أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كيف صار المستشارون أكثر من حمير مملكة واتا... نبيل عودة

يكرر التاريخ نفسه بأشكال عديدة ، مرة يكون التكرار مبكيا وأخرى يكون مهزلة .. وهذا ما حدث في مملكة واتا الحضارية ...
 صاحب الجلالة والجلال ( والجلال بالمعنيين ) عامر  العظيم ، دأب على ترفيع كل الخاضعين لنزواته ، وبعضها نزوات لا يجوز ذكرها ، حتى لا يخجل الورق من تسويده بها ، ووزع عليهم الألقاب  والمراتب والصفات ، هذا شاعر العصر ، وآخر شاعر القصر ، وذاك ناثر الكون ، وفلان عضاض القوم ، وفلان مراقب نشر ، وأخر مراقب عقل ، ودستة من تنابل عبد الحميد على أبواب واتا شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، وواحد فلتة ابن فلتة باحث  يعرف كل شيء بدون جهد البحث .. وآخر ضراط واتا لتخفيف الاحتباس الحراري في منتدياتها   ، وهي لمن لا يعرف اعجاز علمي أنجزته واتا ، سابقة بذلك علماء الكون في ايجاد حلول للإحتباسات الحرارية . وبالطبع رهط  كبير من المشرفين  ، ورهط آخر من المستشارين ، كان آخرهم حتى ساعة كتابة هذا النص طه خضر ، الذي لشدة التزامة بنزوات صاحب الجلالة ، عين مستشارا بحريا لانقاذ بحيرة واتا من الجفاف ، وللحفاظ على ثروتها السمكية واكثارها ، وفي خطاب الترفيع لدرجة مستشار تعهد طه لصاحب الجلالة بأن ينقذ أسماك بحيرة واتا ، حتى لو اضطر الى معاشرة الأسماك شرعا.
المشكلة انه حدث التباس في واتا الحضارية ، عدد المناصب تجاوز ما تستطيع الأرشيفات ان تسعه . وباتت الألقاب أكثر من الأعضاء  مواطني واتا خارج الحجر ( أي السجون الواتاوية ).
ومن عادة صاحب الجلالة العظيم ان يعمل أكثر مما يفكر .. وهذه الجملة  لو ظهرت في فترة أحمد سعيد وتعليقاته في صوت العرب ، لأشغلت الفكر العربي قرنا كاملا .. ويوصف بأنه " يعمل أكثر مما يفكر " وقد نعود لهذا الموضوع الفلسفي الذي سيفرض كما علمنا ضمن البرنامج الجديد لجامعة واتا الحضارية التي يترأسها حامل ثلاث  شهادات دكتوراة ويعمل بمنصب مؤقت كحيوان أليف في منزل صاحب الجلالة العظيم .
كان طه شديد الحماس ليبدأ عمله الجديد ، ووجه رسائل لمراكز علوم البحار يستفسر عن وسائل تمييز انثى السمك من ذكره حتى يتصرف دون أن يقع بالمحظور .
ولكن العظيم أقلقه أمر آخر ، عين مشرفين بلا حساب  وعين مراقبين كل صبح ومساء ، وضاعت الأسماء من الأرشيفات ولم يعد يعرف عدد من عينهم ، وهل ظلت حفرة لم يغلقها بمشرف أو مستشار أو مراقب نشر أومراقب أخلاق أومراقب عقل أومراقب طرقات أو شاعر قصر؟؟
وبما  انه يعمل أكثر مما يحب أن يفكر ، صونا لقيمة عقله ، حيث ان العقل العربي من أغلى العقول في العالم لأنه غير مستعمل ، ويد اولى لمن يشتريه ، قرر اقامة استعراض واتاوي حضاري ، يركب فيه المشرفون  والمراقبون على مختلف توزيعاتهم الجغرافية والتنفيذية ، على الخيول ، ويركب المستشارين  على الحمير ، تماما كما فعل الملك فاروق في وقته مع الباكوات والباشوت في مصر ، اليوم اختلفت التسمية ولم تختلف المراتب أو يتأثر  العقل بالتطور.
في يوم الاستعراض لبس الجميع أزهى ملابسهم ، وتحاشروا وتجاحشوا ، ولولا الخوف من الحجر لتضاربوا بالأيدي والسيقان ومعط الشعر ليقفوا بقرب منصة العظيم .. حتى ينتبه لوجودهم ، لعل وعسى يرزقهم حمارا أو فرسا للركوب في الاستعراض القادم .
وما هي الا لحظات واذا بموكب كبير ممتد لا ترى العين نهايته ، يركبون الخيول العربية الأصيلة ، ووراءهم قافلة تركب الخيول العادية .. سأل العظيم مسشتاره الخاص :
- كلهم واتاويين ؟
- أجل يا عظيم .
ابتسم شاعرا بمجده . وسأل :
- لماذا يركبون خيولا أجنبية ؟
- يا سيدي عددهم أكثر من الخيول العربية في مملكة واتا ..  اركبنا المشرفين على الخيول العربية وأركبنا المراقبين على الخيول الأجنبية .
وما أن أنهى كلامه ، واذا بقافلة من الحمير المركوبة . تفاجأ العظيم :
- ما أكثرهم ؟
- واتا تستحق أكثر . قال المستشار.
- ولكني أرى وراء قافلة الحمير أشخاصا يمشون . من هم ؟ ولماذا لا يركبون الحمير  ؟
- يا صاحب العظمة ، نفذنا أوامرك . أركبنا اصحاب المراتب العليا الخيول كما رأيت ، والمستشارون اركبناهم الحمير .. وللأسف عدد المستشارين في مملكة واتا أكثر من عدد الحمير ـ فمشوا ؟
- انظر انظر .. قال العظيم من ذاك الذي يحمل شخصا على ظهره ؟
- انه مستشارنا الجديد طه خضر .. أحد المستشارين القدماء رفض أن يسير وغيره يركب ، وبحثنا بطول المملكة وعرضها ولم نجد حمارا آخر ليركبه  مثل الآخرين ، ورفض الأخرون التنازل له عن حمار ، وكانت مشكلة معه  ،حتى  تبرع المستشار الجديد خضر بحمله على ظهره والسير به مع قافلة الحمير ..
- ظننت أني أرى حمارا بطبقتين . قال العظيم .
في نهاية الاحتفال عقد مهرجان خطابي ، هوجم فيه الكفار والزنادقة والملحدين والسفلة والخنازير والخائنين والجالسين على زوجاتهم ،  ولمعرفة التفاصيل تتوفر معلومات كاملة على موقع مملكة واتا الحضارية .. وأعدكم ان زيارتها لا تؤذي بل تسلي كما لو أنكم في فلم سينمائي لاسماعيل ياسين ، أو لمستر بين لمن لايحب الأفلام العربية !!

ودقت ساعة العمل ...

انطلق الخضر طه نحو بحيرة واتا في زيارة تفقدية تحيط به شلة من الحاشية التي تنتظر دورها لركب الحمير في الاستعراض القادم .
وصلوا ضفة البحيرة ، ورأى ان عدوين لدودين له  جالسين على الشاطئ . طلب الجندرما  الواتاوية ليخرجهما من شاطي البحيرة ، فلا حق للأعداء بالاصطياف على شواطئ بحيرة واتا . ولكن العدوين المعروفين باسم نبيل عودة ، والدكتورة ميرا جميل ، انسحبا تاركين وراءهما اشكاليات يعجز عقل واتا عن هضمها ، وحتى لا تنفع في اطعام الأسماك ، أو في جعل طه يتغير ويصبح رجلا عاديا فيما لو جاءته الهة الحب  أفروديت مرة أخرى في أحدى لياليه التي يحلم  بها على خاطف عقله وفؤاده  سعيد !!
" الواتاويون بحالة انبساط  " . سجل في مفكرته .. يصطافون على البحيرة .. وأعلن عبر مكبر الصوت :
- واتا وباسم المستشار الجديد محسوبكم طه خضر ،  مسؤول البحيرة من اليوم وطالع ، ومسؤول تنمية ثروتها السمكية ، يحييكم أجمل تحية وينبهكم ان صيد السمك في البحيرة ممنوع منعا باتا ولن تقبل الأعذار ، ومصير من يصطاد السمك  سيكون مثل مصير الكافر نبيل عودة والملحدة الدكتورة ميرا جميل ، اذا شاهدت صنارة مع أحدكم فالويل الويل له ...
 وصرخ بكل قوته :
- . مفهوم ؟
-  مفهوم .
 جعر القوم .
وقبل حلول المساء بقليل شاهد امرأة في قارب داخل البحيرة ، وصنارة الصيد تبرز بوضوح الى جانبها ، حيث كانت مستلقية داخل القارب وتقرأ كتابا.
بسرعة البرق أمر بابحار مركبه نحو المرأة في القارب الصغير .
- سيدتي .. لماذا تصطادين السمك في  البحيرة ؟
جعر بصوت جهوري ، فجفلت . رفعت عينيها من صفحات الكتاب ، ونظرت اليه شذرا ، وقالت بغير اهتمام :
- الا ترى يا جاهل اني أقرا كتابا ؟
- ساضطر لاعتقالك ، انت تخالفين الحظر المفروض على صيد السمك ؟
- ولكني لا أصطاد ، انا أقرأ كتابا ولا أنوي الصيد .. هذه العدة لزوجي الذي يستلقي نائما على الشاطئ .. ولن نستعملها بعد قرار منع الصيد.
- لا أفهم .. سأضطر لاعتقالك لأنك تحملين معك في القارب أدوات الصيد.
- يا خضر العزيز .. كما ترى بأم عينك انا لا أصطاد ، ولا توجد معي حتى أسماك ، فبأي حق تعتقلني ؟
- لأنك تحملين أدوات الصيد ، هذا يعني انك تصطادين . ويجب ان أعتقلك ؟
- يا طه ، اذا اعتقلتني سأتهمك بمحاولة اغتصابي ؟
- ولكني لم أحاول ولا أفكر باغتصابك ولا أميل لاغتصاب النساء .
- بل انت متهم بمحاولة اغتصابي .. لأنك تحمل أدوات الاغتصاب بين ساقيك !!
                                 

– كاتب ، ناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة
(99)    هل أعجبتك المقالة (109)

عدنان

2008-12-13

الحقيقة أنا لا أحب واتا، ولا أتحمل ما تكتبه، لذلك هجرتها وتوقفت عن القراءة فيها والاطلاع عليه، فهي كما يقول الكاتب هنا مليئية بالملوك والأمراء والسفراء، مع قلة فهم وإدراك. لكنني أجزم في الوقن تفسه، أن لا أحداً في هذه الدنيا يحب ما يكتبه نبيل عودة، كتاباته تافهة مريضة، وتأكدوا من صدق لولي بقراءة هذا المقال التافه، الذي ملأه كعادته بالألفاظ الخادشة وسقطات أبناء الشوارع. نبيل عودة ليس أحسن من واتا، كلاهما أحمق، وكلاهما يتذاكى، إلا أن نبيل يحاول أن يلفت النظر من خلال الحديث بمناسبة وغير مناسبة عما يريده المراهقون. نبيل وواتا كتاب من الدرجة العاشرة، وينقص كليهما الأدب.


المهندس سعد الله جبري

2008-12-13

لماذا لم تعجبه القصة الظريفة؟ هل يظن أنه مقصودٌ ببعض رموزها؟ إنها صورة فوتوغرافية لجميع الأنظمة العربية دون استثناء. إنها نتيجة الإستبداد الذي يحوّل المواطنين إلى حمير يركبهم على الأقل، وهناك أكثر من الركوب بكثير. لو احترم كل مواطن نفسه وعقله وكرامته لما سمح للإستبداد أن يحوله إلى حمار ولو بذل في سبيل ذلك حياته، للدفاع عن كرامته وإنسانيته.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي