لم تعد ساحات المعارك "المزود" الرئيس الذي يسد "أفواه" القبور المفتوحة في محافظة مترامية الأطراف مثل حماة، بل بات هناك من ينافس تلك الساحات على دورها، ويسابقها في تقديم "القرابين" لاسيما في ظل تراجع حدة المعارك وتقلص حضور البندقية في الميدان، لحساب حضورها في أماكن أخرى.
وفي هذا الصدد، كشفت مصادر قضائية وثيقة الاطلاع لـ"زمان الوصل" عن أن محافظة حماة، بما فيها مدينتها التي تصنف ضمن أكثر المدن "هدوءا"، تشهد شهريا ما يقارب أو ينوف عن 100 جريمة قتل وشروع بالقتل، وهو معدل وسطي لا يخص فترة معينة، بل يشمل السنوات الأخيرة، التي تكاثرت فيها عصابات المرتزقة، وانتشر فيها السلاح بشكل مخيف، وبات حل المشاكل وتصفية الحسابات فيها يمر في أغلب الأحيان بفوهة مسدس أو بندقية.
*مجهولون
وكشفت المصادر عن الحال المزرية التي تعيشها منطقة "سلمية" بشكل خاص، حيث تستأثر بنصف حالات القتل والشروع فيه التي يتم تقييدها والتحقيق فيها شهريا على مستوى محافظة حماة ككل، منوهة بأن سعة التنوع الطائفي في حماة عموما، وسلمية خصوصا، أهّل هذه المناطق لتكون ميدانا خصبا للجريمة المنفلتة من كل عقال.
وأفادت المصادر أن العصابات التي سبق للنظام أن سلحها ودعمها ماليا ومنحها الحصانة، وجدت ضالتها في حماة وريفها، حيث لاقانون يعلو على قانون الغاب، ولاسلطة لنظام ولا لإيرانيين ولا حتى روس، عندما يتعلق الأمر بجريمة خطف أو سلب أو قتل ترتكبها تلك العصابات.
وبحسب المصادر فإن هناك نسبة ملحوظة من جرائم القتل التي تحدث خارج ساحات المعارك يتم تقييدها مباشرة ضد "مجهول"، حيث يعيش القضاة في عموم حماة رعبا حقيقيا من تصفيتهم على يد الجناة "المجهولين" المعروفين، في مكان لم تعد حياة الشخص فيه تساوي إلا ثمن طلقة.. طلقة غالبا ما يكون الجاني قد حصل عليها دون أن يسدد ثمنها.
وفيما تسجل بعض قضايا القتل التي يحقق فيها القضاة ضد مجهول، يذهب قسم آخر من قضايا القتل إلى "المجهول"، حيث تمتنع الأجهزة المختصة عن ملاحقة القاتل، إما لأنه مرتبط بها وتريد "رضاه"، وإما لأنه "أكبر" منها وتخشى سطوته، وهكذا تضيع دماء عشرات الأشخاص شهريا ممن يقتلون بصمت وبدم بارد.
تتنوع حالات القتل والشروع فيه التي تشهدها حماة يوميا، فهناك جانب من هذه الجرائم يحدث كنوع من تصفية الحسابات داخل مجتمع المرتزقة أنفسهم، وهناك جانب آخر يصيب أناسا عاديين، كل ذنبهم أنهم يعيشون وسط متعطشين للدماء، مهووسين بلغة النار.
وربما تعطي 3 جرائم حدثت قبل أيام عينة بسيطة على الانفلات الذي تغرق فيه محافظة حماة، والذي جعل منها مضرب مثل، إلى درجة بات يصح فيها القول إن "شيكاغو" هي "حماة الأمريكية"، وليس "حماة" هي "شيكاغو" السورية، بعد أن انتزعت المحافظة السورية "الراية" من المدينة الأمريكية الأشهر في معدلات الإجرام على مستوى العالم.
وتذكر لنا مصادرنا، أن "م.شعبان" الطالبة في كلية الطب البشري تلقت مؤخرا رصاصة في رأسها، حين كانت تقف في أحصن منطقة بكل المحافظة (باب مبنى المحافظة)، ولم تتوصل التحقيقات إلى الشخص الذي أطلق النار على الطالبة، ولا وجدت تفسيرا للإقدام الوقح جهارا نهارا على محاولة قتلها، التي أدت بها إلى العناية المشددة في مشفى حماة.
ويوم الأربعاء الفائت، تعرض سائق حافلة في "كراج حماة" لطلق ناري مصدره "مجهول" كالعادة، رغم وجوده في منطقة مزدحمة بالناس ومرصودة أمنيا من كل "الجهات المختصة".
وبالتزامن مع هاتين الجريمتين، شهدت مدينة "سلمية" جريمة قتل أخرى، ذهب ضحيتها شاب يدرس الهندسة اسمه "علاء العزو"، لمجرد أنه تدخل لنصيحة رجل يقارب السبعين من عمره يدعى "محمد دبيات"، كان يزجر أولادا يلعبون قرب سيارته، فما كان من السبعيني إلا التفاهم مع طالب الهندسة بالرصاص، فأرداه مضرجا بدمه.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية