أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الطفل السوري "محمد منصور".. غابت الأطراف وحضرت العزيمة

الطفل "محمد".. بانتظار من يزرع له الأمل

(إن أعطيناك سبعا من المآسي والحزن العظيم، هذا ما قرأه الأب) "خالد منصور" من طالعه وهو يهم بحمل رضيعه "محمد" لأول مرة ليؤذن له في أذنيه كعادة العائلات السورية عندما ترزق بطفل، تعوّذ الأب من وساوس الشيطان الذي جاءه نذير شؤم، ليزعزع له تسليمه بقضاء الله وقدره وتابع يكمل أذانه في صيواني رضيعه مستحضراً جميع ما في قلبه من إيمان وصبر ليهرب من هول ما شاهدت عيناه وتحسست يداه فرضيعه الوليد بلا أطراف علوية.

غابت نشوة العناق وتلاشت كسحابة صيف من اللقاء الأول بين الأب وولده.

فلا يدين للطفل الرضيع محمد ليطوق بهما عنق والده الذي بدا أنه قد كسره الحزن "وحناه" للأبد.

سبع سنوات عجاف مرت على هذا الجسد الطفولي بدون أن يمارس أي لعبة، يقول الأب "خالد" مدرس اللغة العربية، "لم يلعب محمد أي لعبة مع أقرانه في أحياء "منبج" بريف حلب وضواحيها، كان عليه أن يراقبهم وقد يشجعهم أحيانا، لم يلمس (الدحل) ولم يرشق رفاقه بالثلج".

وكم تمنى الأب "خالد" لو أن لدى طفله يدين كباقي رفاقه ليتمكن بالإمساك بقميص أحدهم ليركض معهم وهم يلعبون لعبة "القطار" ويجوبون شوارع بلدتهم "منبج" وأحيائها من محطة إلى أخرى.

الحرب وحدها من شاركت ذلك الجسد الطفولي لعبتها، لعبة لم تبخل عليه بكل مشاهد القتل والدمار والدم الذي خيم على كل حي من أحياء بلدته، لعبة انتهت بهروب الأب خالد وعائلته إلى مخيمات لبنان.


مدرس اللغة العربية "خالد" وزوجته لم يتمكنا وسط هذه الغربة واللجوء القاسيين من الحصول على عمل، فخالد تحول من مدرس كان يرفع الفاعل والمبتدأ إلى عامل أصبح يرفع الحجارة والأتربة والرمال للطوابق العلوية ليؤمّن لعائلته كفاف يومها، ولم ينس يوماً وهو في طريقه إلى ورشته أن يمر على كل ما تقع عيناه عليه من مشافٍ ومنظمات ولجان طبية علهم يجدون علاجاً لفلذة كبده "محمد"، غير أن مناشدته وبحثه كانتا تذروهما الوعود والرياح.

الناشط في المجال الإنساني "محمد القصاب" قال لـ"زمان الوصل": "منظمات الأمم المتحدة ولجانها العاملة على الأرض اللبنانية تغض الطرف عن عشرات بل مئات الحالات التي تشبه حالة الطفل "محمد" (8 سنوات) ولا تقدم لها أي تسهيلات لنقلها وعلاجها في الخارج في الدول القادرة على تأمين وزراعة أطراف، فلا يمكن لهكذا حالات أن يقوم بها شخص بمفرده".

الطفل "محمد" لازال يتدحرج برشاقة وخفة داخل أجواء مسكنه ليتدرب على قضاء حاجياته بنفسه، يتدحرج ويتدرب وكله أمل وإيمان بخالقه بأن يدين "كريمتين" ستمتدان له يوماً لتنشلاه من عجزه وضعفه، وتكونا سببا في تحقيق حلمه بأن يمتلك مثل بقية أصدقائه يدين يلعب بهما (الدحل) ويرشق بهما رفاقه بالثلج، ويمسك بقميص واحد منهم ليلعبوا لعبة القطار.

زمان الوصل
(211)    هل أعجبتك المقالة (194)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي