قالوا في المثل اللي بيتو من قزاز ما بيرمي الناس بحجار ..ولا أظن هذا المثل ينطبق في أي مكان في الدنيا بقدر انطباقه على العلاقة بين المسؤولين في الحكومات الأردنية والصحافة ، فبحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه يستطيع القاصي والداني أن يتحدث وبإسهاب عن الأوضاع الإدارية والمالية والسياسات الفاسدة التي تتبعها كثير من مؤسسات ودوائر الحكومة الأردنية ولا أظن أسòبوعاً يمضي دون أن نسمع بفضيحة كبيرة وقعت في مؤسسة كبرى أو كان مسؤول مهم طرفاً فيها إضافة إلى كمشة فضائح صغيرة تتناثر هنا وهناك يكون أبطالها موظفين ومسؤولين حكوميين من درجات مختلفة ومواقع متنوعة مما يجعل بالضرورة بيت الحكومات الأردنية عموماً من «قزاز» ومع ذلك نراها لا تتوانى أبداً عن رشق الناس -في هذه الحالة الصحافة- بالحجارة بداع وبغير داع وما يجعل المسألة أكثر مأساوية أن المسؤول أو المؤسسة كلما زاد زجاج بيته رقة يزداد رشقاً لحجارته ثم إذا ما ردت عليه الصحافة رشقاته أو تسببت بانهيار بيته الزجاجي فوق رأسه تجده وسواه يعتب ويغضب ويحمل على الصحافة والصحفيين محولاً المسألة إلى قضية شخصية وهجوم يستهدفه بشخصه لابمنصبه ناسياً حجم أخطاءه أو أخطاء مؤسسته وناسياً أو متناسياً أنه في منصب عام وجزء من واجباته أن يخاطب العامة ويجيب على تساؤلاتهم والتي غالباً ما يكون الاعلام والصحافة منبرها وصوتها.
ومن الأمثلة الصارخة على هذه الحالة الموقف المعلن لمعالي وزير الصحة الدكتور صلاح المواجدة من الصحافة حيث انه من اليوم الأول له في منصبه وهو يتحارش بالصحافة والصحفيين بكل الصور الممكنة ظاناً أن أسلوب التخويف أو الاهانة أو سواه من أساليب اتبعها الوزير في تعامله مع الصحفيين هي أساليب مناسبة للحوار مع البشر حتى لم يبق أمامه سوى تعين فتوات لـ «يربي» بهم بعض الصحف والصحفيين وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر تصريح معاليه الأخير حول مستشفى الأمير حمزة الذي أطلقه خلال مؤتمر صحفي بالكاد أجاب فيه الوزير على أسئلة الزملاء ، حيث انتقد وعلى طريقة قلم قايم أداء الصحفيين والكتاب في تعاطيهم مع المسألة مؤكداً أنه لانية لبيع المستشفى، بل وقائلا:« مين الاهبل اللي بدو يشتريه؟!»، ولا ادري هل نسي معاليه من الذي انشأه ام انه يلمز من جانب الحكومة، سواء تلك التي انشأته او الحالية التي ازداد حاله سوءا في عهدها؟ ومتجاهلاً أن الجميع يعلم أن لانية لبيع المستشفى لكن خصخصة إدارتها ورفع أسعار المعالجة بها وتعيين مجلس إدارة مستقل لها هو الخصخصة بعينها فما الفائدة من أن تبقى الحكومة مالكة للحديد والحجارة فيما جهة خارجية تتحكم بالأسعار والإدارة؟ ورغم أن كل من كتب في المسألة يعلم هذا الواقع ويتحدث عنه إلا أنه وبسبب اغماض الوزير لعينيه أمام كل ما له علاقة بالصحافة فقد تحدث بهذه السلبية دون أن يشعر بأي غضاضة فيما قال.
وقبل هذا التصريح بيوم أو يومين فوجيء عدد من موزعي ومندوبي الصحف عندما حاولوا تسليم وزارة الصحة نسخها من صحفهم بأن معالي الوزير قد أصدر تعميماً منع فيه دخول الصحف الأسبوعية إلى الوزارة، أيضاً لسبب لايعلمه إلا الله وكأن الصحافة الأسبوعية هي رجس من عمل الشيطان يرى معالي وزير الصحة أن وزارته أرفع من أن تسمح له بدخول حرمها، وفي ذا ت الوقت نسي معاليه أن فعله يعتبر هدراً للمال العام لأن أثمان هذه النسخ مدفوعة مسبقاً من قبل الوزارة.
وقبل هذا التعميم أيضاً كان وزير الصحة قد منع مندوبا لإحدى الزميلات من دخول مستشفى الأمير حمزة وقيل أيضاً أنه حتى منعه من دخول الوزارة وكأن هذه المرافق هي مزارع خاصة مملوكة للدكتور صلاح يتصرف بها كيف شاء
حملة وزير الصحة على الصحافة والصحف حملة اعتباطية أشبه بحرب غير محقة بدأها الوزير منذ بداية تسلمه للمنصب رغم أن كثيراً من الصحف قد استقبلته أحسن استقبال وتمنت له عهداً زاهراً فكان رده بصفع الصحافة في كل حين على الرغم من أن كل ما كتب هو وقائع صحيحة وإلا لكان معاليه قد حرك عشرات القضايا ضد الصحف لكن لعلمه بأن هذا هو واقع وزارته وأن بيتها من زجاج هش لم يسلك الأسلوب الحضاري والقانوني واختار أسلوب رشق الحجارة عله يرهب كلمة الحق ويلجمها بالخوف.
وبعد هذا تبقى العديد من الأسئلة العالقة ... مثل لماذا هذه الحملة ؟ ولماذا السكوت عليها من قبل الدولة ؟ وإلى متى ستبقى الحكومات تتعامل مع الصحف إما كشيء رخيص يرشى ويشترى أو عدو لدود يجب أن يحارب؟ أسئلة عديدة نتمنى على أحد ما أن يجيب عليها
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية