أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"حراك" السعودية بين محورين متكاملين متناقضين وروح ساخرة تقدم "خدمات ثورية"

الرياض - أرشيف

قد لايبدو الأمر متطابقا، لاختلاف طبيعة الشعبين والبلدين وظروفهما الداخلية والمحيطة، ولكن "الحراك" الذي يسوق له فئة من السعوديين، أحدث نوعا من الانقسام، يعيد إلى الأذهان أجواء سبق لسوريا أن عاشتها قبيل اندلاع الثورة.

فمن خلال تتبع "مزاج" السعوديين على مواقع التواصل، يظهر أن انقسامهم حيال "حراك 15 سبتمبر" الموعود يوم غد الجمعة، ما زال يسير في بداياته أفقيا، أي إن انتشار الانقسام لم يبلغ مداه، لكنه أخذ في التبلور عموديا، وبمعنى آخر أخذ في شطر الناس بشكل حاد إلى موال ومعارض.

حدود الموالاة والمعارضة هنا، لايمكن أن يلمسها إلا من عاش في السعودية وعايش أهلها وخبر بتقسيماتهم وانتماءاتهم القبلية والمناطقية، وتركيبة الحكم في بلادهم، وطريقة تعاطيهم مع الأحداث من حولهم، والدور المحوري للدين في حياتهم.

ومن هذا المعطى الأخير، لم يكن غريبا أن تسارع السلطات السعودية للعمل على محورين متكاملين ومتناقضين في آن معا، الأول: اعتقال دعاة، والآخر: الاستعانة بدعاة!، فاعتقلت عددا من الشخصيات الدينية المؤثرة من أمثال: "الشيخ سلمان العودة" و"الشيخ عوض القرني"، بدعوى التورط في أعمال تخل بأمن المملكة، واستعانت بطائفة أخرى من الدعاة ليتحدثوا عن "نعمة الأمن والأمان" ويذكروا الناس بفضيلة دوامها ويحذروهم من عواقب فقدانها، ومن هؤلاء مشاهير أمثال: "الشيخ عبدالعزيز الفوزان"، "الشيخ عائض القرني"، "الشيخ "محمد العريفي"، وهذان الأخيران بالذات سبق لهما أن عانيا تجربة الاعتقال في السجون السعودية من قبل، بسبب آرائهما.

وبالعودة إلى السوريين وعلاقتهم بالأمر، نجد أنهم قد يكونون من أقدر الناس على تحسس ما ينتظر المملكة، بحكم خوضهم تجربة الانقسام، ومعرفتهم بملامحه، واكتوائهم بناره التي تبدأ بشرر من مستصغر حادثة أو موقف، ثم تنتهي إلى كرة لهب تتدحرج دون أن يعرف أحد متى تخمد أو أين تتوقف.

كما إن السوريين بالمقابل من أكثر من خبر معنى مصادرة الرأي وعواقب إحصاء أنفاس الناس، ومخاطر صب جام التخوين على كل من خالف رأي حاكم البلاد، بوصفه "الذات" التي لا يمكن أن تخطئ أو يمسها نقص أو يشوبها فساد.

ويضاف إلى ذلك كله، مجموعة الدروس التي أفرزتها التجربة السورية، من عبثية استهتار السلطات بتطلعات الشعب، إما من باب أن الجميع "ملتف حول القيادة الحكيمة" أو من باب "نحن لسنا مصر أو ليبيا أو..."، ليتبين لاحقا أن ليبيا ومصر لم يعد لهما ذكر أمام سوريا، حين يتم الحديث عن الكوارث. 

وإزاء هذه التطورات، يبرز من بين السوريين متخوفون على مستقبل نحو 2.5 مليون من أبناء بلدهم في السعودية، لن يكون لهم من مأوى أو ملاذ إذا بدأ وضع المملكة يتغير، كما يبرز من يتعاطون مع الأمر بروح السخرية اللاذعة، التي تميل للتهكم على وضع سوري "واقع" محاولة إسقاطه على وضع سعودي قد يقع.

ومن هنا لم يكن غريبا، أن يسارع البعض لعرض "منتجات ثورية" على السعوديين بـ"أسعار منافسة"، مثل: "خدمات تأمين انشقاق ضباط وجنود"، "كتالوجات تشكيل: مجلس وطني، ائتلاف، هيئة تنسيق، منصات متنوعة.. موسكو، القاهرة..."، "استشارات في تأسيس جيش سعودي حر"، "خدمات: تمويل، إغاثة، نشاط إعلامي"، "دليل تشكيل الكتائب والفصائل بأنواعها"... إلخ، وهي كما يلاحظ تعبيرات لاذعة للغاية في مدلولاتها، انطلاقا من أن السخرية هي الأداة التي يمكن أن تنجح في إيصال المراد حول قضية بالغة التعقيد، حينما تفشل بقية الأدوات.

في الخلاصة، هناك "حراك" ما، أقله على مواقع التواصل (افتراضي)، تشهده السعودية، ولا أحد يستطيع الجزم بكيفية تواصله، ولا بإمكانية تحوله إلى حراك ميداني (واقعي)، فضلا عن أن يتكهن بنتائجه وتداعياته التي تبقى رهن الغيب، كما كانت من قبلها تفاصيل تجربة السوريين، الذين لايملكون اليوم إخفاء هواجسهم ولا النأي عن روح السخرية المحملة بالمرارات، وهم يتابعون هذا "الحراك".

إيثار عبدالحق –زمان الوصل
(115)    هل أعجبتك المقالة (121)

سعود

2017-09-15

مافي شي ولا رح يصير شي والبلد فيها الأمن والأمان بكفينا ربيع خ......


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي