• من زوجة أعتى محارب للإسلاميين إلى "كاتبة إسلامية"
• شقيقها من كبار مروجي رواية بشار الأسد في مصر
• تطلقت من أمير جمع الأموال لتقترن بأمير القمع
ولد ساجدا، زاره النبي في المنام، سيتابع مسيرة محمد الفاتح وصلاح الدين الأيوبي.. بمثل هذه العبارات وغيرها سعت صحيفة "الزمان المصرية" لخلع جلباب من القداسة المفرطة على رئيس البلاد "عبدالفتاح السيسي"، وهي عبارات كانت بالمقابل مدعاة لعاصفة من الاستهزاء في أوساط شعب يعرف من أين تؤكل كتف السخرية، إلى درجة التعليق: "ألم يكلم السيسي الناس في المهد أيضا؟".. "في انتظار أن يوحى إليه إن شاء الله".
فتحت عنوان "اسرار تكشف لأول مرة عن حياة الرئيس السيسي"، نشرت صحيفة "الزمان" خليطا من الأقاويل، المتعلقة بولادة "السيسي"، مثل: "خرج من بطن أمه ساجدا، ولم يستمر في بكائه سوى لحظات، وتبسم لمّن حوله"، في مشهد يريد الإيحاء بأن المولود ليس سوى نبي!
وحتى تكتمل طقوس رواية التقديس، نسبت الصحيفة إلى "الداية" التي ولدته قولها: " كل ولاد المنطقة ولدوا على يدي، ولادة الطفل نادرة ما شوفتهاش مع حد قبله ولا حشوفها مع حد بعده... الطفل ده سيكون له شأن عظيم بكرة بإذن الله".
التقرير المليء بروايات شاذة وأخطاء شنيعة، حتى في نسخ إحدى آيات القرآن الكريم، قال إن والد السيسي كان يستمع لآيات من سورة عمران تتحدث إحداها عن تبشير النبي زكريا بيحيى الذي سيكون "مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين".
ومضى التقرير منوها بأن "السيسي" في صغره رأى "سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم" عدة مرات في منامه، وأن من فسر لوالد "السيسي" رؤى ولده، قال له إن "عبدالفتاح" سيكون له "شأن عظيم"، وهو عين ما قال به قارئ القرآن الشهير "محمود خليل الحصري"، بل أضاف عليه متنبئاً بأن السيسي الصغير "سيكون استكمالا لمسيرة محمد الفاتح وطارق بن زياد وسيف الدين قطز وصلاح الدين الأيوبي... لعل وعسى أن يكون تحرير الأقصى على يديه"، حسب زعم التقرير، الذي ختم بنبوءة نسبها للروائي "نجيب محفوظ" تكهن فيها بوصول "عبدالفتاح السيسي" إلى الزعامة.
وفي الخلاصة، فإن التقرير حاول بكل الوسائل أن يظهر حاكم مصر الحالي وكأنه نبي، بل النبي بعينه، لكثرة ما حشد من إسقاطات تذكر بقصة مولد النبي محمد صلىالله عليه وسلم ، وهي شطحة جديدة تضاف إلى سجل شطحات انفرد بها الإعلام المصري في عهد الانقلاب، ولكنها لن تبدو مستهجنة كثيرا حينما نطلع على الشخصية التي أطلقتها وروجتها.. فمن هي؟
في صيف 2016 أطلقت امرأة مصرية مثيرة للجدل تدعى "إلهام شرشر" صحيفة وموقعا تحت اسم "الزمان"، منصبة نفسها رئيسا لمجلس إدارتهما وتحريرهما.
يحفل المكشوف من تاريخ "إلهام شرشر" بسلسلة من الأحداث والمواقف والتحولات اللافتة، سواء على الصعيد "المهني" أو الشخصي، فقد بدأت "شرشر" حياتها كمندوبة تسويق، ثم ترقت بشكل نوعي إلى صحافية بقسم الحوادث في جريدة الأهرام، أم الجرائد المصرية.
تعرفت "شرشر" إلى جامع الأموال الشهير "أشرف السعد"، وتزوجت منه لاحقا، قبل أن ينفصلا، لتقترن بـ"أمير القمع" في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، أي وزير داخليته "حبيب العادلي".. و"السعد" و"العادلي" اسمان رنانان في مصر إلى درجة كبيرة، فالأول لايزال صدى جمعه للأموال الطائلة وهروبه من مصر يتردد رغم مرور ربع قرن ونيف، والثاني ما يزال مائلا في ذاكرة شريحة من المصريين كرمز للتوحش والسطوة والفساد، ورمز للهروب من العدالة، حيث فر قبل أشهر من تنفيذ حكم بسجنه لمدة 7 أعوام، بل وذاب كملح في الماء.
في أيام "مبارك" كانت "شرشر" من جوقة المطبلين له، وقد منحها موقعها كزوجة لوزير الداخلية سلطات كبيرة حتى باتت من الآمرين الناهين في جريدة "الأهرام"، وتحولت من مجرد صحافية مغمورة إلى كاتبة كبيرة، تفرد لها المساحات لتكتب وتقول في تدبيج المدائح بحق النظام ورجاله، ومن بينها مقالة بعنوان "فارس للأبد" تصف فيها مبارك.
وصلت سطوة "شرشر" إلى درجة تلقيبها بـ"السيدة الثانية" في محاكاة للقب "السيدة الأولى" الذي استأثرت به "سوزان" زوجة مبارك، وهو أمر لم تكن لتجرؤ عليه لولا قوة سطوتها وسطوة زوجها "العادلي" الذي ظل رجل أمن النظام المطلق، متربعا على قمة هرم وزارة الداخلية 14 عاما متوالية.
بعد الثورة المصرية، باتت "شرشر" في دائرة الملاحقين والمتهمين بالفساد، فتم الحجز على ممتلكاتها، واستدعيت للتحقيق من قبل جهاز الكسب غير المشروع، فادعت أن ما تملكه من ملايين تلقته من طليقها "أشرف السعد" إبان انفصالهما، لكن طليقها كذب ادعاها هذا.
وإثر هروب زوجها وزير الداخلية الأسبق "حبيب العادلي" استدعيت "شرشر" للتحقيق معها في الواقعة، فنفت علمها بأي شيء وامتدحت زوجها معتبرة أنه ليس من النوع الذي يهرب.
ضمن التحولات التي شهدتها مصر، تحولت "شرشر" من موقعها كزوجة لوزير عرف بأنه من أعتى وزراء مصر في محاربة الإسلاميين إلى "كاتبة إسلامية"، بل وإلى شبه داعية، مع ارتدائها للحجاب.
ورد اسم "شرشر" في تسريبات "وثائق بنما" باعتبارها أحد المتورطين في قضايا فساد واختلاس أموال عامة، إلى جانب نساء هرم السلطة، مثل: سوزان ثابت زوجة الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكذلك زوجتي علاء وجمال مبارك.
ارتبط اسم "إلهام شرشر" بقضية اختفاء مساعد رئيس تحرير الأهرام "رضا هلال"، الذي مضى على تغييبه 14 عاما، دون أن يعرف مصيره على الإطلاق.
وعرف "هلال" بمعارضته لمساعي مبارك من أجل توريث الحكم لابنه، وهو ما يبدو أنه أثار حنق مبارك فكلف وزير داخليته "العادلي" بمعالجة الموضوع على طريقته، فجرى اختطاف "هلال" عام 2003، ومن يومها لا يزال غيابه ملفوفا بحجب سميكة من الغموض.
حاول البعض فك غموض اختفاء الصحافي الشهير، فلجأ إلى الرسائل الصوتية التي وجدت على "المجيب الآلي" لهاتف "هلال"، فوجد فيها رسالة بصوت نسائي، ولدى تحليل الصوت من قبل خبير ومضاهاته بصوت "إلهام"، تبين أن الصوتين متطابقان تماما... ومع ذلك فإن "إلهام" أصرت على الإنكار لتبقى حادثة الاختفاء طي المجهول والتكهنات المتضاربة.
يقول الصحافي المصري المعروف "محمد الجارحي" إن "إلهام" هي شقيقة "أسامة شرشر" صاحب جريدة النهار ورئيس تحريرها، و"أسامة شرشر" معروف في الوسط الصحفي المصري بدعمه لنظام الانقلاب، هذا داخليا، أما خارجيا، فـ"أسامة" لم يدخر جهدا في ترويج دعاية بشار الأسد لما تشهده سوريا، من أنه يحارب "الإرهاب" ويسعى لتحرير سوريا منه، وعلي سبيل المثال فقد أفرد "شرشر" في جريدته مقالا كاملا للتغني بـ"تحرير حلب"، مما جاء فيه:" وأخيراً استطاع الجيش السوري أن يحرر حلب من قبضة داعش وشركائه من الإخوان وغيرهم من القتلة في الوقت الذي ظل فيه المجتمع الدولي يقف صامتاً ومرتعشاً أمام هذا الغزو الإرهابي المنظم"، بل وذهب "أسامة" في إحدى مقالاته أبعد من ذلك حين اعتبر أن "بقاء بشار الأسد" جنب مصر من الوقوع في "كارثة".
وخارج إطار الصحافة، ارتبط اسم "أسامة شرشر" النائب في البرلمان المصري بفضيحة مدوية صيف 2016 وبالتزامن مع شهر رمضان المبارك، حين نشر على مجموعة خاصة بأعضاء البرلمان تضم أكثر من 250 عضوا (بين رجال وسيدات) مقطعا جنسيا، وأقر ضمنا أنه من قام بنشر المقطع، عازيا الأمر لمشكلة في هاتفه، ثم عاد ليقدم خطابا رسميا إلى السلطة المختصة يدعي فيه أن هاتفه الجوال تعرض للقرصنة، التي أسفرت عن "إرسال رسائل وفيديوهات مسيئة وغير لائقة، على مجموعة واتساب الأمانة العامة لمجلس النواب وغيرها من المجموعات الأخرى".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية