رغم كل صفقاته التي تاجرت بأرواح ومستحقات مرتزقة الدفاع الوطني، حسب اتهامات الموالين أنفسهم، فإن كبير الشبيحة ومؤسس كيانهم في حمص "صقر رستم" باق ويتمدد، وكيف لا يكون له ذلك وهو ابن أخت ضابط القصر الذي لايرد له طلب "بسام حسن" أو "بسام مرهج".
واللافت أن كل تمدد جديد لـ"صقر رستم" وتوسع في سلطاته، يأتي كلما ازدادت شكاوى المرتزقة الموالين منه، وتذمرهم من تصرفاته، وكشفهم لـ"تجاوزاته"، وهو ما يصيب هؤلاء بمزيد من خيبة الأمل ويرفع لديهم مستوى الحنق من "قيادة" تصر على احتقارهم وازدراء كل ما قدموه في سبيلها.
*أمير أثريا
آخر تجليات تمدد "صقر رستم" كانت في تعيين صديقه في التغول والفساد "الرائد بسام حميدان العرسان" قائدا لمليشيا الدفاع الوطني في عموم البادية السورية، إلى جانب عمله الأساسي رئيسا لفرع الأمن في "الأمانة العامة للدفاع الوطني"، التي يترأسها "رستم" نفسه.
وجاء تعيين "عرسان" ليصب مزيدا من الزيت على نار الخلافات المشتعلة بين قيادات مؤثرة في "الدفاع الوطني" بحمص وبين "رستم"، وهي خلافات وصلت أصداؤها إلى صفحات التواصل، وبات مختلف مرتزقة حمص يتحدثون بها علنا، ومن بينهم قائد مركز حمص الحالي "أبو علي خلدون" وقائد قطاع ريف حمص الشرقي "لقمان قاسم"، الملقب بـ"لقمان الحكيم".
وفي هذا السياق، سارع "الحكيم" لإدراج منشور ينتقد فيه تعيين "عرسان"، واصفا إياه بأنه "أمير أثريا" في إشارة خفية إلى مشابهته لقادة تنظيم "الدولة".
"الحكيم" الذي يقود مليشيا مهمتها الدفاع عن خط النظام الطائفي على امتداد عشرات القرى في ريف حمص الشرقي، لم يكتف بالغمز واللمز، بل انتقل إلى التصريح مؤكدا أن هناك "ارتباطا" بين قائد مركز البادية (عرسان) وبين التنظيم، وأن هذا الارتباط جعله "يجيد التفاهم معهم".
وشن "الحكيم" هجوما عنيفا على "معلمه" السابق "صقر رستم"، مشيرا إلى خيانته لعناصر الدفاع الوطني الذين قاتلوا في حمص وأراقوا دماءهم، وما زالوا يتقاضون راتبا لايتجاوز 25 ألف ليرة شهريا (نحو 47 دولارا)، وهو راتب على هزالته لم يقبضوه منذ 3 أشهر، بسبب عرقلة "الأمانة العامة" بقيادة "رستم".
وحاول "الحكيم" عكس مقدار الغبن والصدمة التي يحس بها عموم المرتزقة في حمص، مع تعيين "عرسان" (الوافد الغريب) وتخصيصه بمركز "بمواصفات 5 نجوم"، في إطعامه وعرباته وعتاده، في حين أن أبناء المحافظة يتسولون مستحقاتهم، ويركبون عربات لاتصلح إلا أن تكون في مستودعات "الخردة".
ولكن اللوعة الأكبر لقائد مركز حمص ولـ"الحكيم" وأتباعهما، أن النظام "وصقر رستم" (ابن الطائفة) أصر على تسليم مركز البادية بكل أهميته واتساع البقعة الجغرافية المسؤول عنها إلى شخص من خارج الطائفة ومن خارج المنطقة، وكأن النظام و"رستم" يمدان لسانهما لكل مرتزقة حمص، ويقولان لهم إنهم غير أهل للثقة ولا لتسلم منصب من هذا الوزن.
وبالنسبة لـ"أبو علي خلدون" قائد مركز حمص، ولـ"الحكيم" قائد قطاع الريف الشرقي، جاءت خيبة تعيين "عرسان" مضاعفة، لأن الرجلين شنا قبل فترة معركة كسر عظم علنية ضد "رستم" وحاولا نشر ما يستطيعان من غسيله علنا على الصفحات، في تصرف استثنائي للغاية، لكن كل ذلك لم يثمر أبدا، بل انقلب عليهما، إذ أرسلت "القيادة" في دمشق لجنة تحقيق لتقف على أسباب هذا التصرف (نشر غسيل الدفاع الوطني القذر)، وأسندت أمور هذه اللجنة "الرائد بسام عرسان"، الذي يبدو أنه مارس عمله بإخلاص منقطع النظير لكل من "صقر رستم" وخاله مستشار بشار الأمني "بسام حسن"، فحول لجنة التحقيق إلى لجنة توبيخ لمرتزقة حمص ورموزهم، وخرج بنتائج تجرم كل من شارك ولو بإعجاب على منشور ينتقد "رستم".. ومن هنا لم يكن غريبا أن يتلقى "عرسان" مكافأة "الإخلاص" على شكل منصب جديد، سلمه زمام أخطر بقاع سوريا وأكثرها حساسية واتساعا.
*الضابط الصغير
يتكئ "بسام عرسان" في صعوده سلم النظام، على أكثر من ركيزة، أولها أبوه اللواء حميدان العرسان، المعروف بعلاقاته المخابراتية المتشعبة، ونفوذه في القصر الجمهوري، عطفا على امتداده العشائري (يتحدر العرسان من موحسن بدير الزور).
وكما خول "بسام حسن" ابن أخته "صقر رستم" بتشكيل عصابات "الدفاع الوطني" في حمص، جاء تخويل "بسام بن حميدان العرسان" ليشكل نواة الدفاع الوطني في الحسكة، عبر زج المئات المرتزقة فيما بات يعرف باسم "المقنعين"، نظرا لحرصهم على إخفاء وجوههم بالأقنعة.
ورغم كل "الزعامات" المؤيدة للنظام في الحسكة وأولادهم، ورغم وجود من هو أكبر منه سنا، وأقدم منه رتبة وخبرة، فقد استطاع "بسام عرسان" أن ينتزع هذا المنصب بكل صلاحياته منهم، وبدا أن كل شيء في المحافظة بات تحت أمرته من اللحظة الأولى لقدومه (عام 2012)، كونه مستندا في تحركاته إلى تعليمات وغطاء "القصر" ممثلا بـ"بسام حسن".
واستطاع "بسام عرسان" الضابط الصغير في الحرس الجمهوري أن يحول الحسكة كما أوصاه "القصر"، إلى واحة من التنكيل والخوف والإجرام، متجنبا في الوقت ذاته أي احتكاك جدي مع مليشيا "وحدات الحماية"، إلى أن حل عام 2015، حيث اندلعت اشتباكات واسعة بين الطرفين، تضعضعت إثرها سيطرة النظام على الحسكة، فعاد لعقد صفقة مع "وحدات الحماية"، قيل يومها إن أحد بنودها كان إبعاد "عرسان" عن قيادة "الدفاع الوطني في المحافظة، ونقله إلى دمشق.
لكن "عرسان" أثبت للجميع صحة عبارة "غضب القيادة رحمة"، حيث انتقل ليكون أقرب إلى "صقر رستم" وخاله المستشار الرئاسي، ويتحول من قائد مليشيا الدفاع الوطني في إحدى المحافظات، إلى المسؤول الأمني عن كل مليشيات الدفاع الوطني في كل المحافظات.
ومع تعيين "عرسان" قائدا لمركز البادية، سجل "صقر رستم" هدفا جديدا وفي الوقت القاتل في مرمى خصومه، الذين لن يكون أمامهم سوى ابتلاع ألسنتهم وتجرع مرارة الهزيمة، أو المخاطرة بشن حملة "فيسبوكية" جديدة على "معلمهم" القديم وكبريهم في الإجرام.. مخاطرة إن لم تكلفهم أرواحهم ومناصبهم وصلاحياتهم، فسترفع رصيد "رستم" مجددا وتمحضه ثقة "القيادة" التي يستجيرون منه بها!
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية