تجبر بعض المقاطعات الألمانية اللاجئين لديها ممن يريدون تسجيل مواليدهم على إحضار وثائق وأوراق ثبوتية، إما من سوريا أو من سفارة النظام في برلين، ما يجعل هؤلاء اللاجئين أمام خيارين أحلاهما مر، إما ترك أبنائهم مجهولي القيد، وذلك يؤثر على تعليمهم وتلقيهم العناية الصحية المطلوبة التي يحفظها قانون اللجوء، أو الدخول إلى سفارة النظام الذي قتلهم وهجّرهم، ودفع تكاليف باهظة من أموال يستخدمها في قتل من تبقى من أهاليهم داخل سوريا، وبالاطلاع على أسعار المعاملات القنصلية الحالية 2017 المعلنة في موقع السفارة السورية في برلين يتبين أن رسوم تمديد جواز السفر 190 يورو ورسم منح جواز سفر جديد 380 يورو.
غير أن المفارقة أن بعض المقاطعات الألمانية تسقط حق الحماية الإنسانية عمن يدخل إلى سفارة النظام أو يتعامل معها استناداً إلى اتفاقية المنظمة الدولية للاجئين – جنيف التي تنص على أن "من استأنف باختياره الاستظلال بحماية بلد جنسيته أو استعاد باختياره جنسيته بعد فقدانه لها، سيفقد الشخص حقه كلاجئ بالإقامة في ألمانيا إن مدد أو جدد جوازه الأصلي من سفارة البلد الأم".
وهذا ما تتطابق فيه اتفاقية جنيف مع المادة 72 من القانون الألماني، حسب ناشطين حقوقيين.
"محمود عفارة" ناشط سوري يقيم في مدينة "تورينغن" ذهب لتسجيل طفلته الوليدة في دائرة الهجرة منذ شهر ونصف فطلبت منه الموظفة إحضار جواز سفر له ولزوجته وتأمين إخراج قيد من السفارة السورية، ونظراً لأن زوجته لا تملك جواز سفر سوري ولا تملك إقامة في ألمانيا بدأت معاناته التي لم تنته حتى بعد وفاة طفلته في ظروف غامضة.
ووجد "عفارة" -كما يقول- لـ"زمان الوصل" صعوبة في الذهاب إلى سفارة النظام لكون اللاجئ الحاصل على الحماية الإنسانية أو اللجوء السياسي يمنع في القانون الألماني من دخول هذه السفارة، وإذا خالف هذا القانون يفقد تلقائياً صفة اللجوء أو يتم تحويله إلى جلسة استماع وإلى محكمة من جديد للبت في أحقيته في اللجوء من عدمها.
معاناة عفارة لم تنته عند هذا الحد بل دخل في دهاليز الروتين والإجراءات الإدارية المعقدة التي لم تفضِ إلى شيء، وروى أنه التقى مع وزير الهجرة في ولاية "تورننغن" ووزير الداخلية لحل مشكلته وهي مشكلة الكثير من اللاجئين السوريين في ذات الوقت، فمنحه وزير الهجرة استثناءً كي لا يضطر للذهاب إلى سفارة النظام لتصديق الأوراق المطلوبة، وبعد أن ترجم هذه الأوراق طُلب منه مجدداً ترجمة جواز السفر بالرغم من أنه ألماني بدعوى أن بيانات الجواز غير مؤكدة، ورغم ذلك رفضوا إعطاءه شهادة ميلاد للطفلة التي توفيت فيما بعد مجهولة القيد.
"عفارة" لفت إلى أن هذه المشكلة لا تخصه وحده أو تخص موضوع تسجيل المواليد الجدد، فالكثير من اللاجئين –كما يقول- حصل على الحماية المؤقتة لمدة عام في ألمانيا وكثير من هؤلاء متزوجون ولديهم أطفال، ولكن للأسف لا يستطيعون إحضار عائلاتهم إلا بعد تاريخ 16/ 3/ 2018 وكثير من هؤلاء موجودون في ألمانيا منذ عامين، ورغم تقديمهم لطلب منذ أكثر من عام، لكنهم لم يحصلوا على جواب بعد من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين هنا بـأنهم حصلوا على حق الحماية أم لا.
وتابع محدثنا أن "الكثير من هؤلاء يُجبرون على مراجعة سفارة النظام في برلين من أجل تمديد أو تجديد جواز السفر السوري".
ولذلك دعا "عفارة" مع عدد من الناشطين –كما قال- إلى تنفيذ اعتصام أمام مكتب شؤون الأجانب في مدينة "فرانكفورت" وفي مدن "هامبورغ" و"دوسلدورف" و"دورتموند" في 22 و23 آب أغسطس الماضي للاحتجاج على القوانين المجحفة بحقهم ومطالبة الحكومة الألمانية بإيجاد طريقة لإصدار الأوراق الثبوتية غير مراجعة السفارة السورية في برلين والاعتراف بجوازات اللاجئين السوريين وهوياتهم على الرغم من انتهاء صلاحيتها الزمنية، والعمل على إنهاء حكومة الأسد وحينها سوف يقرر هؤلاء من تلقاء أنفسهم العودة إلى بلادهم.
مسؤول مكتب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ألمانيا "محمد كاظم هنداوي" أوضح لـ"زمان الوصل" أن اللاجئين الذين نالوا حق اللجوء لا يتعرضون لمشاكل في كثيرة في مجال استخراج الوثائق لأنهم -حسب قوله- معفيون في الأساس من بيانات النظام إلى حد ما، وبإمكان هؤلاء استخراج جوازات سفر حتى للمواليد الجدد والإقامة لمدة ثلاثة سنوات، لأنهم يحملون إقامة الوالدين أو أحدهما.
ولفت هنداوي إلى أن اللاجئين الذين لم يحصلوا على حق اللجوء من ذوي الإقامة الفرعية أو المؤقتة التي تمنحها المحاكم هم الأكثرعرضة لمشاكل الوثائق، وأكد محدثنا أن الخارجية الألمانية أصدرت منذ فترة إعفاءاً للسوريين من تقديم أي أوراق ثبوتية عن طريق سفارة النظام ولكن بعض المقاطعات لم تطبق هذا القرار أو تأخذه على محمل الجد.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية