أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العيد الأول للسوريين الواصلين من "عرسال" إلى القلمون الشرقي

صورة من ادلب لعيد الأضحى - رفض من تم اجراء اللقاء معهم التصوير - زمان الوصل

يحل عيد الأضحى لهذا العام ضيفاً ثقيلاً على النازحين في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، إذ يحمل معه ذكريات قاسية تحاول الحرب طمس ما تبقى من معالمها، لكن حفاوة استقبال أهالي المنطقة لهم أعطاهم فرصة لالتقاط أنفاسهم، ومنحهم الأمل للعيش بأمان مجدداً، ناهيك عن أنه قلل من شعورهم بمرارة الغربة عن بلداتهم.

"أم علي" سيدة في 55 من عمرها، وصلت إلى مدينة "الرحيبة" قبل أسابيع ضمن القوافل التي أقلّت "سرايا أهل الشام" من جرود "عرسال" إلى المنطقة، وتبيت حالياً في إحدى المدارس التعليمية التي تمّ تخصيصها لإيواء النازحين الواصلين حديثاً إلى المدينة بشكلٍ مؤقت.

تقول في حديثها لـ"زمان الوصل" منذ سنوات ونحن نعاني مرارة النزوح من بلدةٍ إلى أخرى، ومرّ وقتٌ طويل على الاحتفاء بهذه المناسبة، ولا سيما في ظل الأيام العصيبة التي عشناها في مخيمات "عرسال"، أيامٌ يسودها الخوف والقلق المتواصل من المداهمات والاعتقالات المفاجئة لـ"الجيش اللبناني" و"حزب الله" على حدٍ سواء.

وأضافت أن قدومها برفقة عائلتها إلى "الرحيبة" منحهم فرصة لالتقاط أنفاسهم المثقلة بالهموم والمآسي بعد أن أتعبهم الحصار والنزوح، فالحياة في المخيمات قاسية جداً، بسبب الحالة المعيشية القاسية جراء النزوح المتكرر من مكانٍ إلى آخر، وأصوات الرصاص التي تحيط بها من كل جانب.

وعن عيد الأضحى في "الرحيبة" أوضحت "أم علي" أن هذا العيد مختلف بصورة كبيرة عن الأعياد السابقة، لقد وجد أولادي لأنفسهم بعض الأصدقاء وذهبوا برفقتهم لأداء صلاة العيد، في حين يخطط أحفادي للذهاب مع بقية أطفال الحي الذي نبيت فيه إلى حديقة الألعاب للعب واللهو والترويح لبعض الوقت عن أنفسهم، ونوّهت كذلك إلى أن أجواء العيد في "الرحيبة" جميلة، ومظاهر الفرح تبدو واضحة على الأهالي رغم ما تعيشه هذه المدينة من حصار، كما أني تبادلت التهاني والتبريكات مع بعض النسوة في الحي.

واستطردت بالقول: "قدّم لنا جيراننا الحلويات والطعام وهم ودودون جداً ولم يبخلوا علينا منذ اليوم الأول لقدومنا إلى هنا، وهذا يخفف علينا قليلاً من وطأة الظروف المعيشية الصعبة".

لكن الوضع يبدو مختلفًا قليلاً بالنسبة لـ"أم عمار" وهي أم لأربعة أطفال، نزحت قبل حوالي ثلاث سنوات من الغوطة الشرقية، إلى مسقط رأس زوجها في "الرحيبة" وتعيش منذ ذلك الوقت في منزلٍ سكني مستأجر، ووفقًا لما أشارت إليه "أم عمار" فإن هناك مفارقات معيشية كبيرة بين بيت وآخر نظراً لتفاوت الإمكانيات، ومن أجل العيد اكتفت معظم العائلات الفقيرة بمتاعٍ بسيط.

وقالت في تصريح خاص مع "زمان الوصل" أصبحت الحياة المعيشية مكلفة جداً على النازحين لأنهم لا يملكون شيئاً، وبالرغم من أن زوجي يعمل في مجال "الحدادة" إلا أني لم أتمكن من شراء كافة الملابس لأطفالي، بسبب ارتفاع الأسعار وضيق الحال، علماً أني لجأت إلى شراء الثياب زهيدة الثمن، لكني لم أفلح بكسوة جميع أطفالي في هذا العيد.

وأضافت أنها تحرص إلى جانب زوجها في صباح كل عيد، على إعطاء "العيدية" لأبنائهم الثلاثة، في محاولةٍ منهما لتعويض أطفالهم عن أجواء العيد، واعتبرت أن "العيدية" طقس أساسي من طقوس العيد، مهما كانت الظروف الاقتصادية سيئة، لكونها تضفي طابعاً مميزاً على العيد، كما أنها الشيء الوحيد الذي قد يُشعر الأطفال بالعيد وسط هذه الأجواء الصعبة.

وتابعت حديثها بالقول: نستعيض عن حلويات العيد بأصناف رخيصة من المعجنات، وبعض السكاكر أيضاً، ونقتصد في كمياتها قدر الإمكان، ولابدّ من فرحة العيد، والحلويات ذات تأثير قوي في نفوس الأطفال.

بدورها، قامت السيدة "وفاء" وهي مُدّرسة "فنون نسوية" متقاعدة في المنطقة، بمبادرة فردية إنسانية فريدةً من نوعها، حيث لجأت إلى صناعة الحلويات المنزلية بمساعدة بناتها، وخصصت القسم الأكبر منها للعائلات الفقيرة والنازحة مؤخراً إلى منطقة القلمون الشرقي.

وترى الأستاذة "وفاء" أن الظروف المعيشية حرمت الكثيرين من بهجة العيد، ويتوجب علينا كأبناء منطقة التخفيف عن العائلات النازحة ومشاركتهم بالفرح والبهجة، فالعيد يحمل في طقوسه الرحمة والقيم المثلى التي يجب الحفاظ عليها بين الناس.

زمان الوصل - خاص
(185)    هل أعجبتك المقالة (258)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي