الهوى، وسوريا بلدي الى جانب لبنان. وعندما اُطلب للمشاركة في مسلسل »جبران خليل جبران« أشعر بالفخر والقهر في آن. فأين الإنتاج اللبناني اليوم؟«.
المشكلة برأي الزين ليست طارئة. يستخدم كلمة »وجع« للتعبير عما أصاب الفنانين في لبنان مذ اجتاحت البلد المسلسلات المكسيكية. يقول: »عصفت بنا الريح منذ غزونا من قبل »أنت أو لا أحد« لتكر السبحة بعدها. وهو بمثابة تآمر تتعرض الدراما السورية اليوم لمثله من خلال هجمة الأعمال التركية«.
»أنا موجوع«، يضيف، صوّرت ٣٠٠ ساعة في لبنان والآن لا دراما لدينا، وإذا وُجدت تكون موجهة إلى بيئة معينة، أو تتناول فقط مواضيع الكوكايين والدعارة والمشاهد الساخنة. إنها »مكسكة« للمشهد اللبناني«.
وعن المسلسلات المحلية الحالية، يقول: »هناك محاولات حثيثة. المسألة تحتاج الى وقت. السياسيون سرقوا لنا مهنتنا.
أصبح مجلس النواب هو مسرح شوشو، وبرامج »التوك شو« بديلاً عن المسلسلات. سرقونا وشرّدونا و»مذهبونا«. رحم الله الفنانيْن محمد شامل والياس رزق. لم نكن نعرف أيامهما ما هو مذهب الشخص أو ملّته«.
أما بالنسبة إلى »أبو الطيب العربي« فيشعر الزين بالرضى عنه: »بالرغم من كل شيء، عندما طُلبنا من قبل تلفزيون محلي قمنا بتلبية الدعوة« يقول، من دون أن يخفي مرارته إزاء »تلفزيون لبنان«، الذي قرر سابقاً ودون سابق إنذار التوقف عن استكمال عرض »يا غافل إلك الله«، ليُحكم على جهدنا بوضعه في الأدراج أو الرمي«.
والعتب على قدر المحبة، »فغبار تلفزيون لبنان معششة بشرايينا« يضيف.
بالأمس عندما كان يستريح التلفزيون في لبنان، كان أحمد الزين يتجه نحو السينما، وعندما تكون الأخيرة في إجازة، كان يلوذ الى الإذاعة. أما وقد سدت السبل اليوم، فيرى في سوريا الحاضن الفني الطبيعي.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية