تواصل قوات النظام السوري خروقاتها لبنود اتفاق "المصالحة" الذي أبرمته مع "المقاومة" في بلدة "كناكر" في "ريف دمشق" الغربي، منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الفائت، ولا سيما أنها اعتقلت مؤخرًا أشخاصًا ممن خضعوا لتسوية وضعهم الأمني مع أجهزة النظام، وذلك على الرغم من تعهداتها السابقة بعدم التعرض بالأذى لأبناء البلدة.
في السياق ذاته، قال الناشط الإعلامي "عبد الله أيوب" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" إن عدد حالات الاعتقال التعسفي التي تمّ تسجيلها خلال الأشهر الثلاثة الماضية على حواجز النظام التي ما تزال تحيط حتى اللحظة بالمداخل الرئيسة لبلدة "كناكر"، بلغ نحو 20 شخصًا من أبناء البلدة من بقي معتقلًا ومنهم من خرج، مشيرًا -في الوقت نفسه- إلى أن بينهم ثمانية أشخاص تّم اقتيادهم مباشرةً للالتحاق بالخدمة العسكرية بعد انتهاء مدة التأجيل الممنوحة لهم ومقدارها ستة أشهر، ضمن اتفاق "المصالحة" الموقع نهاية العام الماضي.
وأضاف، أن فرع "الأمن العسكري 220" يشن من حينٍ إلى آخر حملات اعتقال تعسفية في المنطقة، كان آخرها قيامه باعتقال أربعة عناصر تابعين لـ"جمعية البستان" وهي ميليشيا شُكلت من المدنيين الذين انضموا لقوات النظام، بعد اتفاق "المصالحة" دون ورود أنباءٍ عن الأسباب التي كانت وراء اعتقالهم.
من جهةٍ أخرى، شهدت بلدة "كناكر" حادثة اعتقال جرت قبل أيام بحق الشاب "موسى الحوري" على أحد الحواجز المحيطة بالبلدة، جرى تحويله مباشرةً إلى فرع "الأمن العسكري" في بلدة "سعسع" بريف دمشق الغربي، ما أسفر عن نتج استنفار كبير بين أهالي وشبان البلدة، وقيامهم باحتجاز سيارة عسكرية لنقل الجند، إلى أن تمّ إطلاق سراح الشاب بعد التواصل مع المسؤولين في فرع "سعسع" الذي طالب بتسليم السيارة العسكرية مقابل إخلاء سبيله.
بدورها أفادت شبكة "كناكر وادي العجم" بأن الشاب "الحوري" يعمل في التجارة وجرى اعتقاله لتخلفه عن دفع الأموال للحواجز التي تعتبر المنفذ الوحيد لبلدة "كناكر" إذ لابد لجميع أصحاب الأموال والمحال التجارية وغيرها المرور عبر تلك ودفع الضرائب بشكل دوري للسماح لهم بإدخال بضائعهم التجارية.
وأوضحت في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" بالقول: لا تعدّ هذه الحادثة الوحيدة من نوعها التي تقوم فيها قوات النظام بمثل هذه الانتهاكات التي تثير الأهالي في بلدة "كناكر"، كما أن "اللجنة الأمنية" و"وفد المصالحة" عن البلدة، تلقوا تهديداتٍ واضحة وصريحة من شأنها أن تفاقم الوضع في حال عدم قدرتهم على وضع حدٍ لحملات الاعتقالات المتكررة التي تطال أبناء المنطقة.
ونوّهت الشبكة إلى أن الأهالي باتوا في الآونة الأخيرة على قناعة تامة أن "لجنة المصالحة" المؤلفة من "حمزة كنعان" و"سعيد ضاهر" و"لطفي السمان" و"علي الجاهوش" تتلاعب بمشاعر ذوي المعتقلين عبر إعطائهم وعود كاذبة، بغية تحصيل مكاسب شخصية وتنفيذ مشاريع أعضائها الخاصة، وسط اتهاماتٍ لهم بالتقصير في متابعة وحل قضايا المنطقة.
فيما يخص الأوضاع الحالية للمتخلفين عن أداء الخدمة "الإلزامية"، أكدّ "عبد الله أيوب" أن قوات النظام لم تلتزم بتطبيق كافة الشروط المُتفق عليها مع "المقاومة" و"لجنة المصالحة" بخصوص المتخلفين، إذ لم يتمكن سوى قسم صغير منهم من الحصول على تأجيل نظامي يبعده عن شبح الخدمة "العسكرية"، ما أثر سلبًا عليهم، ولاسيما طلاب الجامعات، الذين كانوا يعولون على الاستفادة من اتفاق "المصالحة" في العودة مجددًا لمقاعد الدراسة.
ووفقًا لما أشار إليه "أيوب" فإن عدد المعتقلين من أبناء بلدة "كناكر"، منذ بداية الثورة السورية، يقّدر بنحو 205 معتقلين، معظمهم من فئة الشباب المتخلفين عن أداء الخدمة الإلزامية أو خدمة الاحتياط في قوات النظام السوري، في حين تختلف فترة اعتقال أبناء "كناكر" المفرج عنهم، من شخصٍ إلى آخر، فمنهم من اعتقل قبل فترةً وجيزة من إتمام "المصالحة" والتوقيع عليها مع النظام، ومنهم من بقي سجينًا وراء القضبان لمدة تجاوزت الأربعة أعوام. حسب وصفه.
على صعيدٍ متصل، اضطر النظام في فترات سابقة إلى الدخول في صفقات مباشرة مع "المقاومة" للإفراج عن جزءٍ من "المعتقلين"، بالرغم من أنه يحاول التهرب بشكلٍ دائم من أي التزاماتٍ خاصة بملف "المعتقلين" في سجونه، أو حتى الكشف عن مصيرهم في مفاوضاته مع "المقاومة"، في حين تقوم بعض الشخصيات المحسوبة على النظام بمفاوضة أهاليهم من أجل تسليم المطلوبين، لقاء الحصول على مبالغ مادية كبيرة.
تقع بلدة "كناكر" في ريف دمشق الغربي، وتبعد عن العاصمة دمشق حوالي 40 كيلو مترًا، ويقطنها 24 ألف شخص، وتحظى بأهمية استراتيجية بالغة لدى النظام، لكونها تعدّ صلة الوصل بين مدينة "القنيطرة" و"الريف الدمشقي" و"درعا"، وهي محاطة بتشكيلات عسكرية تابعة لقوات النظام أبرزها (الفرقة الأولى، الفرقة السابعة، اللواء 90).
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية