لم يكن قد تجاوز الثامنة من عمره عندما بدأت موهبة الشاب السوري "أمير حميد" في الرسم، وارتسمت ملامح مستقبل ينتظر إبداعه، ومثل أقرانه من الأطفال الآخرين راحت أنامله تبدع رسومات عفوية رشيقة، ومع نموّه اتجه لتقليد رسوم "أنيمي" (Animation) التي تعبر عن شخصيات القصص اليابانية المعروفة، وتعني كلمة "أنيمي" في اللغة الإنجليزيّة الحركة أو الشّيء المتحرّك، وعُرف هذا الفن خلال فترة الستينات من القرن الماضي متخذاً إلهامه الأول من أعمال المؤلف والمُخرج اليابانيّ (أوسامو تيزوكا).
وأشار والد أمير "ماهر حميد"-مهندس عمارة- لـ"زمان الوصل" إلى أن ابنه تعرف على هذا الفن عن طريق الإنترنت وحلم منذ سنوات أن يذهب لدراسته في اليابان كونها الأشهر في هذا المجال، لكنه لم يستطع بسبب صعوبة حصول السوري على فيزا إلى هذا البلد الآسيوي.
درس أمير الذي ينحدر من مدينة الرقة مراحل ما قبل الجامعة في مدارس المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، عدا المرحلة الثانوية التي درسها في مدرسة "القلعة الحجازية" وهي من أهم المدارس في المدينة، واعتاد –كما يقول والده- على المشاركة في المعارض الفنية وذات يوم -كما يروي محدثنا- طلب مدير المدرسة من أمير أن يرسم لوحة للملك لتهدى لمدير عام التعليم فرسم لوحة بقلم الرصاص وأخذها معه في اليوم الثاني للمدرسة.
وتابع والد الشاب الموهوب بتباهٍ أنه ذُهل من اللوحة حين اصطحبها في السيارة إلى المدرسة لدرجة أنه أوقف السيارة ليدقق فيها، والطريف –كما يقول- أن إدارة المدرسة اختارت لوحه أمير لتقدمها كهدية واستبعدت اللوحة التي رسمها أستاذه.
اجتاز أمير الشهادة الثانوية "البكالوريا" منذ شهر وحصل إثرها على منحة كاملة لدراسة هندسة العمارة وهو المجال الذي تخصص فيه والداه وبدا الأقرب إلى موهبته الفنية.
وروى محدثنا أنه ترك لابنه الخيار، فاختار هندسة العمارة رغم أن شقيقتين له تدرسان الطب، مشيراً إلى أنه خضع لمقابلة أمام لجنة القبول وكان أداؤه مميزاً لدرجة أن أحد أعضاء اللجنة أعلن عن إعطائه منحة كاملة أثناء المقابلة، علماً أن التصويت عادة يتم بعد إنهاء المقابلات ومداولات تستمر لأيام.
يميل الفنان الشاب إلى رسومات الـ"أنيميشن" بألوانها الزاهية، ولكنه يرسم أشخاصاً معروفين إذا طُلب منه ذلك ويحب اختراع شخصيات من خياله، وغالباً ما تكون بمقاييس مختلفة عن المقياس الإنساني، إلى جانب حرصه في معظم لوحاته على إظهار التفاصيل الدقيقة في وجوه وملامح شخوصه.
ولفت محدثنا إلى أن ابنه يرفض أن يرى أحد رسوماته حتى ينتهي منها، لكنه يعاني أحياناً عند رسم حركات صعبه للأيدي، فيحضر ويطلب منه أن يضع يده بذات الحركة التي يود رسمها لكي ينقلها.
ولفت محدثنا إلى أنه أرسل ابنه منذ أيام إلى دمشق ليخالط بعض الفنانين ويشاهد تجاربهم ومنهم "أسعد فرزات" "أريا عاطي" و"ملاك عابدة" من سوريا، ومن العراق "ابراهيم علي" والفنان الكبير "منير العبيدي" الذين أثنوا على موهبته وطلبوا منه الاهتمام بها وعدم إهمالها.
وأعرب والد أمير عن اعتقاده بأن ابنه سيعود من الشام بأفكار جديدة، لأنه سيرى ما لم يتوقع أنه موجود.
وبدوره قال الفنان التشكيلي "أسعد فرزات" لـ"زمان الوصل" إن "القليل من الأشخاص من يمتلكون موهبة مبكرة و"أمير" واحد منهم".
وأردف "من خلال قراءتي لأعماله لاحظت مدى تمكنه من قوة الخط والتشريح ومتانة التكوين رغم أنه لم يتعلمها عن طريق الكليات الفنية بهذا المجال لصغر سنه".
وأعرب فرزات عن اعتقاده بأن السنوات القادمة ستضيف إلى تجربة هذا الفنان الشاب المزيد من الإبداع في هذا المجال وسيدهشنا أكثر.. لنتذكر هذا الاسم".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية